بسم الله الرحمن الرحيم
[POEM="font="Simplified Arabic,4,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]قد كنت أنطق بالوداع ِ و أسمعُ = و اليومَ أُسقى من أساه و أُفجعُ
ما كان يفجعنا المماتُ و إنما = بُعد الحبيب عن الحبيب المفجعُ[/POEM]
سلام عليك يا أبا عبدالله ..
سلام على تلك النفس الزكية ، سلام عليك أيها الحنون العطوف ..
قد كنت أبكي في حياتك إذا علمت أننا إلى افتراق ، و أتوجع لذلك اليوم قبل أن يحل ، و لكن قدر الله و ما شاء فعل و الحمد لله على كل حال ، و نحسب أنك ارتحلت إلى ما يسرّك بإذن الله ..
أيها الأكارم ..
إنني حينما أتحدث عن أبي عبدالله ذلك الأب الحاني فأنا أتحدث بلسان الكثيرين ممن بكوا لفقده أشد مني ، ووالله لقد رأيتهم يذرفون أحر الدموع على فقد هذا الرجل الخلوق - غفر الله و له و رحمه -
والله لقد انزاحت صبابة الألم عن قلبي ، بعدما رأيت ما قرت به عيني من علامات الخير و القبول ، و نسأل الله له الرحمة و الرضوان ..
فقد انتقل في ليلة مباركة ، ليلة الجمعة ..
وقد توافدت الجموع للصلاة عليه عصر الجمعة في جامع الراجحي حتى بلغوا قرابة الخمسة عشر صفا كلهم قدموا عليه رحمه الله من كل مكان ، بل و من كل عرق و لون و جنس و قبيلة ، فلم يكن رحمه الله يقيم لهذه الفوارق وزنا ، و لم أر منه إلا أنه كان يحب الحياة السهلة البسيطة ، ولو أراد التصدر و التعالي لعرف طريقه ، فكل ما يوصله إلى ذلك متاح متيسر ..
لقد كانت السمة الأبرز في حياته غفر الله له و رحمه هي حسن الخلق و سلامة الصدر حتى مع من اعتدوا عليه ، و عزائي أن والدي الحنون - جمعني الله و إياه في دار كرامته – ليس له أعداء ، فالكل يلهج بالدعاء و الذكر الحسن ، حتى النصارى ممن كانوا معه في العمل ، وهو مع هذا يعد مسؤولا عنهم ، و رقيبا عليهم و لكنه كان كريما معهم و مع غيرهم ، و من أجل ذلك ملك قلوبهم ..
رحل والدي إلى رحمة أرحم الراحمين ، ليبقى ذكراه الحسنة سارية في القلوب لنحفظها و نتعلمها و نعمل بها ثم ننقلها إلى غيرنا ..
ذكر أن في المقبرة رجلاً من الأخوة الفلبينيين كان يبكي بشدة ، فسأله أحد الأقارب : هل أنت مسلم ..؟
فقال ما عرفت الإسلام إلا من هذا الرجل الذي ندفنه الآن ..
و هكذا كان مع كل العمال الغير مسلمين كما حدثنا بذلك عمال و إداريو الشركة التي كان يعمل فيها ..
و الكلام يطول عن والدي الذي صعقت بخبر وفاته مساء الخميس الماضي بعد اكتمال العقد الخامس من عمره ..
أسأل الله أن يمطر شآبيب الرحمة و الغفران على قبر والدي : أبو عبدالله و أسأله أن ينور له في قبره و أن يفسح له فيه ، و أن يجعلني و أخي و أخواتي له من البارين ، و أن يجعله راضيا عنا ..
و أن يجعلنا ممن قال الحق تعالى فيهم :
[ جنات عدن يدخلونها و من صلح من أبائهم و أزواجهم و ذرياتهم و الملائكة يدخلون عليهم من كل باب]
اللهم بشره بروح و ريحان و رب راض غير غضبان ، و أعني على القيام بما أوكلته إلى من المسؤوليات في أهلي ...
و الله المستعان و الحمد لله على كل حال ، وهو حسبنا و نعم الوكيل و إنا لله و إنا إليه راجعون ...
أخوكم / عبدالله
و للحديث بقية