الغالي صادق الإحساس
الفاضلة أراسيل سلمان :
جزيتما الفردوس على النصح وصفاء القلب
ولأنكما خصصتماني بشرف النصيحة وبلمحة من حديثكما الكريم السديد
فحق لي ولكما تفصيل موقفي فلعله فاتكما بعض القصد والدافع .
ذلك أنني :
1- قلت ما قلت وأنا الآن أشد إيمانا به من ذي قبل , لا ألزم أحدا بصحبتي عليه أو أشنؤه , ولا بالرضا عنه أو أقاطعه
فهو وجهة نظر أرى من نفسي سدادها ويختلف حولها الناس , وممن كرهوا منّي موقفي أنتما يا فاضلان , وهذا حق لكما كما هو من حقي بيان ما أدين به
فالموقف : أني أرى سيد قطب رجلا مجاهدا صادقا ضحى بحريته وجسده وعانى ( العذاب ) في غياهب الزنازين , لشيء عرفته الأرض كلها : إنه حمل هم هذا الدين وإقامة شرع الله في مصر والعالم الإسلامي
ثم دفع حياته صابرا مؤمنا متشهدا بحمد الله تعالى .
ذلك كان على يد أول حاكم لمصر أبطل العمل بالشريعة وأخذ بالقانون الغربي إنه عبد الناصر قبح الله شأنه .
كتب سيد قطب عن الغرب وزيف حضارتهم وعن حكم ملوك العصر للناس بحكم الجاهلية المعاصرة جاهلية أوروبا , وكتب منهجا للمسلم يسير عليه في نظرته للكون والحياة والناس , وكشف لنا بكتبه دررا لم يفطن لها أحد من كتاب الله الكريم
حاربوه , ثم سجنوه وعذبوه رهقا , ثم قتلوه . فمسخوا مصر من بعده وبعد صحبه الكرام
والذي نفسي بيده لست منحازا لحزب , ولا خبيرا بالأحزاب , ولا أرى التحزب نافعا إلا لتنظيم العمل وتوزيع المهام , أما التنافر مع سائر أهل السنة , والتصادم مع ذوي الاجتهادات الأخرى ففيروس الأحزاب وعلّتها التي أسقمتها وقتلت ثمرتها
لست حزبيا ولا الحزبي يعرفني
لكنني عاقل متعلم
أعرف الحق لا بالرجال ولكن بهدي الشريعة حامية العقل
***
عن نهيكما لي عن سب المسلم , وسب العلماء :
فهو حق لا أرده عليكما بل وقع من نفس أخيكما موقع القبول ومن نفسه بالعظة .
ومعه فأحب التنبيه لمسألة :
ذلك أني لا أرى العبيكان عالما يتصدر للفتوى ! وإنما أراه قد نصّب نفسه للفتوى وليس أهلا لها , ذلك بعد رحيل الشيخين , وكان صامتا في حياتهما ! لعلمه أن سقطه لن يُـترك له زمنهما , وهاهو تنفس الصعداء كما تنفس كل ( عقلاني ) وعلماني , والحال ما ترون ولا حاجة للاسستشهاد على أمر قد استفاض , ولا أنسبه للفريقين , وإنما أتحدث عن تيار هادر من المتنفسين الصعداء وكلّ قد مدّ رجله , والله المستعان .
نموذجان فقط :
الأول : ما قولكما بعالم جليل يرقص على قرع الطبول في زواج ابن أخيه
في الحديث الصحيح عند الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة "
فسّرا لي معنى السمت الصالح بغير الوقار إن استطعتما !
هل أثرتما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يرقص على أصوات الطبول ؟!
أو عهدتما أحدا من أصحابه فعل ؟!
أم هل علمتمتا أن من وقار علمائنا منذ جيل الصحابة أنهم كانوا يتراقصون على الطبول !
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهو الوقار عينه يرفع نفسه عن هذا السفال !
وكان القوم من الصحب الكرام – رضي الله عنهم - ومن بعدهم علماء السلف , ثم الربانيون من علماء الخلف يأنفون عن هذا الطيش , ويذرونه للسفهاء وللعبيد ولمن لا خلاق له !
فما بال العبيكان يرقص وهو العالم الذي يعرف أن الوقار والسمت الحسن والهدي الحسن من أخص خصائص العلماء !
