مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 30-10-2007, 11:01 PM   #74
الثائر الأحمر
عـضـو
 
صورة الثائر الأحمر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
[ 24 ]

بين المستوى الأول والثاني!

السنة الأولى من الجامعة كانت رائعة، غير أن هناك روعة دون أخرى، وهنا التفاتة لدراستي الجامعية بين المستوى الأول والمستوى الثاني، قياسًا بطالب كان متفوقا جدا في المرحلة الابتدائية والمتوسطة مع انحدار شديد دراسيا في الثانوية.. وعودة للتفوق في ثالث ثانوي الذي درسته سنتين دراسيتين بعد انسحاب من العلمي وهروب إلى الشرعي نادمٌ عليه الآن.. والحمدلله على كل حال، قياسا على ذلك المستوى؛ كانت دراستي الجامعية في السنة الأولى جيدة بعض الشيء، لكنني أتكلم عن الدراسة التي أحرص على الحضور فيها، أما الغياب عن الدراسة فيُخرج الحديث عنها نهائيا؛ لأن الغياب يقطع علاقتك بالاجتهاد الدراسي والحرص على التفوق، الذي يداوم على الحضور للجامعة أمره نسبيّ بين أن يرسب أم لا؛ لأن الأمر متعلق باجتهاده في المذاكرة، وعدْل الدكتور ولِجان التصحيح، أما الذي يغيب عن الدراسة، ويتكاسل عن الحضور، فنسبية الحديث عن مستوى دراسته تنعدم، فضلا عن حديث التفوق الدراسي، فالأمر بين أن يُحرم أو يُعفى عنه.

ما ذكرته لكم ينطبق عليّ في السنة الأولى؛ ففي المستوى الأول كان لي الحق أن ألتفت إلى مستواي الدراسي بين التفوق وعدمه.. إضافة إلى وجل من الرسوب في مادة أو مادتين، أما في المستوى الثاني فلم يكن لي الحق في الحديث؛ لأنني كنت أكثر الغياب بسببٍ –وهذا نادر- وبلا سببٍ –وهذا هو الغالب-. جذوة الحماس المشتعلة في فؤادي بالمستوى الأول خمدت بعض الشيء في المستوى الثاني؛ لأجدني أميل للركون إلى الهمّ الشديد.. وبصمت.

الهمّ.. عنوان الفشل إن استسلمنا للحظاته، وانهزمنا أمام تهاويله. الهمّ شعورٌ مظلم يبعث على الكآبة والقلق، يقتل الأناة، ويغتال الحكمة، ويحيل المشكلة الصغيرة إلى مصيبة عظيمة عبر توقع قادمٍ مؤلم، وبناء جدارٍ يسدّ في وجه المهموم سبيل الحل.. أو حتى الهروب. الهمّ منتج الأوهام، ومعطل للملكات كلها، إن تعطيلا مباشرًا أو بطيئا.. لكنه فعّال، إنني أتحدث عن نفسي يا صحبي، كل الجمل السابقة عن الهمّ إنما رسمتها بناءً على الصور المعنوية التي أحتفظ بها في ذاكرتي، وربما لن يعيها البعض؛ لأن الله –تعالى- قد تفضل عليهم بمعافاتهم من الهم، لكن أن تسمع بالهم وتقرأ عنه وتطلع على كتبٍ تنظّر لعلاجه وتدعوك لأن تدع القلق وأن تغتال حزن.. شيء، وأن تصاب بالهمّ في واقعك، ويذوب وقتك في حمم عوارضه.. شيء آخر، هذا الشيء الآخر لا ينفعك عنده استحضار أقوال الحكماء، وأحاديث العقلاء حول الهمّ والحزن؛ ما لم تتحرك أنت بروحك وجسدك، ولو ألف كتاب عن حالة المعايش لهمّ المستحضر لتلك الكتب؛ لكان عنوانه (المشكلة أني أعلم.. ولكن!).

وبين المستوى الأول والمستوى الثاني صراع لرسم مستقبل حياتي الجامعية في السنوات التالية لتلك السنة، فهل كانت كفة التأثير على مستقبلي الجامعي للمستوى الأول أم الثاني.. هذا ما تحكيه حلقات هذه الذكريات، والحكم لكم.
__________________
يا صبر أيوب !
الثائر الأحمر غير متصل