QUOTأخي: تأبط رأيا
بودي أن أشكرك عظيم الشكر على حوارك الهادي المتزن فشكراً لك بحجم السماء , ومهما اختلفت الآراء فالأخوة تجمعنا .
((أهلا بك اخي الغالي أشكر لك رغبتك في معرفة الحق ، وحوارك الشيق ))
ذكرت مسألة الاختلاط وأنه محرم دون تفصل وأنا أعتقد أنا الاختلاط جائز والتحريم في الخلوة لا في الاختلاط فإذا كان الاختلاط محرم فلنغلق الأسواق ونمنع النساء من الخروج وهذا لا يقبله دين ولا عقل .
((أردت أنا لك الاختصار وانتقيت لك المهم والآن سأذكر لك بالتفصيل أنواع الاختلاط المحرم منه والمباح مع الأدلة ، ووجه الاستدلال ، إيضاحا للحق ، من كلام العلامة الشيخ محمد ابن إبراهيم رحمه الله مفصلا الأدلة من الكتاب والسنة آمل أن تقرأه على طوله:
فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ج 3 ص130مانصه :
((اختلاط الرجال بالنساء له ثلاث حالات: الأولى: اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال: وهذا لا إشكال في جوازه. الثانية: اختلاط النساء بالأجانب لغرض الفساد: وهذا لا إشكال في تحريمه. الثالثة: اختلاط النساء بالأجانب في دور العلم والحوانيت والمكاتب والمستشفيات والحفلات ونحو ذلك: فهذا في الحقيقة قد يظن السائل في بادئ الأمر أنه لا يؤدي إلى افتتان كل واحد من النوعين بالآخر، ولكشف حقيقة هذا القسم فإننا نجيب عنه من طريق مجمل ومفصل: أما المجمل فهو أن الله تعالى جبل الرجال على القوة والميل إلى النساء، وجبل النساء على الميل إلى الرجال مع وجود ضعف ولين، فإذا حصل الاختلاط نشأ عن ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيئ؛ لأن النفس أمارة بالسوء والهوى يعمي ويصم، والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر. وأما المفصل فالشريعة مبنية على المقاصد ووسائلها ووسائل المقصود الموصلة إليه لها حكمه، فالنساء مواضع قضاء وطر الرجال، وقد سد الشارع الأبواب المفضية إلى تعلق كل فرد من أفراد النوعين بالآخر. وينجلي ذلك بما نسوقه لك من الأدلة من الكتاب والسنة. أما الأدلة من الكتاب فستة: الدليل الأول: قال تعالى: { وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } (1) وجه الدلالة: أنه لما حصل اختلاط بين امرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كان كامنًا فطلبت منه أن يواقعها ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها، وذلك في قوله تعالى: { فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } (2) وكذلك إذا حصل اختلاط الرجال بالنساء اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الآخر وبذل بعد ذلك الوسائل للحصول عليه. الدليل الثاني: أمر الله الرجال بغض البصر وأمر النساء بذلك، فقال تعالى: { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }{ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ } الآية (3) .
وجه الدلالة من الآيتين: أنه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر، وأمره يقتضي الوجوب، ثم بين تعالى أن هذا أزكى وأطهر، ولم يعف الشارع إلا عن نظر الفجأة؛ فقد روى الحاكم في [المستدرك] ، عن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: « يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة » (1) ، قال الحاكم بعد إخراجه: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه، وبمعناه عدة أحاديث. وما أمر الله بغض البصر إلا لأن النظر إلى من يحرم النظر إليهن زنا، فروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال « العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطو » (2) متفق عليه، واللفظ لمسلم، وإنما كان زنا؛ لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى دخولها في قلب ناظرها فتعلق في قلبه فيسعى إلى إيقاع الفاحشة بها، فإذا نهى الشارع عن النظر إليها لما يؤدي إليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط، فكذلك الاختلاط ينهى عنه؛ لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه. الدليل الثالث: الأدلة التي سبقت في أن المرأة عورة، ويجب عليها التستر في جميع بدنها؛ لأن كشف ذلك أو شيء منه يؤدي إلى النظر إليها، والنظر إليها يؤدي إلى تعلق القلب بها، ثم تبذل الأسباب للحصول عليها وكذلك الاختلاط. الدليل الرابع: قال تعالى: { وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ } (1) . وجه الدلالة: إنه تعالى منع النساء من الضرب بالأرجل وإن كان جائزًا في نفسه؛ لئلا يكون ن سببًا إلى سمع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم إليهن، وكذلك الاختلاط يمنع لما يؤدي إليه من الفساد. الدليل الخامس: قوله تعالى: { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } (2) فسرها ابن عباس وغيره: هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم، ومنهم المرأة الحسناء وتمر به، فإذا غفلوا لحظها، فإذا فطنوا غض بصره عنها، فإذا غفلوا لحظ، فإذا فطنوا غض، وقد علم الله من قلبه أنه ود لو اطلع على فرجها وأنه لو قدر عليها لزنى بها. وجه الدلالة: أن الله تعالى وصف العين التي تسارق النظر إلى ما لا يحل النظر إليه من النساء بأنها خائنة فكيف بالاختلاط إذن. الدليل السادس: أنه أمرهن بالقرار في بيوتهن، قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } الآية (1) .
