الطالبة : ما اسمكِ يا أستاذة ؟
أنا : فلانة .. هل هوَ اسم جميل ؟!
الطالبة : نعم . والأجمل أنّكِ متواضعة جداً !
أنا : وأين التواضع هُنا ؟
قطع الحديث مع الطالبة دخول (المشرفة) بصراخها وعويلها : أيّتها الفاسدات !!

.. استاذة (نورة) لن تحضر هذا اليوم .. وهذه المعلّمة ستكون بدلاً منها فأحسنوا معاملتكم وإلاّ . . .
أنا مخاطبة (المشرفة) : شكراً .. ولكنهنّ لسن فاسدات .. والذمّ والقذف دون تبرير ظلم قبيح

.
المشرفة : ههههه ، صغيرتي !!

.. أنتي جديدة في هذا المكان لاتعرفين أمراً عن هذه المدرسة وطالباتها وأسالبيهن الموحش والمقرف.
أنا : (بكلّ ازدراء لها) شكراً يا.. يا.. يا.. مشرفة . .
المشرفة : اليوم لدينا اجتماع للمعلّمات .. حضورك مهم فلا تنسي أو تتناسي.
أنا : إن شاء الله .. وأتمنّى مجيئكِ.
بعدما أغلقت الباب .. وقع بصري على نفس السائلة عن ماهيّة اسمي .. وإذ بعينيها تبتل من الدموع الغزيرة !
أنا : (وكان الفصل في غاية الضجيج فهي (حصة انتظار) . . مريم، تعالي إليّ.
مريم : تأتي وتزيد حشرجة صدرها المليء بالهموم .
أنا : مابالكِ يامريم ومالذي يبكيكِ؟
مريم : أرجوكِ يا أستاذة أن تُعفيني عن الجواب .
أنا : إنّ سؤالي عنكِ هواهتمام لكِ وليسَ فضولاً فأنا أحبّكِ.
وقفت تنظر إليّ شاخصة البصر .. تنظر إليّ باستغراب وكأنّها لا تعرف مدلول تلكَ الكلمات التي بعثتها .. فكأنها صارت تبحث في معاجم اللغة عمّا قلتُ لها . . فضمتني إلى صدرها وضممتها إليّ بكل رحمة وشفقة بها.. حتى أجهشت بالبكاء والنحيب ..
أنا : فلانة اذهبي واغسلي وجهكِ ثمّ عودي إلي ..
فلانة : حسناً ..
ذهبت وأنا أنظر إليها .. مسكين هذا القلب الصغير البريء الذي تحمله في جوفها .. كيف له أن يتحمّل كل هذا .. وماهوَ الشيء الذي من أجله تفجّرت عيناها الصغيرتان ؟! ..
أسئلة عديدة قطعت حبالها صراخ بنيّة في الخارج . .
أنا : لاتخرجن أيتها الفتيات .. سأعود بعد قليل.
وإذ بالفتاة التي أذنتُ لها بالخروج قد سقطت على الأرض وغابت عن الوعي . .
ياترى مالسبب .. وما هي الهموم التي صيّرتها بئيسة في حياة لاترجو منها غير السعادة .. لمْ أسطع لها جواباً حتى هذه اللحظة .. فقد عجزن عن الوصول إلى إجابة .. مذ جاء وليّها وأخذها دون عودة .. وذلكَ أول المواقف التي شجّلتها في سلكٍ يُوصف بالتعليم !.