أنتَ السببُ يا أبــوس . . .
نعم . أنت السبب يا أبوس ، فلولا موضوعك الثريّ لمَا اغتاظ َالحاقدون ، ولولا مقالاتكَ النيّرة لمَا تلابدَ عليكَ الأقزام ، ولولا كتاباتكَ المفيدة لمَا آذانا المتشدّقون ، فمنْ لي بمثلكَ . .
وهُنا لابد مِنْ النقد المُؤلم المبنيّ على المواجهةِ ، والإشارةِ إليهم بعين النقص والازدِراءِ فلقد لبّس دعيّ النصيحة باطلُ مَايُنكر بلباس الحقّ والحقُّ مِنهُ بريء ، محاولاً بذلكَ أنْ يحط ّ منزلة رفيعة ، ولعَمري مادَرى أنّ نبَاح الكِلاب لايضرّ السحاب ، ولكني أدركت حِينها أنّ الأديب المرزبانى كان محقاً حينَ تجشّم مشقة تأليف كتابه (فضل الكلاب على كثير مِمّن لبس الثياب) ، ولقد صدقَ الغزالي قوله : (سألني طباخ في بيت أجنبي ، وهو مسلم يكُلف بحمل الخمور لسادته فهل عليه وزر حامل الخمر ؟ فقلت : لله ما أقصى الشقـــة بين الإسلام وأهله ، لقد عبروا قروناً ما يتعلمون إلا الجهل ، وهاهم أولاء يجنون الثمر المر ، أمسوا خداماً للسكارى ! حملقت في الرجل ثم قلت له : ما أدري لفتواك جواباً ، وكل ما أقول أسأل الله لك ولأمثالك العافية ) ونحنُ نقول نسألُ الله العافية لهؤلاء .
لقد تفشّى في زماننا هذا داءُ الجهل واقترن بالكبر ِليخرُج داء مستعصيًا كمنتْ خلفهُ كل كوارث الأمة ، وإذا تأملنا عَصرنا وَجدنا منْ يصلحُ ومن لا يصلحُ حائزًا على ألقاب العلمَاء والدعاة فكأنمَا صارتْ الدعوة ومقاعد الفتوى وَظيفة منْ لا وظيفة لهُ ! ، ورحمَ اللهُ الإمام الشّافعي حينَ قالَ : ( ماجادلتُ عالمًا إلا غلبتهُ ومَا جادلنِي جاهلٌ إلا غلبني ) ، وقدْ قيلَ منْ قبل إثنان لا يُغيران رأيهما الجَاهل والمَيّت.
فما عساكَ أنْ ترجوَ من جاهل ٍ لايرجو إلا الرضَى عن نفسهِ !
ما تبلغ الأعداءُ من جاهل ** ما يبلغ الجاهل عن نفسه
وأعتذرُ عنْ إقحام معرّفكَ هُنا يا أبـوس ، ولكنْ أنتَ السبب 
أخوكم \ القِمَطرُ
__________________
ليسَ بعلم ٍ مايعي القِمَطرُ ** مالعلمُ إلا ماوعَاهُ الصّدرُ : 12
|