وجه الدلالة: أن الله تعالى أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين، لما تقرر في علم الأصول: أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصيصه، وليس هناك دليل يدل الخصوص، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن فكيف يقال بجواز الاختلاط على نحو ما سبق؟! على أنه كثر في هذا الزمان طغيان النساء وخلعهن جلباب الحياء واستهتارهن بالتبرج والسفور عند الرجال الأجانب والتعري عندهم، وقل الوزاع ممن أنيط به الأمر من أزواجهن وغيرهم. وأما الأدلة من السنة فإننا نكتفي بذكر عشرة أدلة: 1- روى الإمام أحمد في [المسند] بسنده عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنها، أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك، قال: « قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي » (1) ، قال: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيوتها وأظلمه، فكانت والله تصلي فيه حتى ماتت. وروى ابن خزيمة في صحيحه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن أحب صلاة المرأة إلى الله في أشد مكان من بيتها ظلمة » (1) .وبمعنى هذين الحديثين عدة أحاديث تدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد. وجه الدلالة أنه إذا شرع في حقها أن تصلي في بيتها، وأنه أفضل حتى من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه، فلأن يمنع الاختلاط من باب أولى. 2- ما رواه مسلم والترمذي وغيرهما بأسانيدهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: « خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها » قال الترمذي بعد إخراجه: حديث صحيح (1) . وجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للنساء إذا أتين إلى المسجد فإنهن ينفصلن عن المصلين على حدة، ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخيرية، وما ذلك إلا لبعد المتأخرات من الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك، ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم نساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الإمام وقربه من النساء اللائي يشغلن البال، وربما أفسدن عليه العبادة وشوشن النية والخشوع، فإذا كان الشارع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط وإنما هو مقاربة ذلك
فكيف إذا وقع الاختلاط؟! 3- روى مسلم في صحيحه، عن زينب زوجة عبد الله بن مسعود رضي الله عنها قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا » (1) .
وروى أبو داود في سننه، والإمام أحمد والشافعي في مسنديهما بأسانيدهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، ولكن ليخرجن وهن تفلات » (2) . قال ابن دقيق العيد : (فيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد؛ لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم، وربما يكون سببًا لتحريك شهوة المرأة أيضًا... قال: ويلحق بالطيب ما في معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره والهيئة الفاخرة، قال الحافظ ابن حجر : وكذلك الاختلاط بالرجال، وقال الخطابي في [معالم السنن]: التفل سوء الرائحة، يقال: امرأة تفلة: إذا لم تتطيب، ونساء تفلات) (3) .
4- روى أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء » (4) رواه البخاري ومسلم .
