بسم الله الرحمن الرحيم
::: حمداً لك اللهم :::
الحج ، عج و ثج ، عبادةٌ و مدرسة ، يتعلم فيها المسلمون مالا يحصل في المدارس ، و مالا يُكتب في القراطيس ، يتعلم فيها المسلم ، أنه عبد مملوك ، فقير ذليل ، خالٍ إلا مما يحمله من رصيد و زاد .
اجتمع المسلمون على صعيد واحد ، يدعون الإله الواحد ، يرتدون اللباس الواحد ، يهتفون بصوتٍ واحد : (
يا الله ) ..
غنيهم ، فقيرهم ، ملكهم ، مملوكهم ، برهم ، فاجرهم ، عزيزهم ، ذليلهم ..
كلهم يعيشون هنا بروحٍ واحدة ، بآمالٍ أخرويةٍ واحدة ، يؤدون عبادتهم لغايةٍ واحدة .
منظر مهيب ، و مشهد رهيب ، تذوب لأجله المُهج ، و تعتصر من أجل روعته العين ، و يخفق له القلب.
مشهد أخّاذ ، يسلب اللب ، و يأسر المشاعر ، و يؤجج الأشجان في الضمائر .
مشهد عالميٌّ ، تاريخي ، ربّاني ، أصيل .
النفس في شوق ، إلى تلك الديار العامرة ، و الرحاب الطاهرة .
::: نريدها وحدةً حقيقية :::
تأمل في قوة التكاتف ، و شدّة الالتحام ، و قوة الألتئام ، منظر يُبهج الخاطر ، و يؤنس العابر ، في ظل ظرف الأمة العاثر ، و زمانها الحاضر .
أعلم يقيناً أن هذا المشهد الروحاني ، قويٌ في إغاضته للعدو المتربص ، و المنافق المتلصص .
على الرغم من أنه توحد أجساد في أيام معدودات ،
فكيف إذا اجتمع توحد الأجساد و القلوب ، على بعيد الأمد ، ليخترق كل الفوارق ، و ينتزع كل العلائق ، و يُجرّدنا من كل الوثائق ، إلا من الرابطة الأقوى ، و العروة الوثقى ..؟.!
::: جهود مشكورة :::
لا يشكر اللهَ من لا يشكر الناس ، جهودٌ تذكر ولا تنكر ، و استعدادات بدأت مذ أفول أيام الحج من العام الماضي ، و هذا ما شاهدناه ووعينا و رأيناه ، حالة استنفار قبل و بعد و أثناء الحج ، جهود لا تقف ، و سهر و دقة في العمل ، كل هذا من أجل راحة ضيوف الرحمن ، لينعموا بعد ذا بالأمن و الإيمان في ظل البلد الأمين ،
فشكراً للوالد القائد ، الذي ارتضى بأن يكونَ بنفسهِ للحرمين خادماً ، و لضيوف الرحمن عاملاً ، فشكراً له ، و لكل من أعان على خدمة ضيوف الرحمن ، من مسؤولين ، و علماء ، و عسكريين ، و أطباء , عاملين ، فلهم منا خالص الدعوات ، بأن يحفضهم الله ، و أن يسدد أعمالهم ، و أقوالهم ، و أن يبارك في جهودهم .
::: دمعةٌ على التوحيد :::
سبحان الله و تعالى عما يشركون ، أحوالٌ موجعة ، و مصائب مفجعة ، شرك أكبر يعم العالم الإسلامي ، و مامن نذير ، بدع كبرى تنافي التوحيد ، و تخرج مرتكبها من دائرة الملة ، إلى الكفر الأكبر الصريح ، الذي جاءت الأديان السماوية ، بمحاربته .
مسلمون يعبدون الله على غير بصيرة ، عم الجهل ، فاتخذت القباب و نصبت على القبور ، و دعي الأموات من دون الله ، و تُوكِل على غير الله ، و استُحل السحر ، و اشتد العسر ، فضاعت هيبة التوحيد ، و انجلت غمامة الرحمة ، و حرِّفت الحنيفية السمحة و عُبدت القبور ..
[POEM="font="Simplified Arabic,4,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]فانظر إليهم قد غلـوا وزادوا = ورفعـوا بناءهـا وشــادوا
بالشيـد والآجـر والأحجـار = لا سيما في هـذه الأعصـار
وللقناديـل عليهـا أوقــدوا = وكم لواء فوقها قـد عقـدوا
ونصبـوا الأعـلام والريـات = وافتتنـوا بالأعظـم الرفـات
بل نحروا في سواحها النحائر =فعل أولي التسييب والبحائـر
والتمسوا الحاجات من موتاهم = واتخـذوا إلههـم هـواهـم
قد صادهم إبليس في فخاخـه = بل بعضهم قد صار من أفراخه
يدعوا إلـى عبـادة الأوثـان = بالمـال والنفـس وباللسـان
فليت شعري من أبـاح ذلـك = وأورط الأمة فـي المهالـك
فيا شديـد الطـول والإنعـام = إليك نشكو محنـة الأسـلام [/POEM]
و لذا
كان على أهل هذه البلاد ، أن يكونوا خير سفراء ، و خير دعاة لتصحيح المفاهيم ، و تقويم الانحراف ، و تعبيد الناس لله ، و جمعهم على الكلمة الحقة الواحدة ، و توحيد الكلمة على كلمة التوحيد ، فهذا الشتات هو أزمة الأزمات ، و من أجل ذا كنّا في سُبات .
::: تهنئة :::
و مالنا لا نفرح ، و نحن في أعطر الأيام ، و أزكى المواسم ، و أطهر اللحظات .
بكل مشاعر الحب و الود ، نهنئ إخواننا المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها ، بهذا العيد المبارك ، و نسأل الله أن يعيد علينا الأفراح ، و نحن بعزةٍ و منعةً ، و نصر و تمكين .
فتعبدوا الله بالفرح في عيدكم الذي ارتضاه لكم ربكم ، فلك الشكر يارب السموات و الأرض .
[POEM="font="Simplified Arabic,4,darkred,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]فلك المحامد و المدائح كلها = بخواطري و مشاعري و جناني [/POEM]
خواطر مبعثرة .
أهديها بكل ود ، إلى كل أخ مسلم .
أخوكم
في مساء يوم عرفة
من السنة الثامنة و العشرين
بعد الأربع مائة و الألف
من الهجرة النبوية
عيديتي ( بِشارة ) .. موضوعٌ كتبته في عيد الأضحى من عام 1427هـ