مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 22-02-2008, 06:38 PM   #14
ثائر بن ثائر
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
المشاركات: 63
أشكر الأخ ( العائد الأول ) على هذه الكتابة الراقية فسلمت يمينك !!!

الحديث في القضايا المجملة التي يدخلها قدر من العموم والشمول لعموم متعلقها حديث مركب معقد ، وعامة القضايا المركبة يكون مورد الغلط فيها من جهة قصور النظر في عمومها ، فأنت ترى أن عامة الغالطين في هذا المقام قد أتو من نظر جزئي جعلوه مقدمة لحكم كلي فعندئذ يكون الإشكال !!

الفكر كمنتج إنساني عند الحديث عنه لا بد من إعمال النظر التجزيئي المفكك وذلك لأنه ببداهة من القضايا المجملة المركبة ، وذلك لكي تكون النتيجة محكمة ، فيها تحصيل لمقام الاعتدال والقسط الذي هو سيما أهل الحق والعدل من المسلمين والعقلاء من بني آدم ، وعندما نفقد النظرة التجزيئئة في مثل هذه المقامات ونقع في شراك التعميم فإن التنيجة يدخلها قدر من التردد والاضطراب فتفقد أخص مقوماتها الاطرادية ...

البشرية في سالف تاريخها قذفت إلينا كما هائلا من منتوجها العقلي الفلسفسي قبل أن تشرق نور الرسالة المحمدية على البشرية ، هذا التراث الإنساني من قدر حلت فيه ضلالة البشرية وتخلفها وذلك عندما يطغى جهل الإنسان وظلمه كغريزة بشرية في تكوينه على الاستدلالات العقلية المنطقية التي يتفق عليها عقلاء بني آدم فينتج من ذلك فكر متخلف يقود إلى حال من التخلف والرجعية ، وأنت ترى مثالات هذه الحال ظاهرة في كلام الفلاسفة والنظار عن الماورائيات - المتافيزيقيا - وكلامهم عن حقيقة العالم والعقول السبعة وغيرها سواء كانوا في أصل نظرتهم غنوصيين إشراقيين أتباع المانوية أو من مشائيين منطقيين أتباع أرسطو ومدرسته ...
هذا القدر من التراث الفلسفي الفكري يمثل الوجه الكالح من الفكر الإنساني الذي يخالف الفطر بله العقول ، ومما يثير العجب أنه ما زال محل تقديس عند بعض النظار من المفكرين من العرب والعجم !!

وقدر آخر من هذا التراث الفكري هو من قبيل المشترك الإنساني الذي توصل إليه جمع من الفلاسفة المتقدمين بعد إعمال للقواعد العقلية المشتركة وترتيب لمقدمات منطقية يستخلص منها نتيجة عقلية محكمة - هي في قدر منها بدهية - وهذا المقام هو ما كان محلا لتصويب شيخ الإسلام - جمعني الله به في جنات النعيم - للمناطقة فهم كما يقول أصابوا في علوم هي من قبيل القواعد الرياضية ..

وما إن أشرقت الرسالة المحمدية على هذه البسطة حاملة في طياتها شريعة محكمة كان من أخص صفاتها وميزاتها الشمولية المطردة في سائر مواردها ومن أخصها - وهو ما يناسب هذا المقام - التوازن في نظرية مصادر المعرفة بين النقل والعقل ودفع لمن توهم تعارضهما فكانت هذه الشريعة على مقامين :
الأول : مقام الأصول المحكمة التي تمثل ثوابت معرفية لهذه الأمة من أصول الاعتقادات ومناطات الاجماع وهذه يتوقف في إثباتها على مورد النص الشرعي المقدس ، إذ أن إعمال العقل في سياق اثباته ونفيه من موارد الغلط ، ولذا كان من أخص صفات هذه الأصول بأنها استمرارية الثبوت لا يعتريها عامل الزمن بتغير وتبدل .
الثاني : مقام إثراء العقل البشري باجتهادات تناسب الحال والزمان هي محل ( للفكر الاجتهادي ) فتستثمر النصوص بعمليات متقنة منضبطة كان للفرس المنقول والمقول محمد بن ادريس الشافعي - رحمه الله - فضل السبق في ابرازها وتقنينها وتوارد على ذلك علماء الأصول فأقاموا طريقا محكما لاجتهادات العقول بما يوافق المنقول .
هذا التحصيل البشري المتمثل باجتهادات عقلية محكمة هو من قبيل ( الفكر الإسلاي ) وكان في عصره الأول متسقا مع قواعد الشريعة حتى أتى بعض ( الإسلاميين ) فحرفوا مسار هذه القواعد مما أحدث اضطرابا في النظريات العلمية لهذه الأمة ويقذف لنا التاريخ بمصلحين ( مفكرين ) يغيرون مجرى الانحراف إلى جادة الصواب .

فكتب الفكر هي من هذا القبيل فيها شيء القواعد العقلية المحكمة وفيها ما هو دون ذلك والمعصوم من عصمه الله !

اعتذر عن الإطالة مع أن الموضوع في حاجة إلى بسط ليس هذا مقامه !
__________________
للتواصل : bmn383@hotmail.com
ثائر بن ثائر غير متصل