يا طالبَ العلمِ ، ويا حافظَ القرآنِ إياك والنكوصَ إلى الوراءِ .
يا طالبَ العلمِ ، ويا حافظَ القرآنِ إياك والنكوصَ إلى الوراءِ .
كم من طالبٍ للعلمِ قرأَ كتابًا فما أتَمّهُ لشاغلٍ أو فتور ، وكمْ ممن حفظِ جُزءًا من القُرَانِ ثم تَرَكَهُ ، وكمْ حفظَ طالبُ العلمِ متنًا فلمّا توسّطَ ملَّ أو بَدَا لهُ بَادٍ فتركَ هذا المتنَ .
والفُتورُ والتوقُّفُ سنّةٌ إلهيةٌ لا يكادُ يخلو منها بشرٌ ؛ غيرَ أن المعيبَ أنْ تكثرَ حتى لا يحصلَ المرءُ علمًا ولا يُقلعَ عنهُ غَمٌ .
وإني رأيتُ عامّةَ من يقفُ ثم يبدُو لهُ العودُ – والعودُ أحمدُ – إلا ويبتدئُ من أوّلِ الطريقِ مُدّعيًا أنه نسيَ ما تقدّمَ أو أنّه لم يفقَهه حقّ الفِقه .
والحقُّ الذي لا مِريةَ فيهِ : أنّ هذا خطأٌ منهجيٌّ يُوصلُ الطالبَ إلى اليأسِ من التعلّمِ والتفقّهِ ، وذلك أنّ الطالبَ كما بدأَ أولاً سيبدأُ ثانيًا ثم يأتيهِ الفُتورُ والكسلُ فلا يُتِمّ ، ولربما وَقفَ على ما وَقفَ عليه أولاً ، فلا يَزَال يترددُ في أمرٍ ملَّ تَردادُه ، ويرى أنّه لم يُحصِّلْ أثارةً من عِلمِ على ما كان حَصَّلَ ! .
ترى هذا فاشيًا في حفظَةِ القُرَانِ ، ما إن يَصِلُ المرءَ إلى الإسْراءِ إلا ويأخُذهُ الضعفُ فيترُك ، ثم يُعاودُه الحنينُ إلى أنْ يكونَ من جملةِ الحفَظَةِ فيبدأ من أوّلِهِ فما أنْ يصِلَ إلى الإسراءِ كرَّةً أُخرَى إلا وقد يئِسَ من الإتمام ونكصَ عن الكَمَالِ .
والذي أراهُ حقّا ، وقد جرّبتُهُ وجرَّبَهُ أكابرٌ فأثمرَ = أنْ يبتدئَ المرءُ بعد الفتورِ من حيثُ انتهى أوّلاً حتى لو كان عهدُهُ به بعيدًا ، ويُتِمُّ ما شرعَ فيه ، وسيرى أنَّ الفُتور والمللَ ما يدبّانِ فيهِ إلا وقَد انتهَى ، فيولِّدُ له الانتهَاءُ طاقةً دافعةً للمسيرِ قُدُمًا في مراجعَتِهِ والبدءِ في غيره .
على أنه إن كانَ المبدوءُ به محفوظًا فلا يُهمِلَنَّ الأولَ إهمالاً تامًا ؛ بل يجعل له حِزبًا يكررُهُ نظرًا حتى ينتهيَ من محفوظِهِ ، ثم يعودُ على الجميعِ بالمراجعةِ والضبطِ .
وفّقَ اللهُ المُتعلمينَ العلمَ الحقَّ إلى الصوابِ والسدادِ .
أبو العباس
__________________
هل تريد أن تكون كاتبًا متميزا ؟ هل تريد مكانًا تتعلم فيه الكتابة ، تكتب فيصحح لك متخصصون في اللغة والأدب ؟ هل تجهل طرق تعلم الكتابة ؟
www.ahlalloghah.com
|