أنا مُلتزم . . . (يسرّني رأيكَ ، تفضل هنا . . . )
قدْ وَصَلتنِي هَذِه الرّسَالَة عَبر (الايميل) باسم . . . القِمطرة ، وَأرْجُو أنْ تُعينُوا صَاحِبَهَا عَلى نَفسِهِ . .
يَقولُ فيهَا -نُقلتْ بتصَرّف :
___ ___ ___ ___ ___ ___ ___ ___ ___ ___ ___ ___ ___ ___ ___ ___
يا . . . القِمطرة ، بعثت إليكَ فلا تخيب ظني . .
أنا منبوذ نبذ اليهود للقرآن ، لا أدري أين وجهتي ومرادي وقصدي من الأقوال ، ونيتي وهدفي من الأفعال ، همي الوحيد هو مدح الناس لي ، لأني غير واثق مما أفعل بل وأقول مالا يمكن فعله ، وسبب ذلك كله هو عائلي ، بل أهلي كلهم سعوا جاهدين ليأتوا بولدٍ خالدٍ في ظلهم المكنون ، فعجزوا لكونهم لايعلمون ، لأجل ذلك لن أسبهم أو انتقدهم -لأنهم سعوا- بقدر ما ألوم الذي لم يُفقههم ماهيّة التربية وحسن التعامل . .
قد تكون تلك المقدمة قاسية عليك وعلى أمثالك ، لأنك لم تعش مثل عيشي ، ولم تذق مرارة ما ذقت ، إني على علم أنك ستقول : أصبر فالصبر أقرب للفرج من حزنك البئيس ، أو تقول : احتسب فالأجر فيه مضاعف ! ، لكني كللت ، فقد قرأت جميع كتب التعامل مع الناس والأسلوب الأمثل في الاختلاط معهم راجياً بذلك حلاً ، فعزمت على تطبيق مايُقال في تلك الكتب ، ففترت وعجزت ، ليس لأن همتي ضعيفة أو عزيمتي ضئيلة ، فأنا المثالي في المدرسة ، والحافظ للقران وكثير من السنة ، وأقرأ كتباً لايقرؤها من في عمري ، أرجوك لا تضع اللوم علي في قضية تطبيق ما قالوه في كتبهم ، لأني لم أدع مسلكاً إلا اتخذته ولا طريقاً إلا سلكته ، كل السبل تلكأت في وجهي القصير ، حتى دعاة التربية والتفاؤل لم أدع لهم سؤالاً إلا وأجابوا عليه تنظيراً واهياً !. يقولون افعل وافعل ، وعندما افعل سرعان ما يحتجون بالخطأ في كيفية فعلها –حسب قولهم ، وأنا واثق أنهم عجزوا عن الحلول مثلما عجزت أنا ، أعلم أنكَ ستهول علي أمر هذا الكلام ، وتقول إنه لايكون لعاقل مثلك ينمق هذه العبارات البراقة ! ، فصفني بالجنون ، ولتقل ماتشاء ، فأنا وأنت سيان في هذا الدرب ، لا يضرني قولك ولا يضرك ما أقول . .
