مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 09-11-2002, 03:40 PM   #2
الرحال الصغير
عـضـو
 
صورة الرحال الصغير الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2002
البلد: بريــــدة رجال المكرمة و الطيب ...
المشاركات: 427
ـ 4ومن أدلة التحريم أن المقصد منه محرم ولو لُبّس غطاء التعاون ، فهذه شركة تجارية قصدها الربح والاتجار ، ولها مجالات أخرى في التامين غير هذه ، فهي تؤمن على الصحة ، وعلى المركبات الداخلة ، وعلى المعدات ... الخ والأمور بمقاصدها في العقود والتصرفات ، وهذه قاعدة عظيمة من أمهات القواعد الفقهية ، وعليها الإجماع وتعتبر في كل المذاهب الفقهية ، قال صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) رواه البخاري ومسلم من حديث عمر ، وتكلم الشاطبي باستفاضة في كتابه الموافقات عن اعتبار المقاصد في العقود والتصرفات ، وذكر ابن تيمية في الفتاوى 30/353 أنه أصل من الأصول ، فقال : وأصل هذا اعتبار المقاصد والنيات في التصرفات وهذا الأصل قد قرر وبسط في كتاب بيان الدليل على بطلان التحليل اهـ المقصود .
وقال ابن قاسم في الحاشية على الروض المربع 4/374 عن ابن تيمية وغيره ان المقاصد معتبرة في العقود ونقله عن ابن القيم .
5 ـ وهذا العقد من عقود المعاوضة التي فيها جهالة ، فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المنابذة وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه ، ونهى عن الملامسة ، والملامسة لمس الثوب لا ينظر إليه ) رواه البخاري ومسلم ، وعن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر رواه مسلم ، قال ابن عبد البر في التمهيد : وهي كلها داخلة تحت الغرر والقمار فلا يجوز شيء منها بحال اهـ . وعن ابن عمر قال كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة ، وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ) رواه البخاري ومسلم ، فقد حُرم من عقود المعاوضات ما فيه جهالة ومخاطرة كأمثال هذه البيوع القائمة على الجهالة ، أمثال بيع الملامسة والمنابذة وبيع نتاج النتاج وهو حبل الحبلة ، وقد دل الإجماع على ذلك ، كما نقله ابن المنذر وابن قدامة والنووي رحمهم الله .
7 ـ يخالف مقاصد الشريعة وأصولها .
8 ـ لما فيه من المفاسد التي سوف نذكرها إن شاء الله .
ثالثا : حكم الإلزام به :
أما الذين سارعوا في استخراج وثيقة التأمين مختارين راغبين فقد سارعوا في الإثم والعدوان ، وتعدوا حدود الله ( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) وقال تعالى ( تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) وقال تعالى ( وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) ، ويُخشى عليه أن يُعاقب بنقيض قصده ، فلا يأمن ولا يطمئن ولا يرجع إليه حقه ، وما ربك بظلام للعبيد .
أما إلزام الناس به فحرام ، ومن الاستيلاء على مال الغير بغير حق ، وهو ظلم وعدوان ويدل عليه :
أ ـ ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال ( يا أيها الناس فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ) .
ب ـ و لحديث عمرو بن يثربي قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى ، فسمعته يقول ( لا يحل لمرئ من مال أخيه شيء إلا ما طابت به نفسه ) رواه أحمد والدارقطني والبيهقي . وعن أبي حميد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا يحل لمرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه ، وذلك لشدة ما حرم الله عز وجل مال المسلم على المسلم ) رواه البيهقي وقواه ابن المديني .
قال ابن حزم في مراتب الإجماع في باب الغصب : واتفقوا أن أخذ أموال الناس كلِّها ظلماً لا يَحِل اهـ .
رابعا : موقف المسلم من هذا الإلزام وما يترتب عليه وكيفية التعامل معه :
أ ـ لا يجوز للمسلم قبول هذا الإلزام والتمشي معه إن استطاع ذلك ، وعليه التخلص من ذلك ، ولا تجوز طاعة أحد في ذلك ، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وأمر عليهم رجلا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب عليهم وقال أليس قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني قالوا بلى قال قد عزمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثم دخلتم فيها فجمعوا حطبا فأوقدوا فلما هموا بالدخول فقام ينظر بعضهم إلى بعض قال بعضهم إنما تبعنا النبي صلى الله عليه وسلم فرارا من النار أفندخلها ، فبينما هم كذلك إذ خمدت النار وسكن غضبه فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا إنما الطاعة في المعروف ، وفي لفظ : لا طاعة في معصية الله ) رواه البخاري في باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية ، ورواه مسلم أيضا .
