- - 2 - -
بَينَمَا أتَجوّلُ فِيهِ -المعرض ، إذْ بِي أقفُ حَائِراً بَينَ كُتب الفِكر وَالإلحَاد ، فَهلْ نَقولُ أنّ الإلحَاد فِكرٌ عَظيم ! ، يَقَول ذلكَ المُعتزِلَة الجُدد ، فَإنّهُم لايَترُكونَ اسْمَاً للفِكر البَذِيء إلاّ وَسَرقوهُ وَأوْدَعُوهُ فِي عُقولِهم الضّعيفِةِ التي لمْ تَتَحمّل الإيمَان بالغَيبِ مِنْ وَحي الله ، فَكيفَ تَسْتَسيغُ مَا يَقولُهُ البَشَر ! ، وَقفتْ عِندَها-كتب الإلحاد، وَقفَة اسْتِصغَار للعُقُول ، واسْتِحقَار لَهُم ، لكِن مَا أدهَشَنِي صَوت صَغير يَنبِس مِنْ مَكانٍ بَعيدٍ وَيهمِس : أعْطِني هَذا الكِتَاب مِنْ فَضلِكَ ! ، رَميتُ ببَصري عَلى مَصدَر ذَلكَ الصّوت اللطِيف ، فَوَضَح لي أنّه غليّم يَتهَافتُ بِبَراءَة عَلى أحَدِ الكُتُب ولامُجيبَ لَهُ ، مَسحتُ ببَصرِي على شَكلهِ حتى حَننتُ إليهِ محاولاً مُسَاعَدَته ، فأينَ عَائِلَه الذي تَركَهُ يَطيشُ بينَ الكُتُب ، حَسَنهَا وقَبِيحهَا ؟! ، لَفَت نَظرِي إلى البَائِع الذي كَادَ أنْ يُعطيَه الكِتَاب ، إلاّ أنّي تَربت عَلى يَديهِ مُعَاتباً : أتُعطِي كِتَابَاً كَهَذا لمِثل هَذا الغُلام الصّغِير؟ ، فاسْتَجَاب البَائِع ومَنعَه ، وانْصَرَف الغُليّم يَبحثُ عَمّن يَأوِيهِ ! ، ومَا أكثرُ المُتَشوّقين مِنَ البَاعَة لمِثل هَذا الصّبِي .
الكَثير مِن البَاعةِ يَستغلّ مِثل هَذا المَوقِف وغَيره ، فَتجدُه يَدسّ فِي الغُمُوض الكُتب المَمنُوعَة ، وهيَ لاتَستَحِقّ المَنع لخَوَرهَا وضَعْفِها ، والبَاعَة يَصرفُونَهَا بأضْعَافٍ مُضَاعَفة ، فَهلاّ عَدل بَعض المُتفيقِهينَ عنْ البَحث فِي المَمنُوع ، لِذلكَ لاَمفيدَ ولاجَديدَ ولاشَيء يُذكر لَهَذا (المعرض) البَئِيس.
سَأعُود بدُون عَيْن . . .
القِمَطرُ
__________________
ليسَ بعلم ٍ مايعي القِمَطرُ ** مالعلمُ إلا ماوعَاهُ الصّدرُ : 12
آخر من قام بالتعديل القِمطرة; بتاريخ 07-03-2008 الساعة 04:30 PM.
|