بارك الله فيكما يا أبا المهند ويا أبا الوليد ونفع بكما وبجميع المشاركين .
وسأشارك بنفس ترتيبك يا أبا المهند باختصار وسأحاول ـ إن شاء الله ـ أن أذكر ما لم تذكره وفقك الله عن هذه المؤلفات لعدم التكرار فأقول :
( 1 ) ـ جامع العلوم والحكم :
أولاً : هذا الكتاب عبارة عن شرح لمتن ( الأربعين النووية ) وأصل هذا الكتاب ما ذكره ابن رجب في مقدمته للشرح قال : " وأملى الحافظ أبو عمرو بن الصلاح مجلساً سماه ( الأحاديث الكلية ) جمع فيه الأحاديث الجوامع التي يقال : إن مدار الدين عليها .. فاشتمل مجلسه هذا على ستة وعشرين حديثاً . ثم إن الفقيه الإمام الزاهد القدوة أبا زكريا يحيى النووي رحمة الله عليه أخذ هذه الأحاديث التي أملاها ابن الصلاح ، وزاد عليها تمام اثنين وأربعين حديثاً وسمى كتابه ( بالأربعين ) " انتهى
فاشتهرت جداً هذه الأربعون فجاء الحافظ ابن رجب رحمه الله فزاد عليها فأصبحت ( 50 حديثاً ) من جوامع الكلم وشرحها شرحاً وافياً ففي طبعة الرسالة السابعة ( 1070 ورقة ) تقريباً في مجلد كبير على قسمين .
ثانياً : الكتاب له عدة طبعات كثيرة ، منها التجارية السيئة ، ومنها المحققة المتقنة ، والطبعة التي أمتلكها هي طبعة الرسالة بتحقيق : شعيب الأرناؤوط وإبراهيم باجس ، وهي جيدة ومتقنة من ناحية ضبط النص وتخريج الأحاديث .
ثالثاً : طريقته في الشرح بينها في المقدمة فقال : " .. لأني قد أعلمتك أنه ليس لي غرض إلا في شرح معاني كلمات النبي صلى الله عليه وسلم الجوامع ، وما تضمنته من الآداب والحكم والمعارف والأحكام والشرائع .
وأشير إشارة لطيفة قبل الكلام قبل الكلام في شرح الحديث إلى إسناده ، ليعلم بذلك صحته وقوته وضعفه ، وأذكر بعض ما روي في معناه من الأحاديث إن كان في ذلك الباب شيء غير الحديث الذي ذكره الشيخ ، وإن لم يكن في الباب غيره أو لم يكن يصح فيه غيره نبهت على ذلك كله " انتهى .
رابعاً : ابن رجب رحمه الله تكلم على بعض الأحاديث فمن الأحاديث التي أعلها من أحاديث الأربعين :
حديث (( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) قال : " والصحيح فيه المرسل " فقد رجح أن الحديث مرسل من مراسيل علي بن الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال أيضاً : " وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أخر وكلها ضعيفة " .
ومنها حديث معاذ الطويل وآخره (( ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم )) وقد ضعفه من وجهين .
ومنها حديث (( ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس )) أشار إلى تضعيفه أيضاً .
فالمقصود أنه رحمه الله يتكلم على الأحاديث وأسانيدها ويذكر شواهدها بتوسع أحياناً .
خامساً : ابن رجب رحمه الله له تحقيقات وتحريرات رائعة جداً في المسائل العقدية والفقهية وغيرها فأذكر مما علق بذهني من كلامه في هذا الكتاب أنه ذكر في شرحه لحديث (( أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء )) تكلم عن آداب الدعاء وبعض القصص والآثار ثم ذكر بعض صفات رفع اليدين في الدعاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنها أنوع متعددة فمنها : أنه كان يشير بأصبعه السبابة فقط وذلك على المنبر وفعله لما ركب الراحلة ، ومنها : أنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه وجعل ظهورهما إلى جهة القبلة وهو مستقبلهما وجعل بطونهما مما يلي وجهه ، وهذا في الاستسقاء وقال بعض السلف بأن هذا تضرع ، ومنها : عكس ذلك ، ومنها : أن يجعل كفيه إلى السماء وبطونهما إلى الأرض ، ومنها : عكس ذلك وهو قلب كفيه وجعل ظهورهما إلى السماء وبطونهما مما يلي الأرض .
هذه بعض فوائده وتحريراته التي لا تكاد تجدها عند غيره رحمه الله ، وله كلام في البدعة نفيس جداً على حديث (( وكل بدعة ضلالة )) وكلام نفيس على الورع وذكر بعض القصص والآثار الجميلة على حديث (( دع ما يريبك إلى ما لا يربيك )) .
ولا أريد الإطالة إنما المقصود أن الكتاب مليء جداً بالدرر فلا تحرم نفسك منه .
وفي الرد القادم إن شاء الله مع كتاب آخر .
__________________
قال صلى الله عليه و سلم:(( مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ العلى العظيم ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاتُهُ )) رواه البخاري .تعارَّ من الليل : أي هبَّ من نومه واستيقظ . النهاية .
|