جه الدلالة: أنه وصفهن بأنهن فتنة على الرجال فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون؟! هذا لا يجوز. 5- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء » (1) رواه مسلم . وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء، وهو يقتضي الوجوب فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط؟! هذا لا يمكن، فإذا لا يجوز الاختلاط. 6- روى أبو داود في [السنن] والبخاري في [الكنى] بسنديهما، عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري ، عن أبيه رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء: « استأخرن؛ فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق » فكانت المرأة تلتصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به (2) . هذا لفظ أبي داود ، قال ابن الأثير في [النهاية في غريب الحديث]: (يحققن الطريق: أن يركبن حقها وهو وسطها). وجه الدلالة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق؛ لأنه يؤدي إلى الافتتان، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك؟! 7- روى أبو داود الطيالسي في سننه وغيره، عن نافع عن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل بابًا للنساء وقال: « لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد » وروى البخاري في [التاريخ الكبير] له، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لا تدخلوا المسجد من باب النساء » (1) . وجه الدلالة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال بالنساء في أبواب المساجد دخولًا، وخروجًا، ومنع أصل اشتراكهما في أبواب المسجد؛ سدًا لذريعة الاختلاط، فإذا منع الاختلاط في هذه الحالة ففيما سوى ذلك من باب أولى. 8- روى البخاري في صحيحه، عن أم سلمة رضى الله عنها قالت: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه، ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيرًا » (2) . وفي رواية ثانية له: (كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وفي رواية ثالثة: (كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال). وجه الدلالة: أنه منع الاختلاط بالفعل، وهذا فيه تنبيه على منع الاختلاط في غير هذا الموضع. 9- روى الطبراني في [المعجم الكبير] عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له » (1) .
قال الهيثمي في [مجمع الزوائد]: رجاله رجال الصحيح، وقال المنذري في [الترغيب والترهيب]: رجاله ثقات. 10- وروى الطبراني أيضًا من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال « لأن يزحم رجل خنزيرًا متلطخًا بطين وحمأة خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له » (1) . وجه الدلالة من الحديثين: أنه صلى الله عليه وسلم منع مماسة الرجل للمرأة بحائل وبدون حائل إذا لم يكن محرمًا لها؛ لما في ذلك من الأثر السيئ، وكذلك الاختلاط يمنع لذلك، فمن تأمل ما ذكرناه من الأدلة تبين له: أن القول بأن الاختلاط لا يؤدي إلى فتنة إنما هو بحسب تصور بعض الأشخاص، وإلا فهو في الحقيقة يؤدي إلى فتنة، ولهذا منعه الشارع؛ حسمًا لمادة الفساد، ولا يدخل في ذلك ما تدعو إليه الضرورة وتشتد الحاجة إليه ويكون في مواضع العبادة، كما يقع في الحرم المكي والحرم المدني. نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين، وأن يزيد المهتدي منهم هدى، وأن يوفق ولاتهم لفعل الخيرات وترك المنكرات والأخذ على أيدي السفهاء، إنه سميع قريب مجيب. ))اهـ
وهذا البيان كاف شاف ففيه نصوص الوحيين تلوح والحمد الله على كل حال.
المسألة الثانية وهي الغناء فلن أسرد لك أقوال العلماء والاختلافات وغيرها ولكني سأذكر قول عالم غير معروف عند البعض ولكن إذا علمنا أن هذا العالم ممن يروي عنه (البخاري) فيكفي أن نتقبل رأيه ولنا أن نأخذ به أو نرده وهكذا هم العقلاء.
ذكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد أن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عندما قدم إلى بغداد في زمن هارون الرشيد سأل عن الغناء فأفتى بتحليله , وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه أحاديث الزهري فسمعه يتغنى فقال لقد كنت حريصا على أن أسمع منك فاما الآن فلا سمعت منك حديثا أبدا فقال إذا لا أفقد إلا شخصك علي وعلى أن حدثت ببغداد ما أقمت حديثا حتى أغني قبله وشاعت هذه عنه ببغداد فبلغت الرشيد فدعا به فسأله عن حديث المخزومية التي قطعها النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة الحلى فدعا بعود فقال الرشيد أعود المجمر قال لا ولكن عود الطرب فتبسم ففهمها إبراهيم بن سعد فقال لعله بلغك يا أمير المؤمنين حديث السفيه الذي آذاني بالأمس وألجأني إلى أن حلفت قال نعم ودعا له الرشيد بعود فغناه :
(يا أم طلحة إن البين فد أفدا قل الثواء لئن كان الرحيل غدا)
فقال الرشيد من كان من فقهائكم يكره السماع قال من ربطه الله قال فهل بلغك عن مالك بن أنس في هذا شيء قال لا والله إلا إن أبي أخبرني أنهم اجتمعوا في مدعاة كانت في بني يربوع وهم يومئذ جلة ومالك أقلهم من فقهه وقدره ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنون ويلعبون ومع مالك دف مربع وهو يغنيهم .
