استجابةً للضغوطِ النفسيَّة الكثيرة التي يمرُّ به ( عبدُ الكريم ) ، ولمزِ زملائه له بالتعقيد ..
فقد أصبحَ بين أترابه ذا لقبٍ معروف ..
ينادونَه بـ ( المُعـَـقَّد ) !
كلّ ذنبه أنه لم ينخرط في السفاهات ، وأنَّ والده يسألُه كلما رامَ ذهاباً أو إياباً : إلى أينَ يا ( عبد الكريم ) ؟
لقد دفع هذا التعقيدُ المزعومُ (عبدَ الكريمِ ) لتصرُّفاتٍ يرى هو - من خلالها – أنَّها تُثْبِتُ له رجولةً ، أو تُقَوِّي له شخصيَّة !
أضحى ( عبدُ الكريمِ ) ذاهباً وآيباً مع أترابِه ..
وفي قلبِ الاستـراحـــــة
رأى ( عبدُ الكريمِ ) - ولأوَّلِ مرَّةٍ - ما لا يحـــل !
لقد كان منظراً مُقزِّزاً له ؛ كادَ أن يستفرغَ عشاءَه مما غَشِيَه من ( القَرَف )
كان يسألُ أصحابَه : كيف تتحمل أفئدتُكم أن ترى هذه المناظر البشعة ؟
لقد كانوا يضحكون منه : إنِّه – بالفِعلِ - مُعَقَّدٌ !
وبعدَ تِلكَ الجلسةِ البائسة ؛ عادَ ( عبد الكريم ) إلى مَنزلِه لينام في هزيعٍ من الليل ؛ تلقَّاهُ أبوه :
ـ عبدَ الكريم : ما الذي أخَّرك إلى هذا الوقت ؟
لم تكن لتتأخرَ إلى وقتٍ كهذا !
ـ لقد كنتُ مع أصحابي ، ثمَّ إنني قد أصبحتُ كبيراً ؛ فلا تقلق عليَّ – حفظك الله لنا - ..
الأمّ : لكنَّك غريبُ الحال ، وكأنَّك أُصبتَ بمكروه .. هل حدثك لك شيءٌ يا حبيبي ؟
ـ أبداً با أمي.. لكنَّني متعبٌ وأحتاجُ إلى النَّوم ..
ـ نَمْ قريرَ العينِ يا بُنَيّ ..
عبدُ الكريم لم يعتد الإساءَةَ لأبيه ولا لأمِّه ، وإن كان يسمع من أقرانِه أنواعَ الإساءات ؛ لكنَّه أصيلُ الذَّاتِ .. نقيُّ الصفات ..
لقد نام ( عبدُ الكريم ) بعد أن صلَّى الوتر ، وأحسَّ بالذنب ، ورأى في منامهِ شيئاً عجباً ...
سنذكرُه فيما بعد ..
..........
وفي الذِّكْرَى بَقِيَّة