مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 28-01-2008, 05:43 PM   #11
أبـو العبـــاس
عـضـو
 
صورة أبـو العبـــاس الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
البلد: هناك ! حيث حبال المشنقة ..
المشاركات: 649

الأخ : قصيمي

سألتني أيّدك الله عن الفلسفةِ ماهي ؟
والإجابة على سؤال كهذا لا يكفيه سطر أو سطران ، غير أني تلبية لطلبك سأكتب ما أعرف عن الفلسفة وإن كنت غير مكثر فيها . وستكون كتابتي عنها بأسلوبي - كما أردت - مطّرحًا كل مرجع معتمدًا على ما اختزنته الذاكرة من معلومات متناثرة !
وإني مقرٌ بقصور باعي في الفلسفة وطرقها ، وهو – في نظري – قصورٌ محمود !!

الفلسفة كلمة يونانيّة أطلقت على المُشتغلين بهذا الفن ( إن صح أن يسمى فنًا ) وكان مبدأ ذلك حين سُئل سقراط الحكيم وهو من أوّل الفلاسفة الذين نُقل إلينا بعض آرائهم ، هذا وإن كان البعض قد نقل فلسفة ما قبل سقراط وجعلها فلسفة مستقلّه ولكنها عبارة عن سفسطة ودروس خطابة لا ترتقي إلى أن تشكّل فلسفة معيّنة .
سئل سقراط كما قلنا يومًا : هل أنت حكيم ؟؟
فقال : لا بل محب للحكمة .
ومن هنا أطلقت لفظة : محب للحكمة . على كل من اشتغل بما عُرف بعدُ بالفلسفة .
وترجمتها – فيما أذكر – فيلا سوفيا ، فيلا : محب . سوفيا : الحكمة .
وكانت فلسفة سقراط قائمة على السؤال الذي يُراد به الوصول للحقيقة ، وتتلمذ على يديه أفلاطون ، وصاحب المدرسة الكلبيّة ( أظن اسمه أوجستن ؟؟ ) وهو الذي وقف عليه الاسكندر وقال : اطلب ما تريد ؟ فقال : أبعِد حصانك عني كي أرى الشمس ! وهي حادثة مشهورة .
على كلٍ ازدهرت الفلسفة بعد سقراط على يد أفلاطون ثم على يد أرسطو أشهر الفلاسفة اليونانيين إطلاقًا .. وأرسطو جمع إلى الفلسفة العلم بالطبيعة والأحياء وإن كانت كثير من اختياراته في هذا المجال أثبتت العلوم الحديثة بطلانها وإنْ بقِيتْ مقدسة لقرون طويلة سواء أكان هذا التقديس في أوربا أو عند المتكلمين في الدولة الإسلاميّة .
وبعد الحركة الفلسفيّة في اليونان خمدت الفلسفة حتى جاء ابن سينا والفارابي وغيرهم من متكلمة الدولة الإسلاميّة وأوجدوا حِراكًا بسيطًا في فلسفته ، وإن كان بعض الدارسين يقول بأن الفلاسفة العرب ليسوا إلا شُراحًا للفسفة اليونانيّة بشقيها الأرسطي والأفلاطوني وهو قول له قوّته .
ثم وتزامنًا مع النهضة الغربيّة ظهرت فلسفات جديدة منها ما كان امتدادًا لفلسفات اليونان ، ومنها ما كان هجومًا على الفلسفة القديمة وتعاليمها .
من أشهر الفلاسفة المتأخرين : كانط ونيتشه وديكارت وهيجل وغيرهم كثير .
ونحن هنا لا نريد أن نتقصّى تاريخ الفلسفة ، وإنما نريد أن نشير إلى مقدمة تهدينا لنعرّف الفلسفة تعريفًا شافيًا .
ولم أر الفلاسفة اختلفوا في شيء قدر اختلافهم على تعريف الفلسفة ، سواء الفلاسفة القدماء أو المحدثين .