ب ـ ولا يجوز للمسلم أن يجدده كل سنة وهو يستطيع إلى ذلك سبيلا . وإذا دفع المسلم المال إلزاما وبقوة السلطان ، فيبقى هذا المال الذي دفعه غصبا حقا له ، يحق له استرجاعه متى ظفر به ، وأخذه منه بغير رضاه لا يُسقط ملكه له ، وهو دين في ذمة الشركة الغاصبة أخذته منه بالقوة ، وليس لها حق فيه ، ولا تملكه بالقبض ، إنما قبضها له قبض غاصب ، لحديث سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( وليس لعرق ظالم حق ) رواه أبو داود والترمذي وقال هذا حديث حسن غريب ، وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ... وقال وفي الباب عن جابر وعمرو بن عوف المزني جد كثير وسمرة حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال سألت أبا الوليد الطيالسي عن قوله وليس لعرق ظالم حق فقال العرق الظالم الغاصب الذي يأخذ ما ليس له .
وأخذ الشركة المال بالقوة له حكم الغصب ، فتضمنه على كل حال ، فعن سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين ) متفق عليه ، رواه البخاري في كتاب المظالم ، باب إثم من ظلم شيئا من الأرض ، وذكره النووي في شرح مسلم في باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها من كتاب المساقاة .
فتضمن الشركة هذا المال على كل حال ولك أيها المسلم استرجاعه متى ما ظفرت به ، وإن عاد إليك فهو حقك ، ومن ظفر بحقه الذي سببه ظاهر فهو أحق به ، ولا يمكن أن يُلزَموا بقوة السلطان على الدفع ثم يُمنعوا بالفتوى من أخذ حقهم واستيفائه متى ما تيسر ، فيُجمع لهم بين ظلمين ، فيُؤمروا بالدفع ويُمنعوا من الاستيفاء ، والظلم ظلمات يوم القيامة . واسترجاعهم له جائز وهو مبني على مسألة الظفر ، ودليلها حديث عائشة رضي الله عنها أن هندا قالت للنبي صلى الله عليه وسلم إن أبا سفيان رجل شحيح فأحتاج أن آخذ من ماله ، قال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) متفق عليه ، ومبني على ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره ) متفق عليه ، ذكره البخاري في باب إذا وجد ماله عند مفلس في البيع والقرض والوديعة فهو أحق به ، ثم قال : قال سعيد بن المسيب قضى عثمان : من اقتضى من حقه قبل أن يفلس فهو له وعرف متاعه بعينه فهو أحق به اهـ .
ولو فُرض أن الشركة الغاصبة لحقك أصلحت سيارة من أخطأت علية ، فهذه صورة تمكنت فيها من استرجاع حقك ، قال البخاري في باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه ، وقال ابن سيرين يقاصه وقرأ ( وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) اهـ ، وقد وصله عبد بن حميد في تفسيره من طريق خالد الحذاء عن محمد بن سيرين إن أخذ أحد منك شيئا فخذ مثله اهـ .
وما زاد فليس لك فيه حق ، لأنه مال الغير لكن يبقى في ذمتك للمسلمين ، يصرف للمجاهدين والفقراء والمساكين ، ولا تُرجعه إليهم فليس لعرق ظالم حق .
خامسا :
حكم العمل في هذه الشركة التأمينية التعاونية التجارية الإلزامية :
يحرم العمل في هذه الشركة الظالمة الغاصبة التي تأكل أموال الناس بالباطل ، لأن العمل فيها إعانة على الإثم والعدوان وقد قال الله تعالى ( وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
والأموال التي أخذوها مغصوبة ، والعامل في هذه الشركة مساعد على هذا الغصب وهم يتصرفون في أموال لم يملكوها ولم يجزها لهم المالك ، قال ابن حزم في المراتب : واتفقوا أن بيع المرء ما لا يملك ولم يجزه مالكه ولم يكن حاكما ولا منتصفا من حق له أو لغيره أو مجتهدا في مال قد يئس من ربه فإنه باطل اهـ .
سادسا : مفاسده :
أ ـ التسبب في كثرة الجرائم ، كالتهور في القيادة والسرقات وغير ذلك .
ب ـ تكدس الأموال في أيدي قلة من الناس ، وهم أصحاب الشركة ومن وراءها .
