السوفسطائيون يرون أن الإنسان هو الحقيقة , بمعنى أنه ليس هناك حقيقة ما لم تكن نابعة من رغبات الإنسان , حيث إنه هو الذي يسن الحقيقة ويعترف بها ويؤطرها , وما عدا ذلك فلا حقيقة موجودة .
في الدول المتقدمة كالأوربية مثلاً نجد إقراراهم بيوتًا للدعارة , حيث يرون أن من الواجب عدم تطبيق القانون على المواطنين في صدهم عن رغباتهم , وإنما يطبق القانون لحفظ الأمن والسلامة فحسب .
رغبة بعض الناس الدعارة , ولها أنصار ومريدون , إذن ؛ فلا بأس من إقرار الدعارة , وجعلها مسموحة في تلك المجتمعات .
نلاحظ هنا أن الشعب أو بعضه هو الذي أقر الحقيقة وليس القانون , لذلك فدستورهم ناشئ عن رغبة الشعب فيما لا يمس الأمن الوطني أو الحكومي .
في عالمنا العربي والإسلامي نرى أن الحقيقة واحدة لا تتبدل , فالخير خير كله , والشر شر كله , فلا وسط أبدًا !
على أن ابن خلدون يرى أن كل شر يصاحب كل خير من حيث لا نشعر !
لذلك ؛ انتبه الباحثون في العصر الحديث , وراحوا يقولون في أبحاثهم : أشك , لعل , أعتقد , يخيل إليّ . . . من غير الجزم بالأمر كما يفعل القدماء حين يقولون : لا شك , لا جرم , أجزم قائلاً , . . .
ذلك لأن الرأي اليوم ربما يأتي نقيضه في الغد , فكان الباحث يتحرى عرض رأيه دون الجزم به , فإنه لا يعلم ما يأتي به الغد من نظريات قد تنسف رأيه ورأي غيره .
ومن الجهل من يعد هذا التوجه عبارة عن جهل وعدم ثقة من الباحثين , وما درى أنهم يتحرون الموضوعية حين يجردون أنفسهم من الهوى .
تحياتنا للجميع .