ياعزيزي :
إن مجتمعنا الذي تحول نتيجة لسيادة خطاب واحد إلى مجتمع إقصائي لا يقبل بالمخالفين ويضيق ذرعاً بكل من يمرق عن المألوف أو السائد بغض النظر عن مرجعية هذا المارق حتى إنك لتعجب من التحفز للانقضاض على المخالفين والحماسة التي يبديها حتى بعض العوام لإسكات وقمع هذا المخالف ظنا منهم أنهم إنما ينافحون عن الحق الذي حاول أحدهم أن يستبيح جنابه !!!
وفي غمرة الحماس لرمز أو تيار معين قد يجب البعض الحق والعدل دون أن يعلم لأنه واقع تحت تخدير قداسة الرموز فأخطاؤهم يجب تأويلها وتهوينها هذا إنْ اعترف أصلا بأخطائهم !!!
وربما يتطاولون ليشككوا في فهم المخالف لأنه لم يدرك الحكمة من وراء ما فعله رمزهم أما هم فقد رُفعت عنهم حُجُبُ الغيب فأدركوا بعين البصيرة حكمة وبعد نظر قداسته أو سماحته أو فضيلته لا فرق !!
فيُظهرون المخالف بصورة الجاهل المسكين الذي لا يملك بعد النظر ولم يمن الله عليه بنعمة فَهْمِ وإدراك حكمة قداسته أو سماحته أو فضيلته أيضا لا فرق !!
وفتنة المريدين التي قد تصيب بعض الرموز فتصرفه عن رؤية الحق هي فتنة عظيمة ولا شك ..فالجماهير لا تتقبل من الرمز التحول أو تقديم التنازلات وتعتبر ذلك نوعاً من الانبطاح والخنوع والإنصراف عن الحق !!
وأي فكر لا يقبل النقد والمراجعة محكوم عليه حتما بالتحول إلى إيديولوجيا محاطة بسياج من المتطرفين المغالين في تقديسها وتصنيم رموزها لتخرج من سياق الحراك الفكري العام وينفض الناس عنها شيئا فشيئا لأنها تعالت عن النقد واستسلمت لإغراء دعوى امتلاك الحقيقة المطلقة ففقدت بذلك مصداقيتها لتتوارى في صفحات التاريخ كمرحلة تجاوزها الزمن وقد لا يتذكر البعض إلا سلبياتها ومثالبها تماما كما حدث مع القومية العربية وكما يحدث الآن مع الصحوة الإسلامية !!!
تحياتي لعقلك النير ولا عزاء للعقول المستديرة
__________________
لسان العاقل وراء قلبه وقلب الأحمق وراء لساته.
عقلي مملكتي وحيثما أكون فأنا سيد نفسي .
نحن في زمن غير الزمن الماضي ..
ومن لا يلعب بالبيضة والحجر يضيع ..
لا يحدثني أحد عن الحلال والحرام فأنا أعرفه من تلقاء نفسي ..
الدنيا كالغابة ..
لكني لست مسؤلاً عما يجري ..
المسؤولية تقع على البشرية جمعا ..
|