[..سامحـني..]

دخلت منتدى ابوس ولقيت هالرد عليك يا ميمون وش رايك فيه

الحكمُ إما أن يّكونَ مَناطُه الإضرارَ بصاحبِ الحقِّ ، وإما أن يّكونَ كونَه حقًّا لمسلمٍ ، سواءٌ كانَ يضرّه ، أم لا . فإنْ قلنا بالمناطِ الأوّلِ ، فإنّ الجوازَ لا يكونُ إلا إذا ثبتَ لهُ أن هذا لا يضرَّ صاحبَ الحقِّ بحالٍ من الأحوالِ . ومعرفةُ هذا لا تَكونُ إلا في حالاتٍ قليلةٍ ؛ فلا يصِح حكمُ الجوازُ بالإطلاقِ . وإن قلنا بالمناطِ الثاني ، فالأمرُ بيّنٌ ؛ إذْ فيهِ انتفاعٌ بمالِ مسلمٍ بغيرِ إذنِه . فإنْ قالَ : لو كانَ يريدُ حبْسَ حقّه ، لجعلَ لاتصالِه كلمةَ سرٍّ . قلتُ : ليسَ هذا من العادةِ الغالبةِ ؛ فإنْ كانت علةُ التحريمِ عندَك الانتفاعَ بحقّ مسلمٍ مطلقًا بغيرِ إذنِه . وأنتَ ترَى هذا إذنًا منه ، فمن أينَ علمتَ بذلك ؟! بل الذي انتهيتَ إليه ظنّ ، أو دونَ الظنِّ ، لأن كثيرًا من الناسِ لا يجعلون لاتصالهم كلمةَ سرٍّ ، وهم مع ذلك لا يرضَون أن يشاركَهم في اتصالِهم أحدٌ . وإذْ كانَ الأمرُ لا يُقطَع فيهِ بشيءٍ ؛ بل الأغلبُ ألا يكونَ راضيًا . فلا بدَّ أن تستأذنَه استئذانًا صريحًا . وحقوقُ المسلمينَ لا تُستحَلّ بالظنونِ الضعيفةِ . فإن قلتَ : ليسَ لي شأنٌ بذلك ؛ فما دامَ لم يجعل لاتصاله كلمةَ سرٍّ ، معَ علمِه ، وقدرتِه على ذلك ، فإنّ هذا كالإذنِ منه ، كمن يُسنِد إلى جدارِ بيتِه صُنبورَ ماءٍ . قلتُ : هذا ليس في القياسِ كذاك ؛ فإن ذاك إنما جازَ لك ، لعلمِك الذي دلَّ عليهِ العرفُ أنه يبيحُ لك الشربَ منه . والاتصالُ لا يرضَى في الغالبِ صاحبُه أن يُنتفَع به ، لأن هذا يُضعفه ، ولو لم يضعِفه ، لكان في هذا غبنٌ له ، أن يدفعَ هو المالَ ، ثم تأتي أنتَ ، وتشاركَه بالمجّانِ . فإن قلتَ : هذا تفريطٌ منه ! لِمَ لمْ يذهبْ إلى محلِّ ( كمبيوتر ) ، ليضعَ له خاصةَ ( كلمة السرّ ) ؟! قلتُ : لو سلّمنا أنه مفرّط ، فإن تفريطَه لا يبيحُ لك أن تستحلَّ حقَّه ؛ إنما يؤثّر التفريطُ في مثلِ ذلك في إقامةِ حدِّ السرقةِ ، كما لو أن رجلاً وقفَ سيارتَه ، ونزلَ منها وهي تشتغلُ ، وعليها المفتاحُ ، وبابُ السائقِ مفتوحٌ ، فهل يبيحُ لك هذا شرعًا أن تركبَها ، وتمشيَ . ولا فرقَ بينِ المثالينِ ؛ كلاهما حقّ لمسلمِ ، وإن اختلفتِ الصوَرُ .