هذا على افتراض أن العلماء مجمعون على حلّية الطبول والرقص عليها , كان الأولى بالعالم أن يترفع عنها .
ما له قد أتى بفعل الطائشين وركب صنعة من تعلمان من سوء الدين والخلق , إذ لم يحترف هذه الصنعة من رفيعي القدر أحد !!!
فكيف إذا وضعنا في الحسبان أن الطبل ورقص ((( الرجال ))) عليه من المحرمات عند من هم أفقه منه لم يشذ عنهم إلا ( قليل )
رجل لم يتورع عن فعل السفهاء وارتكاب ما أفتى أغلب علمائنا بحرمته رجل لا ينسب للعلماء .
الثاني :
أن أحد باعة الأطباق الفضائية من دولة الكويت سأل العبيكان عبر أثير الإم بي سي ذلك الأثير الملوث , فقال ما معناه : إن عندنا بالكويت رجل متدين ( واستهزأ بقصر ثوبه وهيأته ) دائما يؤذينا وينصحنا عن بيع الدشوش , يزعم إنها حرام , وطلب توجيه العبيكان .
جاء العبيكان بطوام أكتفي منها بأربع :
لم يتطرق العبيكان لشنيع استهتاره بسمت هذا الرجل المتدين , فينهاه عنه ! فلو كانت وحدها لقلت غفل عنها .
والطامة الثانية أنه أفتى بجواز بيع الدشوش ! بحجة أنها أوعية بحسب استخدامها !!!!!!!!!!
هل هذه تؤدة العالم ؟
أم هي حكمته التي سقاه إياها علمه ؟!
لا , وربي
فلو كان عالما لعلم ما نعلم نحن العامة من أن الإناء الذي يغلب عليه الاستعمال المحرم يحرم بيعه
ولعلم أن العنب ذاته وهو الطعام الطيب الحلال لو علم البائع أو غلب على ظنه أن من سيشتريه سيصنع منه خمرا لما وسعه عند الله أن يبيعه عليه , فكيف بطبق فضائي (((( مفتوح )))) يبيعه هذا الرجل على مراهق ومراهقة ؟!
فهل يفوت كل هذا عالم رباني ؟!!!!!
وأما ثالثة الطوام : فلم يكلّف نفسه نصح الرجل عن هذه التجارة أو توسم من يبيع عليهم الأطباق . ولو كانت وحدها لقلت غفل عنها .
ورابعتها : أنه احتج على جواز بيع الأطباق واقتنائها بمضحكة العام عندما قال - دون حياء من ربه أو خوف من غضبه ولا حياء من الخلق – ما معناه : يا أخي كيف يشوف الواحد القناة السعودية الأولى والثانية ؟ فعقّب الميع ليصطاد صيدته فقال : والإم بي سي والأم بي سي اللي أنت فيها يا شيخ , فقال العبيكان : والإم بي سي .
أعوذ بالله !
هل أنسب هذا للعلماء ؟!
أو لسمت وتؤدة العلماء ؟!
لا والذي نفسي بيده , إلا أن يؤوب عن هذا الطيش ويترك تصدر الفتوى وليس أهلا لها
هل تريدان مزيدا من دلائل أننا صدّقنا العبيكان وزمّرنا له يوم نصّب نفسه علينا عالما ؟!
هاتا لي تزكيته وتخويله لصدارة الفتوى من كبار علمائنا
لن تجدا .
بل ستجدان الذم منهم لمسلكه بحمد الله , وذمهم لما يصنع غير خاف مع ترفعهم عن ذكر اسمه فلا يعنيهم أمر الأشخاص بل تعنيهم القضية
سلا عن كلام ابن باز فيه كما يتناقله طلاب العلم بينهم لتقفا على المحجة في أمره وكثيرين أمثاله .
***
عن عبارة ( وهل يساوي الهام القدم ) وقد فهمتما منها البذاءة ! أقول :
لست بالأرعق أو الصغير أحتاج لتعلم مخارج الكلام ومواقع الجمل , لكني أقدر لكما الغيرة على أعراض العلماء ( وليس العبيكان منهم ) وأقدر حرصكما على حمايتي من داء السفه والبذاءة .
