..
قد سألت بنفسي سماحة والدنا العلامة / عبدالعزيز الراجحي ، فأجاب و جمع بين هذا الحديث و رواية عند النسائي ، ووجدت الإجابة في تعليقه على الحديث في موقعه الشخصي فقال - حفظه الله - :
" قال العلماء إن هذا الجمع سببه إما تحصن، وإما مرض عام، وإما أنه جمع بينهما جمعًا صوريًا، فأخر الأولى في آخر وقتها وعجل الثانية في أول وقتها، وقد جاء هذا صريحًا في حديث النسائي الذي رواه في سننه: ( أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخر الأولى وعجل الثانية ) وسند حديث النسائي صحيح، فقد يقال يتعين المصير إليه؛ وعليه فلا إشكال بينه وبين أحاديث توقيت الصلوات، وبكل حال فأحاديث توقيت الصلوات هي الأصل وهي محكمة، وحديث ابن عباس هذا مجمل وهو من المتشابه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- إنما فعله مرة واحدة في المدينة ويحتمل أن هذا الجمع كان مرة واحدة ثم نسخ.
والقاعدة الشرعية أن المتشابه يُرد إلى المحكم ويفسر بما يوافق المحكم، ولا يجوز التعلق بالمتشابه وترك المحكم؛ فإن هذه طريقة أهل الزيغ، قال الله -تعالى-: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ )
أما العلماء الراسخون فيؤمنون بالجميع، ويعملون بالجميع، كما قال الله -تعالى-: ( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ) .
ومن العلماء من قال: يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة ويؤيده ظاهر حديث ابن عباس، والصواب المنع، وأن الجمع بين الصلاتين بدون عذر من كبائر الذنوب " انتهى و هذا هو الأحوط .
و لكن تبين لي بعد تأمل أن الراجح جواز الجمع ، حين العذر فقد قال العلامة المحدّث سليمان العلوان - حفظه الله و فرّج عنه - في ( الجلسات اليومية ) ص: 68 ما نصّه " وقد قال بعض العلماء يجوز الجمع بين العشاءَين في أوقات العذر ومنع ذلك بين الظهرين وفيه نظر والصحيح الترخيص في الأمرين والأدلة صحت فيهما جميعاً وصحت الأدلة أيضاً في التخلف عن الجماعة والصلاة في البيوت في البرد الشديد والمطر والريح الشديدة فقد جاء في الصحيحين من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر أنه أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح فقال أَلا صلوا في الرحال ثم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول : ألا صلوا في الرحال ". و للاستزادة يُرجع إلى موضع الفتوى . و الله أعلم بالصواب .