((هذا الكلام لي معه وقفتان:
الأولى ـ كان الأجدر بك أن تذكر نصوصا من الكتاب والسنة تعارض بها كلامي السابق الذي أوضحت فيه حرمة الغناء من الكتاب والسنة لا أن تحتج علي بآراء الرجال روى عبد الرزاق في مصنفه بسند صحيح عن ابن عباس يقول للناس ( أخشى أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال الرسول صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر)
وقال أحمد بن حنبل : " عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته ، يذهبون إلى رأي سفيان ، والله تعالى يقول : { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ النور : 63 ]
الثانية ـ قصة إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف مكذوبة !!
كما قال الأخ أبو عمر القصيمي:
((وهذه القصة باطلة مكذوبة على إبراهيم بن سعد لا تثبت ، ومدارها على عبيدالله بن سعيد بن كثير قال فيه ابن حبان في المجروحين : " يروي عن أبيه عن الثقات الأشياء المقلوبات .. لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد " .
وقد ذكر عبدالله رمضان في كتابه ( الرد على القرضاوي والجديع ) ص 398 أن هذه القصة مكذوبة وأن فيها أربع علل .
فمن أراد هذه العلل فليرجع للكتاب أو ليخبرني أنقلها له .))
ومن أحال فقد أسند.
أخي كما أخذت بالآراء السابقة فلي الحق أن أخذ بهذا الرأي ولن يعيب أحدنا على الآخر فكل له رأيه ويجب أن يحترمه دون الانزلاق في مهاترات كما يحدث في زمننا هذا ضاربين بحرية الرأي الآخر عرض الحائط .
(( أن خيار التنقل بين الأقوال المختلفة ليس مناطه الحرية المطلقة فهذ يفضي إلى فساد عريض أوله إلغاء حجية الكتاب والسنة ويتحول التحاكم إلى آراء الرجال ، وإنما ضبط ذلك العلماء ووضعوا له ضوابط وشرائط راجعها في مظانها من أهمها :
أن الأقوال التي تضعف أدلتها لايجوز العمل بها ويجب التحولعنها والانتقال منها للقول الذي يسعد بالدليل ، ومن أهم الشروط أيضا: تقوى الله في اختيار الأرجح وعدم التنقل بين الأقوال حسب التشهي والهوى فقد شنع العلماء الكلام في مثل ذلك ، وفي مسألتنا هذه نقل الإجماع أكثر من عالم فكيف يتاتى ذلك)
أما الاستشهاد بالتاريخ فقد صدقت يا أخي وأجدت فهناك روايات كثيرة غير صحيحة تستهدف أعلام أهل السنة وأبطالها الشيعة كما ذكرت أنت أبو مخنف أو ضعاف أهل السنة كاسيف بن عمر وغيرهما , ويجب علينا أن نمحص هذه الروايات ولكن ما ذكرته من ابن جامع وغيره من المغنين فلقد ثبت عندي صحت بعض هذه الروايات لذا أوردتها هنا ولم أرد التظليل كما يزعم البعض والاستشهاد بتاريخنا جميل جداً .
((أخي الغالي :
ماذكرته من أستشهادات لاتصلح حجة أمام الله تدين لله بها ، فالله جَعل الحجة في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، أما أفعال الملوك والخلفاء والأمراء فهي كسائر أفعال الناس ، والتاريخ ووقائعه ليست نصوصا من الوحي هذا إن ثبتت
دمت بود [/QUOTE]
((أشكر لك تجردك للحق وصدقك في طلبه إن شاء الله.
ودمت بود تأبط رأيا.))
حصل خطأ في تنزيل المشاركة التي قبل هذه فأرجو العذر.
__________________
قال حذيفة رضي الله عنه :
( أتقوا الله يا معشر العلماء ، وخذو طريق من كان قبلكم ، فلعمري لإن اتبعتموه لقد سبقتم سبقاً بعيدا ، ولئن تركتموه يمينا ً وشمالاً لقد ضللتم ضلالا بعيدا)
أخرجه البخاري 7282 وابن عبدالبر واللفظ له في الجامع 1809
|