إن فهمتما كلمة القدم كما ذهبتما فهو شأنكما .
وإن أردتما إعادة التأمكل فمعكما الوقت واللغة وفنون الأدب .
لو قلت لأحدكما : هل تشمئز من قدمك وتحب أن تتخلص منها ؟ لقال لا
لو قلت له : هل قدمك شريفة عندك ؟ لقال : نعم
فكيف لو قلت لكما : ما شأن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
لكان جوابكما وجواب الجموع معكم : إنها القدم الشريفة ذات البركة , ويا ليتنا استطعنا أن نمصها مصا ونرشف غبارها وعرقها لننال البركة والشرف .
والخلاصة من كل هذا الإسهاب عن ( القدم ) أن كل جسم الإنسان شريف أعزه الله
لكن
أعضاء هذا الجسم الشريف تتفاوت شرفا فأشرفها الهام ثم ما نزل
كل أهل صنعة يتفاوت الشرف فيهم كما يتفاوت في أعضاء الجسم وكل جسم المرء شريف
فالحاصل أن الفرق بين شرف قطب ((((((( في نظري ))))))) وبين مقام العبيكان كشرف أعلى الجسم إلى أسفله .
وعذري أنّي لو جعلت قطبا كالشمس والعبيكان كالقمر لكنت أمدح العبيكان , ولست هنا في مقام مدحه بل ببيان ((( ضعة ))) مقامه عند الجبل الأشم سيد قطب رحمه الله .
وليس يفيد هذا الملمح سوى مثل هذا اللفظ الأدبي فتمعنّوا في سياق الكلام , ولا تأخذكم نظرة من طرف إلى تظنوا القدم هو الحذاء
فالقدم شريف والحذاء رذيل ساقط
هذا عن عبارة أدبية هي من شوارد الكلام وتصاريف الأدب .
قبيل الختام :
اعلما أن رجلا عاصيا أسرف على نفسه أحب إلي من رجل صدّر نفسه في أمر الأمة يهلكها فيما يظنه الصلاح , ويتكلم عن الله جل وعلا دون أن يجتهد في تحصيل ما يؤهله للتوقيع عن ربه بهذا حلال وهذا حرام .
هذا أشنع عندي إثما وشنارا من رجل يعصي بنفسه لا يضر إلا هي ويكفيه أن يستتر عن الناس والله أرحم به وأستر
لا كرجل يتحدث بلسان كل مجتمعه يفسد حالهم ولا يقصر فساده على نفسه
وختاما :
فما كتبت إلا لمساءتي من أخي الفاضل أبي ثامر عندما قارن العبيكان الراقص على الدفوف المترف على الأرائك , بشخص كانت حياته عذابا كلّها منذ عرف الحق إلى أن مات محتسبا خلّف لنا إرثا تنهل منه الأجيال إلى أن يشاء الله تعالى .
الشهادة له لا منّي ولا من المجاهيل مثلي , بل هي من جبال كالشيخ ابن عثيمين وبكر أبي زيد وغيرهم كثيـــــــــــــر فقد أثنوا على الرجل وذموا من تطاولوا عليه بهتانا .
هذا مع أن كل إنسان خطّاء
لكن سيد قطب لم تتح له طويلا فرصة مراجعة أخطائه (((( العابرة ))) بينما غيره معه الزمن طويلا ولا يزال سادرا فيما أتى
حمى الله حدود دينه من عبث السفهاء وجهل المتعالمين .
ولكما أخويّ أبا ثامر و صادق الإحساس ولك أختي أراسيل زاكي التحية وجميل المودة , وخلافنا لا يعدو سوالف الإخوة والأخوات .
ولولا الخلاف المشروع - كهذا - لما تلاقح الفكر .
__________________
إذا قرأت توقيعي فقل :
لا إله إلا الله
هي خير ما يقال , وبها تكسب أجرا وتطمئن نفسا
***
في حياتي
سبرت الناس
فلقيت عند قلـّة معنى الوفاء
وقرأت في سلوك الكثيرين تعريف الدهاء
وامرأة وحدها , وحدها فقط , علّمتني معنى الثبات على المبدأ وبذل النفس له
آخر من قام بالتعديل برق1; بتاريخ 19-04-2008 الساعة 07:04 PM.
|