ج ـ الإغراء بإتلاف أموال وممتلكات الغير عدوانا حيث يغري التأمين ضعاف النفوس بارتكاب الجرائم الفظيعة وعدم مراعاة حرمة الدماء والأموال والممتلكات .
د ـ إبطال حقوق الآخرين .
هـ ـ إفساد الذمم .
ز ـ ضياع المحافظة الفردية على الممتلكات وعدم الحيطة الفردية واتخاذ الوسائل والأسباب .
ح ـ تخويف الناس والتغرير بهم .
ط ـ ضياع الروابط وتفكك المجتمع ، وغير ذلك كم المفاسد .
سابعا : شبهات من أجازه :
ومن أجاز هذا العقد فانه لا يستند إلى دليل خاص في المسألة ، وإنما يستند إلى أحد أمرين : إما مجرد قياسات باطلة في معارضة النصوص ، وإما على مصالح موهمة أو فاسدة الاعتبار . وليس عندهم إلا التلبيس وتقديمه على غير حقيقته .
ثامنا : البديل الشرعي الإسلامي الذي يحقق السعادة للناس :
إن دين الإسلام صالح لكل زمان ومكان ، قال تعالى ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) وقال تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) ، ويحقق لأهل الإيمان السعادة والاطمئنان قال تعالى ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ) والإسلام ضمن العيش والأمن ، وهما مطلبان عظيمان ، وإذا قام حكام المسلمين على أمور الناس أحسن قيام بالتحكيم لكتاب الله والعمل بالشريعة وتوجيه حياة الأمة ورعايتها حصل الأمن ، فليس هناك أمر يحقق للإنسان تأمين عيشه وماله ونفسه ودينه وأهله مثل الإسلام وتطبيقه . وإذا أردنا الأمان فلابد من الاكتفاء بالطريقة الشرعية لتأمين حال الناس ، فمن الطرق الشرعية في تحقيق الأمن للناس :
1ــ رفع الأضرار والأخطار عن طريق بيت مال المسلمين ، فإن لكل مسلم حقا في بيت المال يجب دفعه إليه ، لحديث ( أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن مات وترك مالا فماله لموالى العصبة ومن ترك كلا أو ضياعا فأنا وليه ) رواه البخاري ، ومسلم .
2ــ ضمان الحد الأدنى من المعيشة ، ففي كتاب الأموال لأبي عبيد 260 وهي قصة عمر حين قدم الشام فاشتكى إليه بلال حال الناس فقال لا أقوم من مجلسي هذا حتى تكفلوا لكل رجل من المسلمين بمدّي بر وحظهما من الخل والزيت فقالوا نكفل لك يا أمير المؤمنين هو علينا قد أكثر الله من الخير ووسع قال فنعم إذا اهـ .
وجاء عنه أنه قال إني قد فرضت لكل نفس مسلمة في كل شهر مدي حنطة وقسطي خل وقسطي زيت ، فقال رجل والعبيد ؟ فقال عمر نعم والعبيد اهـ . الأموال لأبي عبيد ص 261.
وجاء عن ابن عمر أن عمر كان لا يفرض للمولود حتى يفطم قال ثم أمر مناديا فنادى لا تعجلوا أولادكم عن الفطام فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام ، قال وكتب بذلك في الآفاق بالفرض لكل مولود في الإسلام : الأموال 249 .
3 ـ تحمل الدولة للديون عن العاجزين كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( من توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه ) رواه البخاري في كتاب النفقات ، ومسلم .
وحديث قبيصة فقد تحملت الدولة ديونا عليه . فعن قبيصة بن مخارق الهلالي قال تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها ، فقال ( أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ) قال ثم قال ( يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوى الحجا من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا ) رواه مسلم .
4ــ رفع حاجات الناس عن طريق الصدقات من الزكاة وزكاة الفطر والكفارات والهدي والأضاحي ، قال تعالى ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) . وقال صلى الله عليه وسلم ( أطعموا الجائع وفكوا العاني ) رواه البخاري ، وقال صلى الله عليه وسلم ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد ) متفق عليه .
5ــ تفعيل جانب القرابة والعاقلة في نفع بعضهم لبعض ، وتحمل بعضهم عن بعض ، قال تعالى (ْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) وقال تعالى ( وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ ) .
6ــ منع الربا، وإلغاء البنوك الربوية المحاربة لله ورسوله ، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ) .
