مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 26-10-2007, 12:17 AM   #21
رجل الثلج
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2007
المشاركات: 273
الصديق أبافهد ...

_ في نظري _ أن سبب التخلف في عدم قبول الاجتهاد في المسائل الفرعيّة هو فرع من مشكلة أكبر منها وهي عدم قبول الحوار ؟ ...

وهذه المشكلة تحمل دوائر كبيرة , تأتي في مقدمتها التربية الاجتماعيّة على قبول الرأي الواحد , وهذه التربية يدور حولها السؤال الكبير : هل سببها الأول القديم _عبر التأريخ_ هو سياسي أم ديني ؟

لابد من سردٍ تأريخي لبداية المشكلة وكيف تكونت ( وسأختصر قدر المُستطاع ) :

من خلال التسلسل التأريخي للحضارة الإسلاميّة , وتشكل دولة الإسلام الأولى , وحين يأتِ الشاب للرسول صلى الله عليه وسلم بكلّ صراحة ويقول : أُريد الزنا فرخصه لي يارسول الله , يروي لنا الثقات العدول رضوان الله عليهم مشهداً رائعاً من الحوار وقبول التعاطي مع المشكلة لقلع جذروها _لاالرضى بها معاذ الله_ عن طريق الاقناع النبوي أو السحرالبياني : أترضاه لأمك !!؟ وتتوالى الأسئلة تباعاً يكسر الواحد بعد الآخر تلك الفكرة الشيطانيّة التي قدحت في ذهن هذا الشاب ,
أروع مثالٍ للحوار في مسألةٍ عظيمةٍ كالزنا فما بال الأمة ضاقت ذرعاً بخلافٍ فرعي فقهي ...!!

عمر بن الخطاب وقصّة الإنكار عليه أمام النّاس وبقبولٍ مطلق منه للناقد , وبحوارٍ عظيم يفصل سبب أخذه لثوبين دون النّاس ...

بعد هذه النماذج انغلق أو أُغلق الحوار قسراً في الجانب السياسي وظل مفتوحاً في جميع شئونه حتى في الجوانب الشرعيّة ماعدا مايمس السلطات الحاكمة على مدى العصور , وأُلغي الحديث عن مسألة الشورى والبيعة الشرعيّة وعزل الحاكم وغيرها... وأصبح الحديث عنها جرم يحاسب عليه , ولذا قُتل سعيد بن جبير !؟ وابحث عمّن قتله ؟ واقرأ في الجانب السياسي من التاريخ ترى أن الحديث عن الحكم والسياسة أُغلق بتابوتٍ من حاول فتحه كُسِرَ وكسره طلاقه النهائي من الدّنيا ...

هذه التربيّة عكست الأثر قليلاً على الانغلاق الفقهي أو الجمود المذهبي وتصارعِ المذاهب والحكاية طويلة , جاء بريق يشع في الأفق على يد علماء كابن تيمية رحمه الله عندما فك لحام الجمود بنور الكتاب والسنّة , أوذي وسجن لأجل مسائل فقهيّة فرعيّة , حورب من طوائف تّدعي الحوارلكن بالسيف واستعداء السلطة كما فعل الأشاعرة والصوفيّة , هنا ثبت الشيخ بتثبيت الله له حتى أعاد الاجتهاد وفتح باب الحوار مع الجميع ...

تمرّ السنون ولازال التكريس أوالانغلاق السياسي يزداد سوءًا , والجانب الفقهي يتراوح من عصرٍ لعصر , حتى جاء علماؤنا فإذاهم فريقان , فريق يرى الاجتهاد والرجوع للنص وقبول الخلاف وفريق ظل يكرّس للجمود الفقهي ...ومن أمثلة الفريق الأول ابن باز وابن عثيمين والألباني رحمهم الله وقد لقوا بعض النقد والعنت من متشددي المدارس الفقهيّة , حتى أن الالباني أسس مدرسة الحديث وشدّد
و عنف على المذاهب والانتساب إليها ...

من خلال ماسبق كيف للإنسان أن يقبل بالاجتهاد الفقهي وهو يرى القهر السياسي بل والأخذ من حقه وأن المواضيع التي تخصه في أبواب الفقه قد أُغلقت بسكين الوالي !
فحرام أن يسأل في المال العام ؟ وحقوق الرعية على الراعي ؟ ومحاكمة الوالي المقصر ؟ وشروط البيعة ؟ وخلع الحاكم ...وروبط بين السؤال المشروع وقضية الخروج أو الكره للجماعة أو التخطيط للمكر بالسلطة !! ونريد منه أن يقبل بالاجتهاد الفقهي ... فكل هذه تراكمات لهيمنة القوة العسكرية السياسية التي تقول ( ما أوريكم إلا ما أرى ) ...

فلو سألت عن البلاد الغربيّة هل رضي المواطنون بالتعايش مع بعضهم البعض رغم اختلاف أحزابهم التي يلعن بعضها بعضها ويختلفون فكرياً وعقديا ًوعرقياً وإثنياً هو قبول لأجل التنوع الفقهي الديني أم لأجل القانون السياسي أو الدستوري , بعد معارك طاحنة دامية مع السلطة الكنسية التي جعلت الدين طريقاً للتسلط الكهنوتي الحاكمي !!؟

والسؤال الذي سيشكل دائرة أعظم , إلى أين ينتهي الحوار ؟ أو هل هناك نقطةٌ يُغلق عندها الحوار ؟ وماهي التي سنتهي عندها الحوار !!؟
أم أن الحوار مفتوح لاحدود له فيجوز للإنسان أن يناقش ويسأل في كل قضية كبيرة أو صغيرة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو فكريّة أو عقديّة !!؟

هناك الكثير من الأسئلة التي ستتعاقب , وهناك الكثير من الأبواب ستفتح , وهناك الكثير من العقول ستتغير , وهناك الكثير من الأناسي يتحملون سبب هذه المعضلة البسطية نظرياً الكبيرة واقعياً ...

أقف هنا مُجبراً ..


تحياتي لك ...
__________________
***إنَّ الصعوبات هي تحدّ خلاق لأنه يستحث الرّد عليها ***

آخر من قام بالتعديل رجل الثلج; بتاريخ 26-10-2007 الساعة 12:45 AM.
رجل الثلج غير متصل