إن الله جل وتعالى خلق من جملة ما خلق هذه الأشجار التى نراها وتفيؤ ظلالها ونستروح من عبيرها،
ومنها ما يثمر فيكون نفعه أكثر مما نأكل منها مما أنعمه الله وتعالى وأحله لعباده، قال الله تعالى:
أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءً فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون
.
إن هذه الأشجار في بعض جوانبها لها شبه بالإنسان، ففي كل عام لها حمل ووضع! فهي دائماً في حمل وولادة فتأمل في تكون حمل الشجر
وتقلبه من حال إلى حال كتنقل أحوال الجنين المغيب عن الأبصار، ترى العجب العجاب فتبارك الله رب العالمين
وأحسن الخالقين، بينا تراها حطباً قائماً عارياً لا كسوة عليها إذ كساها ربها وخالقها من الزهر أحسن كسوة،
ثم سلبها تلك الكسوة وكساها من الورق كسوة هي أثبت من الأولى،
ثم أطلع فيها حملها ضعيفاً ضئيلاً بعد أن أخرج
ورقها صيانة وثوباً لتلك الثمرة الضعيفة لتستجنّ به من الحر والبرد والآفات، ثم ساق إلى تلك الثمار رزقها وغذّاها
في تلك العروق والمجاري فتغذّت به كما يتغذى الطفل بلبان أمه، ثم ربّاها ونماها شيئاً فشيئاً حتى استوت وكملت،
وتناهى إدراكها فأخرج ذلك الجني اللذيذ اللين من تلك الحطبة الصماء ....
ودمتم سالمين ....