مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 06-05-2008, 04:56 PM   #2
&اخت رجال&
عـضـو
 
صورة &اخت رجال& الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
البلد: ...بالمريـــخ...
المشاركات: 1,929
جزاك الله خير
على طرح مثل هذا الموضوع
مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ

قَالَ مُجَاهِد : نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ قُرَيْش كَانَ يُدْعَى ذَا الْقَلْبَيْنِ مِنْ دَهَائِهِ , وَكَانَ يَقُول : إِنَّ لِي فِي جَوْفِي قَلْبَيْنِ , أَعْقِلُ بِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا أَفْضَلَ مِنْ عَقْل مُحَمَّد . قَالَ : وَكَانَ مِنْ فِهْر . الْوَاحِدِيّ وَالْقُشَيْرِيّ وَغَيْرهمَا : نَزَلَتْ فِي جَمِيل بْن مَعْمَر الْفِهْرِيّ , وَكَانَ رَجُلًا حَافِظًا لَمَّا يَسْمَع . فَقَالَتْ قُرَيْش : مَا يَحْفَظ هَذِهِ الْأَشْيَاء إِلَّا وَلَهُ قَلْبَانِ . وَكَانَ يَقُول : لِي قَلْبَانِ أَعْقِلُ بِهِمَا أَفْضَلَ مِنْ عَقْل مُحَمَّد . فَلَمَّا هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْم بَدْر وَمَعَهُمْ جَمِيل بْن مَعْمَر , رَآهُ أَبُو سُفْيَان فِي الْعِير وَهُوَ مُعَلِّق إِحْدَى نَعْلَيْهِ فِي يَده وَالْأُخْرَى فِي رِجْله ; فَقَالَ أَبُو سُفْيَان : مَا حَال النَّاس ؟ قَالَ اِنْهَزَمُوا . قَالَ : فَمَا بَال إِحْدَى نَعْلَيْك فِي يَدك وَالْأُخْرَى فِي رِجْلك ؟ قَالَ : مَا شَعَرْت إِلَّا أَنَّهُمَا فِي رِجْلَيَّ ; فَعَرَفُوا يَوْمئِذٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ قَلْبَانِ لَمَّا نَسِيَ نَعْله فِي يَده . وَقَالَ السُّهَيْلِيّ : كَانَ جَمِيل بْن مَعْمَر الْجُمَحِيّ , وَهُوَ اِبْن مَعْمَر بْن حَبِيب بْن وَهْب بْن حُذَافَة بْن جُمَح , وَاسْم جُمَح : تَيْم ; وَكَانَ يُدْعَى ذَا الْقَلْبَيْنِ فَنَزَلَتْ فِيهِ الْآيَة , وَفِيهِ يَقُول الشَّاعِر : وَكَيْف ثَوَائِي بِالْمَدِينَةِ بَعْد مَا قَضَى وَطَرًا مِنْهَا جَمِيل بْن مَعْمَر قُلْت : كَذَا قَالُوا جَمِيل بْن مَعْمَر . وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ : جَمِيل بْن أَسَد الْفِهْرِيّ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : سَبَبهَا أَنَّ بَعْض الْمُنَافِقِينَ قَالَ : إِنَّ مُحَمَّدًا لَهُ قَلْبَانِ ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِي شَيْء فَنَزَعَ فِي غَيْره نَزْعَة ثُمَّ عَادَ إِلَى شَأْنه الْأَوَّل ; فَقَالُوا ذَلِكَ عَنْهُ فَأَكْذَبَهُمْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي عَبْد اللَّه بْن خَطَل . وَقَالَ الزُّهْرِيّ وَابْن حِبَّان : نَزَلَ ذَلِكَ تَمْثِيلًا فِي زَيْد بْن حَارِثَة لَمَّا تَبَنَّاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَالْمَعْنَى : كَمَا لَا يَكُون لِرَجُلٍ قَلْبَانِ كَذَلِكَ لَا يَكُون وَلَد وَاحِد لِرَجُلَيْنِ . قَالَ النَّحَّاس : وَهَذَا قَوْل ضَعِيف لَا يَصِحّ فِي اللُّغَة , وَهُوَ مِنْ مُنْقَطِعَات الزُّهْرِيّ , رَوَاهُ مَعْمَر عَنْهُ . وَقِيلَ : هُوَ مَثَلٌ ضُرِبَ لِلْمُظَاهِرِ ; أَيْ كَمَا لَا يَكُون لِلرَّجُلِ قَلْبَانِ كَذَلِكَ لَا تَكُون اِمْرَأَة الْمُظَاهِر أُمّه حَتَّى تَكُون لَهُ أُمَّانِ . وَقِيلَ : كَانَ الْوَاحِد مِنْ الْمُنَافِقِينَ يَقُول : لِي قَلْب يَأْمُرنِي بِكَذَا , وَقَلْب يَأْمُرنِي بِكَذَا ; فَالْمُنَافِق ذُو قَلْبَيْنِ ; فَالْمَقْصُود رَدّ النِّفَاق . وَقِيلَ : لَا يَجْتَمِع الْكُفْر وَالْإِيمَان بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي قَلْب , كَمَا لَا يَجْتَمِع قَلْبَانِ فِي جَوْف ; فَالْمَعْنَى : لَا يَجْتَمِع اِعْتِقَادَانِ مُتَغَايِرَانِ فِي قَلْب . وَيَظْهَر مِنْ الْآيَة بِجُمْلَتِهَا نَفْي أَشْيَاء كَانَتْ الْعَرَب تَعْتَقِدهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْت , وَإِعْلَام بِحَقِيقَةِ الْأَمْر , وَاَللَّه أَعْلَمُ .