وكذلك اختلفوا فيما إذا كانت بعض الأبواب من العلم تدخل في الفلسفة أم أنها مستقلّة عنها ؟
فمنهم من يقسم الفلسفة إلى أقسام عدة ستة أو سبعة ، ومنهم من يجعل الفلسفة أمرًا عامًا فالفيلسوف في نظره هو المُطلع على كل علم أو باختصار هو ( المثقّف ) !
غير أنا نجد أبوابًا مَن طرقها من أهل العلم سمي فيلسوفًا ، وتحصر – في نظري – في أمور :
- الإلهيات ( التي يسمونها الميتافيزيقيا ) .وقد يعممها بعضهم على كل الغيبيّات ( التي يسمونها ما وراء الطبيعة ) !
- الأخلاق والعوائد والطّباع .
- المنطق ( سواء منه المنطق الصوري القديم ، أو المنطق الحديث ، وبعضهم يدخل المنطق الرياضي ) .

هذه أبرز الأشياء التي يتحدث عنها الفلاسفة . وإن كان البعض يدخل علومًا أخر في هذا كعلم النفس ، والطبيعة ( الكون والأرض والحيوان والنبات التي تجمعها علوم الكيمياء والفلك والأحياء والطب والفيزياء وغيرها .. ) ، والموسيقى ، والشعر ! ، وغيرها من العلوم التي لا ضابط لها .

والتعريف الذي أرتضيه من بين التعريفات التي أرادت أن تحصر الفلسفة في تعريف مقيّد كما تُحصر العلوم البحتة = أنه : طَلبُ المعرفةِ بالعقل .
وذلك أن طلب المعرفة يدخل كلّ العلوم ، وحين أضفت قيد العقل أخرجتُ العلوم التجريبية العمليّة .
غير أني أقر أن هذا التعريف جامع ولكنّه ليس بمانع .
وإن كان بعض الفلاسفة يدخل العلم الذي أتي بالتجربة .

فمن هُنا كان التحذير من الفلاسفة وكتبهم لأنها لا ترجع إلى الشرع في التحاكم ، بل ترجع إلى العقل وترجّح على أساسه .
فلذا فلا شيء يحدّ من سَعة الفلسفة ، ولا شيء يكبح جماحها ؛ وهذه كلمات يدندن بها مريدوا الفلسفة الصغار ( عندنا ) الذين ما إنْ يكبروا ويغذّوا عقولهم منها إلا ويكتشفوا أنهم مجرّد أتباع مقلّدة لفلان أو علاّن من الفلاسفة مع أنهم يرددون صباح مساء السخرية والاستهزاء بعَبَدةِ النصوص ! والذين أجّروا عقولهم لآيات القرآن ! ، وما علم المساكين أن العقل يقرّ بتقليد واتباع الوحيين أكثر مما يقر باتباع الفيلسوف الفلاني أو المدرسة الفلسفية الفلانيّة .
ثم مع هذا لا يمل صغار المريدين من التشبّث ببعض العرب المتأثرين بفلسفات غربيّة وتقديسهم وجعل كتبهم زادًا يقيمون به أودهم ، مع أنّهم لو فكّروا في هذا الذي قدّسوه وكيف أنّه تقلّب في مدارس ومذاهب فكريّة كثيرة ، كلّما أعلت السياسة مذهبًا اعتنقه ببلاهة وحمق فإذا سقط المذهب لسقوط داعمه السياسي وظهر مذهب آخر ترك الأول واعتنق الثاني !! حتى صار إلى ما صار إليه الآن .


نسأل الله الثبات على الحق والهدى حتى الممات وأن يرزقنا من العلم ما يدلنا به إلى الجنّة وأن يجنبنا العلم الذي لا ينفع .

أبو العباس .
__________________


هل تريد أن تكون كاتبًا متميزا ؟ هل تريد مكانًا تتعلم فيه الكتابة ، تكتب فيصحح لك متخصصون في اللغة والأدب ؟ هل تجهل طرق تعلم الكتابة ؟
www.ahlalloghah.com
أبـو العبـــاس غير متصل