أيها الفضلاء :
هذه قصتي أرويها لكم وكلي ألم وحسرة , رأيت مالم أره في حياتي , لأني قضيت عمري ولله الحمد في مدينة بريدة هذه البيئة المحافظة , وكنت أسمع أن هناك ديارا في هذه البلاد قد عم بها الفساد , ولكن لم يخطر ببالي أن تكون بهذه الجرأة والوقاحة , ذهبت إلى المنطقة الشرقية وبالتحديد إلى الواجهة البحرية في الخبر , وكما يعلم من زار تلك المنطقة وذلك المنتزه , أنه يتكون من مسطحات خضراء مطلة على البحر وفي وسطها بحيرة جميلة جدا , وقد وضع مضمار يلف على البحيرة من جميع جهاتها , فالمكان جميل جدا , صورة البحر وصورة المسطحات الخضراء المشجرة وصورة البدر مكتملا . . .
ما أجمل صنع الله . . .
ولكن وللأسف هناك من شوه هذه الآية الجمالية بأصوات المزامير والدفوف ,
رأيتهم ولا أدري أهم رجال أم نساء !!
رأيتهم يجاهرون بالمعاصي بكل وقاحة وقلة أدب , يرفع أحدهم صوت الغناء ــ المنبعث إما من الجوال أو من مسجل السيارة ــ إلى أقصى حد , حتى والله إني خشيت على آذانهم . . .
رأيت نساءهم تجردن من الحجاب كما تجردن من الحياء . .
وقد رأيت أما م عيني فتاتين أعمارهن تقارب الخامسة والعشرين تزيد أو تنقص قليلا , يمشين في المضمار , وقد خصرن أعبيهن , وأخرجن أعينهن وخدودهن , ويضحكن بأعلى أصواتهن , وخلفهن شابين يغمزونهن ويحدثونهن . . . يا الله . . ياللوقاحة أمام الناس على مرأى ومسمع من الجميع , ولكن يزول العجب والاستغراب عندما تعلم أن غالب زوار هذا المنتزه على هذه الشاكلة ,
ومما قطع قلبي ألما وحسرة , أن غالب هؤلاء ليسوا من جنسيات سعودية أو خليجية إنما هم من دول عربية ومع ذلك يعملون ما يعملون بكل وقاحة وسفور . .
رأيت بعيني آثار غياب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ــ كثرهم الله وأعانهم ووفقهم ــ .
رأيت غربتي في بلدي , واستئساد الغريب , وقد أسميت ذلك اليوم بيوم الندامة . . .
تبا لدار أهلها غرباء في * * * يوم الندامة والخواجة يرتع
الدف والمزمار شغل رجالهم * * * أما النساء فشغلهن منوع
رقص وفسق والحجاب مغيب * * * تالله إن الدين منهم يفزع
يارب لا تشمت بنا أعدائنا * * * أستر بحلمك ربنا ما يصنع
يا دارنا حييت يارمز الهدى * * * دار بها حبل الضلالة يقطع
دار بها للدين شأن آخر * * * دار بمسك المصطفى تتضوع
فبريدة يا جاهلا ببريدة * * * نعم المقام بهاو ونعم المرتع
عرفت قيمة بريدة لما رأيت غيرها , أكبرت حشمة أهلها لما رأيت أهل تلك الديار . . .
أيها الفضلاء :
لست متشائما , ولست نذير شؤم , ولا أدعي أن الناس هلكوا , إنما أنا رجل رأيت أمورا كاد رأسي يشيب منها , فكتبتها للعبرة والعظة , ولنعرف قدر النعمة التي نعيش فيها , لنقوم بشكرها حتى لا تزول . . .
ملاحظة : إن ما رأيته هو الجانب المظلم ولا يعني هذا التعميم , بل إن هناك ولله الحمد في الشرقية صحوة قوية ودعوة وحلقات تحفيظ في كل مكان فيها , كما لا يعني أني أدعي الكمال لمدينتي أو غيرها فالفساد في كل مكان منذ قديم الزمن . . .