[أبوعمر السحيم]

أخي الفاضل : الضرغام ..

ما أشرت إليه هو سلوك ظاهر عند بعض أهل العلم .. وإذا قرأت في سير بعض علماء السلف وجدت بعضهم يوصم بهذا التعامل .. من الجفاء عن الناس .. وشيء من الغلظة في التعامل .. ولديه شيء من الصدود عن الناس والبعد عنهم .. ونحو ذلك ..

ولكن الأمر على غير ما تذكر يا عزيزي !! فليس الأمر إعجاباً بالنفس .. ولا غروراً بالعلم .. ولا تعالياً على الخلق .. بل عذرهم في هذا واضح بيِّن .. فمنذ خروجه على الدنيا لا يقابل إلا محبراة وكاغداً .. ولا يشم إلا غبار الكتب .. ولا يذوق إلا معاناة تقليب المسائل وعرضها .. والتنقيب عنها وبيان راجحها ومرجوحها ونحوه .. فانكبابهم على الكتب والغوص اللذيذ في إعماقها أورثهم من هذا التعامل شيئاً كبيراً ..
لا سيما حينما يقرأ في الكتب التي تناقش الأقوال وتناظر بين المذاهب ومؤلفها صاحب لهجة قوية مع المخالف .. فإن هذا لابد أن يترك أثراً في نفس الطالب ..

وأدركنا كثيراً من شيوخنا الأفذاذ ممن لمسنا منهم شيئاً كبيراً من هذا .. وربما سلَّمت على أحدهم لا تريد إلا السلام .. فيقف مستغرباً قائلاً : وش تبي؟ وبلهجة شديدة نوعاً ما .. فننصرف ونحن لهم بالدعاء لاهجون ..

وخذها أيها الحبيب قاعدة مطردة في التعامل مع أهل العلم عموماً وخصوصاً .. جملة وتفصيلاً : لئن تخطئ في تكلف العذر خير من أن تخطئ في المسارعة بالتخطئة .. واتهم نفسك .. فلئن تخطيء في إنزالها منزلتها .. خير من أن تخطيء في رفعها فوق منزلتها ..

بارك الله فيك وفي قلمك .. وسدد خطاك ..