7 ــ إلغاء الضرائب والرسوم التي أنهكت الناس وأثقلت كواهلهم ، وقديما كانت تسمى بالمكوس ويحرم العمل فيها بأي نوع من أنواع العمل ، ومعلوم أن الضرائب محرمة في الكتاب والسنة والإجماع ، أما الأدلة على ذلك :
أ ـ قال تعالى ( وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) وجه الدلالة : أن أخذ ضرائب على المسلم باطل وظلم لأنه بغير حق ، قال الله تعالى ( وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) .
ب ـ جاء في الصحيحين من حديث أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال ( يا أيها الناس فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ) ، وفي الباب عن ابن عمر وجابر وابن عباس وغيرهم . و لحديث عمرو بن يثربي قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى ، فسمعته يقول ( لا يحل لمرئ من مال أخيه شيء إلا ما طابت به نفسه ) رواه أحمد والدارقطني والبيهقي . وعن أبي حميد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا يحل لمرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه ، وذلك لشدة ما حرم الله عز وجل مال المسلم على المسلم ) رواه البيهقي وقواه ابن المديني .
فأخذ الرسوم من الظلم لأنه عن غير طيب نفس منه وروى مسلم في صحيحه في المرأة الزانية لما تابت وقد رجمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ) والشاهد : أن صاحب المكس قد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب ويحتاج لتوبة صادقة ، وروى أحمد وأبو داود عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا يدخل الجنة صاحب مكس ) , وصاحب المكس في هذه الأحاديث هو من يعمل في جمع الضرائب والرسوم واستحصالها وكتابتها وأخذها .. إلخ .
ج ـ أما الإجماع فقال ابن حزم في كتابه المراتب في الإجماع صـ121ـ واتفقوا أن المراصد الموضوعة للمغارم على الطرق وعند أبواب المدن وما يؤخذ في الأسواق من المكوس على السلع المجلوبة من المارة والتجار ظلم عظيم وحرام وفسق .اهـ , وقال ابن تيمية في الفتاوى 28/278 لما ذكر ما يأخذه الإمام فقال : ونوع يحرم أخذه بالإجماع .. كالمكوس التي لا يسوغ وضعها اتفاقا .اهـ , وقال ابن مفلح 6/280 ويحرم تعشير الأموال (أي المكوس) والكلف التي ضربها الملوك (أي الرسوم والضرائب عامة) على الناس إجماعا .اهـ , وقال ابن قاسم في حاشية الروض المربع 4/119 وتحرم الكلف التي ضربها الملوك على الناس بغير طريق شرعي إجماعا .
وقال ابن حزم في مراتب الإجماع في باب الغصب : واتفقوا أن أخذ أموال الناس كلِّها ظلماً لا يَحِل اهـ .
قال ابن تيمية في الاختيارات ـ كتاب الغصب ـ ويدخل فيه ما يأخذه الملوك والقطاع من أموال الناس بغير حق من المكوس وغيرها اهـ .
وأخيرا :
فليتق الله من يجرؤ على الفتوى فيبيح هذا التأمين الإلزامي المضاعف التحريم بحجج واهية ومصالح تخالف النص ويتلمس الأعذار في ذلك .
ويجب على العلماء والقضاة في المحاكم الشرعية وطلبة العلم أن يقوموا بما يجب عليهم من إنكار هذا الأمر وبيان حكمه وأخطاره ، فقد أوجب الله عليهم ذلك .
وليتق أهل هذه الشركة والمسؤولون ظلم الناس بإلزامهم بالتأمين المحرم ، وليتقوا دعوة مظلوم ، فعن سعيد بن زيد أن أروى خاصمته في بعض داره فقال دعوها وإياها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه في سبع أرضين يوم القيامة ، اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها واجعل قبرها في دارها قال فرأيتها عمياء تلتمس الجدر تقول أصابتني دعوة سعيد بن زيد فبينما هي تمشي في الدار مرت على بئر في الدار فوقعت فيها فكانت قبرها ) متفق عليه . اهـ . والله أعلم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين .

الــمــوقــعــون

1- محمد بن فهد العلي الرشودي .
2- علي بن خضير الخضير .
3- حمد بن ريس الريس .
4- محمد بن سليمان الصقعبي .
5- حمد بن عبد الله الحميدي .
6- عبد الله بن عبد الرحمن السعد .
7- عبد العزيز بن سالم العمر .
8- أحمد بن صالح السناني .
9- ناصر بن حمد الفهد .
10- أحمد بن حمود الخالدي .
الرحال الصغير غير متصل