مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 24-01-2008, 04:21 AM   #30
أبـو العبـــاس
عـضـو
 
صورة أبـو العبـــاس الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
البلد: هناك ! حيث حبال المشنقة ..
المشاركات: 649
.


أيها الأحباب :

إن المُتأمل في واقع المسلمين اليوم يرى بونًا شاسعًا بين التأصيل المُثمر البنَّاء للرُّقي الحضارِي الأُممي ، وبين التطبيق و إنزال ذلكم التأصيل على أرضيّة المجتمعِ الإسلامي . وعلى حين أنَّك لا ترى مُخالفًا في أنّ الأمّةَ بحاجةٍ إلى نهضةٍ ترفعُها من حمأةِ الارتكَاسِ والتخلِّفِ فهُو محلُّ إجماعٍ ؛ إلا أنّك ترى الخلافَ الواسعَ والبونَ الشاسعَ في تحقيقِ هذا الرفع على أرضيّةِ المجتمع .


ومع وجودِ الخلافِ إلا أنّ هناك نقاطًا رئيسيّة تُجمِع عليها قُوى الرَّفعِ الإسلاميّةِ منها :
1 العملُ الدؤوبُ للرَّفعِ واجبٌ على الجميعِ كلٌ بحسبِ استطاعَتِهِ .
2 أن الأمّةَ يجبُ أن تتهيّأ للصراعِ الحضاري القادم بالجدِّ والمثابرةِ والعملِ المنظمِ . وقد يُعبّر عنهُ بعضُهم بـ ( خلْقِ الجو المُنتج ) .
3 وجوبُ مقاومةِ المدّ التغريبي بالتمسّك بالثوابتِ وعدمِ الذوبانِ فيه .


ومعَ أنّ هذه الثوابت الحركيّة محلّ إجماعٍ من حيثُ المبدأ إلا أنها في منهج الحركاتِ الدعوية التطبيقيّةِ تتباينُ بين مُتشبّثٍ بها محاولٍ قدرَ جهدِهِ تربيةَ نفسِه وناشئتِهِ عليها مخلصٍ في ذلك ، وبين مُفرِّط في بعضها لضعفٍ يجدُهُ في نفسِه لا يخلُو بشرٌ منه .


ولا يَعتبُ أحدٌ على من تخلّفَ وفرَّط - وإن كان حقيقٌ بالعتابِ - لأنّ من سنةِ الله في الناسِ تفاوتهم قوّةً وضعفًا ؛ إلا أن العارَ كلّ العارِ أن يَعتبَ المتخلّفُ على المتشبّثِ ، والمفرّطُ على المُجدِّ الكادحِ !!


أيُّ جيلٍ مُقاومٍ إسلامي نربي إذا كُنا قد ملأنَا قلبَه وجوارحَهُ بحُبّ اللاعبِ فلان أو علان ؟؟
أي جيل سيكون ذاكم الذي نبنيه على الولاءِ للنادي والبغضِ من أجلِهِ ؟؟
وأي جيلٍ ذلكم الجيل الذي أشغلنا فؤادَهُ وجسده ووقته هَدرًا في متابعاتٍ كُرويّةٍ بدلَ أن نشغِلَهُ في البناءِ الحضاري للأمةِ ؟؟


أحدهم هنا يقولُ بأنه يدرسُ علومَ الحاسبِ الآلي فهل نحنُ بحاجةٍ للرقِي والنهوضِ إلى عَالمٍ بالحاسِبِ ومَا يتصلُ بهِ من عَالَمِ الشّبكةِ أم نحنُ بحاجةٍ إلى لاعبٍ يركُلُ الكُرةَ فتتدحرجُ يمنةً ويسره ؟؟

لو أنّ أحدَ الفقراءَ انهدمَ بيتُه ، وبقي في العراءِ ، وله من البنين عشرة ، ثم عَزَمَ على بناءِ البيتِ مع أولادِهِ لكنه مالَبِثَ أن جَلَس وإيَّاهُم على مقربةٍ منه يتسامرون ، ويضحَكُون ، ويلعبونَ أيامًا وليالي تاركينَ البيت على أنقاضِه .
أيُقال عن هؤلاء : هم قومٌ يرتقُونَ للكمالِ وينشدون البناءَ ؟
أم يقال عنهم : إنهم كُسالى أهلُ لعبٍٍ ولهو .

فإن قيل : ساعةً وساعة ، ولا يُبتغَى من الأمةِ كلّها ألا تَلعبَ ولا تمرحَ ولا تُرفِهَ عن نفسِها . وإن قيل : إنَنَا نبني ونُرفّه ، والترفيهُ هنا لا شيءَ فيه لأن الأمةَ ما عقمتْ أبناءً بذَلُوا مُهجهم في سبيل البنَاء .
فنقول : إنّ الأمةَ الإسلاميّةَ لو كانت قائدةَ الحضاراتِ اليومَ ، ولا عدوّ نخشاهُ ، والأمةُ في رخاءٍ لقالَ قائلٌ : نعم ؛ فلنَلْهُ فإن اللهوَ لا حُرمةَ فيه ولا عتاب .
ولو أنّ الجدّ في الأمّةِ عام ، والعملَ الدؤوبَ مُسيطر ، والقوّةَ البنّاءةَ قائمة لكانَ لقائلٍ أن يقولَ : نعم ؛ لنَلْهُ فإن العملَ إذا لم يُخالطْهُ لهوٌ صار ثقيلا ممجوجًا ، وربما أورثَ انقطاعا .
أمَا والأمةُ في حضيضِ الهَلَكةِ والتّخلفِ ، والجدُّ والعملُ نادرٌ نادرٌ ، فلا وربّ الكعبةِ ما هكذا يَفعَلُ العَازمُونَ على الرُّقي .

ثم لو قيلَ بأن ذلكم الفقيرَ اللاهي عند أنقاضِ بيتِهِ عيّنَ صبيًّا من صبيانِهِ على بِنَاءِ البيتِ وقَعَدَ مع فُحُولِهِ الكبارِ لاهِينَ ، والصبيُّ يَكدَحُ ؛ أكانَ يُقال : ساعةً وساعة !! . ؛ وهل يقال : إنهم قد جعلوا للجد مكانًا ، وكلٌ على ثغر !! ؛ وهل يقال : إنّ فيهم صَلاحٌ وهم يُصلُون ! ، وما يضيرهم اللهو وقد قام من يكفي لبناء البيت ؟ !!

غير أنّ هذا لا يُفهم منه أنّا نمنعُ من اللهو المباحِ ، ولكنْ أن يُجعل الأصلُ في البناءِ اللهو فلا لأنّه لا يَرتَفِعُ بناءٌ بلهو .


هذه نفثة من صدر أحرقه الأسى والهم لم تُرصّعُ فيها العباراتُ والألفاظُ فإن قابلت أذنًا تريد البناء والرّفع فهذا ما نبتغيه ، وإلا فحسب المرء البلاغ .

أبو العبّاس
__________________


هل تريد أن تكون كاتبًا متميزا ؟ هل تريد مكانًا تتعلم فيه الكتابة ، تكتب فيصحح لك متخصصون في اللغة والأدب ؟ هل تجهل طرق تعلم الكتابة ؟
www.ahlalloghah.com
أبـو العبـــاس غير متصل