أرى أن هيمنةَ الفكرِ تكون في أن التقنيةَ في الأصلِ (أفكارٌ) عملية لها فلسفاتُها النظرية ، فرضها الواقعُ والحاجةُ المُلحّةُ ; فالهاتفُ الجوالُ إنما هو فكرةُ الاتصالِ البعيدِ ، وتكون هيمنةُ الفكرِ كذلك في أن التقنيةَ أو كثيراً منها نَشَأَتْ لخدمةِ أفكارٍ مُعينة ، كظروف نشأة الشبكة العالمية أو Internet .
ولكن أعتقد أن التقنيةَ باعتبارها علماً حديثاً فرضَتْ هيمنتها على الفكر في حُقبةٍ زمنيةٍ بعينها ، ذلك أن شعوباً كانت رهينةً لأفكارٍ دينيةٍ خاضعةً لسلطاتٍ دكتاتورية تريد لها ما لا تريده ; فلما تطوّر العلمُ الحديثُ وثار أصحابُه على تلك الأفكار (القيود) ووجدتْ تلك الشعوبُ في العلم ما لم تجدْه حين كانت مغلوباً على أمرِها ، تحرّرتْ من تلك الأفكار وتبرّأتْ منها وظهرتِ الدعواتُ لفصل الدين عن الحياة ، ونشأت العلمانية وغيرُها من المذاهب الفكرية . أعتقد أن كلَّ ذلك من مُفرزاتِ العلمِ الحديث الذي تُعتبر التقنيةُ من مظاهرِه الواضحةِ الجليّة . وتظهر هيمنةُ التقنية أيضاً بطبيعتها التوسّعيةِ المُذهلة ، فبعد أن نشأتْ الإنترنت كفكرة حكومية عسكرية أخذت في التوسعِ المُدهش حتى أصبحت تؤدي أغراضاً استعماريةً ، وتفرض ثقافاتٍ وتلغي أخرى ، وتكسر الحدود الإقليمية والثقافية بين شعوب العالم ، كلُّ ذلك مؤشراتٌ خطيرة تهدد الفكر والثقافة .
هذا ما أثاره سؤالُك العميقُ في رأسي 
ولعل لي عودةً لهذا الموضوع الشجيّ !
__________________
.. .
. .. { اللهمّ إني أسألك سَوْقَ الأفكار إلى سُوق ِالابتكار } جُـننـّا بليلى وهي جُنـّتْ بغيرنا *** وأخرى بنا مجنونة لا نريدها
.................................................. .................................مـدونـتــــي
.
|