قصتي بإيجاز . . أنا ملتزم منذ نعومة أظفاري ، المعلمون يهتفون بحبي علناً لتفوقي وأدبي حتى أضمر الطلاب في نفوسهم الحقد علي . الأقارب وصفوني بصاحب الخلق العالي والسمت الرفيع الذي يعجز عن تقمصه الأفذاذ حتى تناطق أبناؤهم علي شتماً وسباً ، ومازادني غير ثبات وما زادهم إلا سقوطاً وانحطاط . الجار الكريم أبا محمد فضلني على كثير من أهل حيّنا حتى ظلموني شر مظلمة وأوقعوني في مظلمات أنا فيها مظلوم ، بل لم أسلم من إخواني الذين سعوا إلى تحضيض أبي عليّ فأحياناً يصفوني بالعاق (وما أقواها من كلمة تهز كياني ، لأن لست ذاك العاق الذي يطيش في صفحات المراهقين يعبث هنا وهناك ، فإما يكون مرهق لأباه وإما لائم عليه ) بل أنا الذي لازم للبيت لا أدعه إلا لحاجة ماسّة ، وقلة -في هذا الزمان- من هم مثلي ، نعتوني بالمنافق نظراً لتديّني ، والعاق ، وجميع أوصاف الخزي التي لا أعرف لها مفردات في اللغة حتى أنقشها لكَ حياء وعجزاً ! ، أتراني أوفيت كل ما في جعبتي من أقوالهم ؟ ، لا ، بل لم أسلم من تشويه سمعتي الذي أخذ أبي يُلطخها بمفاهيم يدسها إخواني وأرحامي ، فوصمني ذات مرة عند (المرشد الطلابي) أيام صغري ، وفضحني أمام الملأ في فصلي ، حتى لم يبق لي وجه يحفظ ماؤه ، ومن ذا الذي يخلو من الأخطاء والعيوب إلا كاذب ! ، بل لم أسلم من عبثه –هداه الله – بعدما كبرت وصرت شاباً يافعاً يخط مجرى حياته بيده الناشئة ، حين جاء إلي في (الحلقة) وخاطب المدير بأني لست ملتزماً ، وقذفني بحب الغلمان ، وقال إني لا أصلي الفجر !! . . هل تريد أن أكمل لكَ ؟ أم ماذا ؟ ولماذا أكمل لك ؟ هل بيدك مقادير السماوات والأرض ، أم بين أصبعين من أصابعك قلوب الناس حتى تقلبها كيف تشاء !!
سأقول لكَ كما عهدت نفسي وسأترك الكثير ، وأدع غالب الحَزَن. .
ذات مرة كنت أذاكر في غرفتي وأنا في المرحلة الجامعيّة ، فيلج علي ويعلو صارخه ويطيش متخبطاً ، وما يذهب حتى يطفؤ الأنوار ، ويلومني بقوله (أنت مسرف) ، وعندما يذهب عني بعد صولة وجولة ، أشعل نوري البسيط في غرفتي التي اشتريتها لأجل القراءة عند النوم ، أذاكر وأراجع دروسي ، وأنا في صراع محتدم معه بل مع كل العائله فهذا جزء منه وما الأجزاء الباقية عنه ببعيد . .
أسلي نفسي أحياناً بقراءة قصص السلف والأنبياء والصالحين ، وكيف صبروا على مشاق الحياة طالبين الآخرة منصرفين عن الدينا ، دنية الأخلاق والآمال ، ولكني صغيرٌ على فعائلهم الجليلة ، فأنا في بداية مسيرتي أحتاج لمعين ولا وجود إلا للآلام والعقبات الكاسرة ، فبالله عليك هل تقرن بلالاً بي يوم أن قال (أحد ..أحد) وهو كبير وفي ظل رسولنا الكريم يذكره ويعلمه ويحفزه ويعظه ، وأنا لا رقيب يمنعني من فعل السوء ، ولا جليس يذكرني ، وهل تقارن ذلك الزمان بزماننا المليء بالفتن نساء وفواحش ومجون ، فقد يسرت سبل المهالك وصعبت طرق المعالي ! ، بل هل تقرن بلالاً الرجل العظيم بي أنا ! ، أنا ، لا أعتقد أن يقوله عاقل . .
أخيراً .. أنا قد خرجت من بيتنا لا أدري أين أذهب وقد تركت الجامعة وتحطمت آمالي ، وخربت أحلامي ، وعدت أنا الملتزم أفكر بالانتحار سبيلاً للخلاص ، لولا أني سائلك حلاً تجود به ، أو رأياً تقترحه بعدما نفذت الحلول ، وفترت العزائم ، وقلت الهمم ، وصكت الأبواب في وجهي ، فلقد رأيت فيك نباغة وعلماً وصدقاً وأحسبك كذلك ، واعلم أني لم أفض لك بكل مواجعي ، حتى لا تيأس فقليل منك أنتفع به ، خير من كثير من غيرك ضرني.
أخوك : فلان
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
سـَأعَودُ ، وتَفضّلوا أنْتُم بمَا تَرونَهُ صَوابَاً . . .
القِمَطرُ
__________________
ليسَ بعلم ٍ مايعي القِمَطرُ ** مالعلمُ إلا ماوعَاهُ الصّدرُ : 12
آخر من قام بالتعديل القِمطرة; بتاريخ 18-03-2008 الساعة 11:51 PM.
|