مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 01-04-2008, 11:36 PM   #13
د. صالح التويجري
إمام وخطيب جامع الروّاف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2004
البلد: السعودية
المشاركات: 261
بسم الله الرحمن الرحيم // خطبة جمعة 1/1/1429هـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..



لإيمان، العظمة، القوة، الكرامة، العزة، السيادة، الزعامة.. أقلّ ما يمكن أن يوصف به قائدٌ شهمٌ من قيادات أمتنا، وبطلاً من أبطال عزتنا..
إنها أقل ما يوصف به أسدٌ من أسود الله ورسوله، فإن لله ولرسوله أسوداً في كل زمان يذودون عن حمى الإسلام وكرامة الأمة، حمزة بن عبدالمطلب أسد الله وأسد رسوله، و القائد قتيبة بن مسلم وصلاح الدين ومحمد الفاتح أسوداً لله ولرسوله في أزمانهم، وفي زماننا وعصرنا هذا اسود فمن يرشح نفسه منكم
ولئن كانت حياة العظماء مدرسة فموتهم حياة للأمة، وموتهم مشعل الزيت الذي يشعل روح الأمة وينير دروبها.فكيف نالوا الشرف والتمكين
درسنا الأول نأخذه أن سر العظمة والشموخ والقوة والعزة هي بالاتصال الوثيق مع صاحب القوة المطلقة والعزة والعظمة، إنه توثيق الصلة بالله عز وجل، تمتين العلاقة معه سبحانه.
صلاة الفجر.. ملتقى الأبرار وزاد الأبطال وسر العظمة والرفعة.. وكأن التاريخ يعيد نفسه ليخبر المسلم أن صلاة الفجر هي مصنع الرجال والمجاهدين، وسر من أسرار النصر والتمكين. اسمع للتاريخ يروي لنا كيف مات عمر بن الخطاب وهو يصلي الفجر، وعثمان يموت بعد صلاة الفجر وعلي بن أبي طالب يقتل وهو خارج لصلاة الفجر. إنها ملتقى العظمة وملتقى الرفعة، فحريٌ بنا جميعاً أن نضيء طرقاتنا إلى صلاة الفجر حتى يضيء الله لنا دروبنا في الدنيا والآخرة، « بشّر المشّائين في الظلم بالنور التام يوم القيامة ».
فكم منّا من صحيحً معافىً، ولكنه قعيد الهمّة محطم الإرادة، كم منّا اليوم يضيع طاقته وقوته في غير مرضاة الله، كم من ألوف بل ملايين شباب المسلمين اليوم يسخّرون طاقاتهم وتفكيرهم فيما لا ينفعهم بل يضرهم؟! ، فماذا قدمتم يا شباب؟ أين أنتم في بيوت الله؟ أين انتم وكتاب الله؟ أين أنتم وأخلاق الإسلام؟ أين انتم والدعوة إلى الله؟
شبابنا اليوم ضائع بين القنوات والمجلات ومحلات الإنترنت، ضائع في برامج سخيفة تافهة، الهدف منها مسخ الهوية وتمييع الجيل، وكم هي كثيرة على محطاتنا.
لا تسقني كاس الحياة بذلّةٍ ***بل فاسقني بالعز كأس الحنظلِ
وكثيرة هي الدروس التي تستقيها الأمة من موت العظماء..
سير المفكرين والفقهاء والمخترعين و الأدباء ورجال الأعمال والعلماء ممن اشتركوا فى خصلة واحدة وارتبطوا فيما بينهم برابطة مشتركة… ألا وهى اليتم، فكلهم فقدوا آباءهم فأصبحوا بلا عائل، وتركوا أمام الدنيا كجندى بلا سلاح وربان بلا سفينة، تأخذهم المصاعب وتتلاعب بهم المتاعب.
إلا أنهم علموا أنهم ما خلقوا لذلك، فتحدوا الحياة وخاضوا غمارها، فلم توقفهم العقبات ولم تحل دون ما أرادوه المصاعب و الأزمات، ولم يختبؤا خلف يتمهم ولم ينتظروا رأفة الآخرين وإحسانهم، وعلموا أن الحياة مغامرة مثيرة، وأن الوصول إلى القمة يتطلب السير فى القاع …فى النهاية حققوا مالم يحققه غيرهم، وأنجزوا ما عجز عنه الآخرون، ليسجلوا أسمائهم على نجوم الإبداع وصفحات التاريخ … إنها العظمة بحق .هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فاتحة أمل له ولأصحابه، وكان من مآثر الخليفة عمر الفاروق رضي الله عنه أن ربط تاريخنا بهذا الحدث العظيم لتظل دروساً في حياتنا نستفيد منها.