سمعته وكان لكلامه وقعٌ في أذني عندما قال " الشق أكبر من الرقعة " قالها بوجه شاحب , وصوت خافت , وهو يتحدث عن أحوال الأمة الإسلامية وما آلت إليه , فارتسمت في مخيلتي سحابةٌ سوداءُ قاتمة , وشعرت برعشة هزت أطرافي . . .
أجمعت قواي , وحملت أمتعتي , وخرجت أجر قدمي جراً من تلك القاعة , خرجت بخطوات متثاقلة , ونفس مهمومة , أحمل نظرة سوداوية لا تعرف للحياة طريقاً , ركبت سيارتي وشغلت جهاز الرادو علي أسمع ما يسليني , فإذا بي أسمع أخباراً زادت طيني بلة ـ قتل ـ نهب ـ جدب ـ غلاء أسعار ـ فَعَجِلت لقلب الموجة إلى المسجل فكنت كالمستجير من الرمضاء بالنار . . نشيدة حزينة تتحدث عن المجازر التي يتعرض لها إخواننا في بقاع الأرض . .
ياالله . . أين المهرب ! ! صبرني الله حتى وصلت إلى البيت , وألقيت نفسي على سريري . . وبدأت أفكر في تلك الجملة " الشق أكبر من الرقعة " أخذت بي الأفكار يمنة ويسرة , هذه الكلمة خرجت من مُصْلِحٍ رأى وجرب ! !
ترى هل انتهى الأمر ؟ هل هذه هي النهاية ؟ فوجد الشيطان بغيته وأخذ يحاول استغلا ل الموقف لصالحه فراودني :
" أجل الشق أكبر من الرقعة ؟ ؟ ؟ ألست ترى الفساد والغلا والجدب ؟ ؟ ؟ ألم تقرأ أن لله سنة كونية لن تتبدل منذ نزول آدم عليه السلام حتى قيام الساعة ؟ ؟ ؟
ألم تعلم أنه كلما كثر الخلق وكثر الفساد أهلكهم الله بعذاب من عنده يعم الصالح والطالح ؟ ؟ ؟
قم انظر إلى السماء ! ! ألست ترى تلك الغيمة السوداء ! ! ماذا تعني لك ؟ ؟ ؟ أتذكر قول الله عز وجل {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء } ؟ ؟ ؟
ألم تسمع بالاحتباس الحراري ؟ ألم تفهم سر تلك المعضلة ؟ ؟ ؟
عندها وجدتني بين تلك الأمواج العاتية من المهلكات , تتقاذفني ذات اليمين وذات الشمال . . .
الله أكبر . . أعلنها المؤذن مدوية . . وبإعلانها أرسل إلي طوق النجاة , وزورق الحياة . .
الله أكبر . . عندما قالها صحوت من ذلك الكابوس المؤرق . .
الله أكبر من كل شيء , قادرٌ على كل شيء , محيط بكل شيء . .
لعنة الله عليك يا ابليس ! ! !
لم تقل . . لن تهلكوا والأذان يرفع . .
لم تقل . . لن تهلكوا وأنتم تستغفرون . .
لم تقل . . انظر الى الاسلام كيف ينتشر في أصقاع المعمورة . .
لم تقل . . انظر الى تلك الورود التي ترتل القران في المساجد تنبيء عن غد مشرق . .
لعنة الله عليك يا ابليس . .