الْقَلْب بَضْعَة صَغِيرَة عَلَى هَيْئَة الصَّنَوْبَرَة , خَلَقَهَا اللَّه تَعَالَى فِي الْآدَمِيّ وَجَعَلَهَا مَحَلًّا لِلْعِلْمِ , فَيُحْصِي بِهِ الْعَبْد مِنْ الْعُلُوم مَا لَا يَسَع فِي أَسْفَار , يَكْتُبهُ اللَّه تَعَالَى فِيهِ بِالْخَطِّ الْإِلَهِيّ , وَيَضْبِطهُ فِيهِ بِالْحِفْظِ الرَّبَّانِيّ , حَتَّى يُحْصِيَهُ وَلَا يَنْسَى مِنْهُ شَيْئًا . وَهُوَ بَيْن لَمَّتَيْنِ : لَمَّة مِنْ الْمَلَك , وَلَمَّة مِنْ الشَّيْطَان ; كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيّ ; وَقَدْ مَضَى فِي " الْبَقَرَة " . وَهُوَ مَحَلّ الْخَطَرَات وَالْوَسَاوِس وَمَكَان الْكُفْر وَالْإِيمَان , وَمَوْضِع الْإِصْرَار وَالْإِنَابَة , وَمَجْرَى الِانْزِعَاج وَالطُّمَأْنِينَة . وَالْمَعْنَى فِي الْآيَة : أَنَّهُ لَا يَجْتَمِع فِي الْقَلْب الْكُفْر وَالْإِيمَان , وَالْهُدَى وَالضَّلَال , وَالْإِنَابَة وَالْإِصْرَار , وَهَذَا نَفْي لِكُلِّ مَا تَوَهَّمَهُ أَحَد فِي ذَلِكَ مِنْ حَقِيقَة أَوْ مَجَاز , وَاَللَّه أَعْلَمُ .

أَعْلَمَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَة أَنَّهُ لَا أَحَدَ بِقَلْبَيْنِ , وَيَكُون فِي هَذَا طَعْن عَلَى الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرهمْ ; أَيْ إِنَّمَا هُوَ قَلْب وَاحِد , فَإِمَّا فِيهِ إِيمَان وَإِمَّا فِيهِ كُفْر ; لِأَنَّ دَرَجَة النِّفَاق كَأَنَّهَا مُتَوَسِّطَة , فَنَفَاهَا اللَّه تَعَالَى وَبَيَّنَ أَنَّهُ قَلْب وَاحِد . وَعَلَى هَذَا النَّحْو يَسْتَشْهِد الْإِنْسَان بِهَذِهِ الْآيَة , مَتَى نَسِيَ شَيْئًا أَوْ وَهِمَ . يَقُول عَلَى جِهَة الِاعْتِذَار : مَا جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفه .
__________________
[COLOR="اللهم رحمتك ارجو ربي حفظنا بحفظك [/COLOR]
&اخت رجال& غير متصل