الهجرة النبوية حدث يحمل في طياته معالم الشجاعة والصبر والتوكل والاعتزاز بالله، فقد مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثة عشر عاماً يدعو الناس إلى عبادة الله وحده، يمحو من عقولهم الخرافة والجهل والشرك بالله تعالى ليرقى بالإنسان إلى المكانة التي أرادها الله تعالى له، إلا أن الخصوم ظلوا يؤذونه حتى هموا بقتله، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله “وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”. وتعدى هذا الإيذاء لأصحابه لأنهم يحملون في قلوبهم نور التوحيد ويرفعون راية العلم حتى جأروا إلى الله بلسان الشكوى “ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا”. فعندها أذن الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ولأصحابه بالهجرة إلى المدينة فدخلها عزيزاً كريماً ينشر فيها الأمن والأمان بعد الخوف والعدوان، والعلم والمعرفة بعد الجهل والضلال، والخير والإحسان بعد الشرك والإساءة.
و دروس الهجرة كثيرة فمنها أن منزلة هذا الدين غالية عند الله تعالى، فمن أجله ضحى الأنبياء في سبيله وأوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فصبر واحتسب، وقد قال ورقة بن نوفل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أخبره بخبر الوحي في أول يوم: ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أومخرجي هم”، قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي. ومن هذه الدروس: درس الأخذ بالأسباب، والتخطيط للحياة مع التوكل على الله تعالى، والاعتصام بحبله المتين، فقد خطط رسول الله صلى الله عليه وسلم لرحلة الهجرة تخطيطاً دقيقاً، فكان هو قائد الرحلة ورفيقه أبوبكر والذي بات في فراشه علي والتي تجهز لهما المؤونة أسماء بنت أبي بكر، والذي قام بالتغطية والتمويه عامر بن فهيرة، ودليل الرحلة عبدالله بن أريقط والمكان غار ثور، وموعد الانطلاق في الهجرة بعد ثلاثة أيام، وخط السير طريق الشاطئ، وهذا دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن نأخذ بالأسباب في حياتنا الدنيا، وأن نجعل لنا هدفاً في الحياة يوصلنا إلى محبة الله ورضاه، مع الاعتماد والتوكل عليه في جميع الأمور.
ومن دروس الهجرة أن الإنسان إذا نشأ في بيئة الصلاح والتقوى نشأ على العمل الصالح، فهذا علي لم يتردد أن ينام على فراش النبي صلى الله عليه وسلم.رجال
يقفون عند النصر كما يقفون عند الهزيمة ويفسرون الاحداث بعيدا عن التغليف وانما مواجهة الحياة والواقع
**وكان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فى المدينة ينتظر أنباء فتح مصر، وهو أشد ما يكون استعجالاً لنبأ سقوط الإسكندرية في أيدي المسلمين، ولكن هذا النبأ أبطأ عنه أشهرًا، فذهب يبحث عن السبب وهو لم يقصر عن إمداد عمرو بما يحتاج إليه من المساندة التى تكفل له النصر، وخشي أن تكون خيرات مصر قد غَرَّت المسلمين فتخاذلوا،وقال لأصحابه :" ما أبطأوا بفتحها إلا لما أحدثوا" – أى لما أحدثوا من ذنوب – وكتب إلى عمرو بن العاص: أما بعد فقد عجبتُ لإبطائكم عن فتح مصر، إنكم تقاتلونهم منذ سنتين، وما ذاك إلا لما أحدثتم وأحببتم من الدنيا ما أحب عدوكم فبما نفسر هزائمنا على مستوى الفرد والجماعة وعلى مستوى الشعب والدولة وعلى مستوى الجناية في حق الله وحق الناس
يجب أن نقاطع الهــوى ونصلح حالنا ثم ننتقل لمقاطعة الآخــــر فحين يصلح الحــال وينتشر الفكر الأصيل .ونرجع إلى الداخل لنعلن التوبة من جـــديد .. لنحترم ذاتنا ونخاطب الآخــر من خلال تطبيق مقاصـــد الرسالة و تحقيق العبودية ونشر الفضيلة وإقامة العــدل سوف يكون الواحد منا بريدا سريعا يصل العالم بالإسلام ويمثل دعوة ودعاية مسبقة الدفع لدينه الذي عصم دمه وماله وعرضه فهل نحن فاعلون
**
__________________
1) الملاحظات.
2) اقتراح موضوع خطبة مع دعمه بوثائق أو مراجع.

الرجاء التواصل عبر البريد الإلكتروني:
saleh31@gmail.com

حفظكم الله ...
د. صالح التويجري غير متصل