السعوديون بين مصر وبنغلاديش
http://www.alriyadh.com/2008/02/29/article321913.html
د. شروق الفواز
في لندن حيث أقيم حاليا لطالما أبهرتني الجالية البنغلاديشية بحرصها الشديد على التمسك بهويتها الإسلامية في ذلك الوسط الغربي المتعدد الأجناس والأديان. ذلك الحرص الذي تراه حاضراً وبقوة من خلال اعتزازهم بكل ما هو إسلامي في تعاملاتهم، أخلاقهم، اسمائهم ولباسهم و في انشطتهم المتعددة التي تقدم الانتماء للإسلام على اي انتماء عرقي أو قومي. والذي تلمسه في حرارة مشاعرهم تجاه المسلمين في كل مكان، وتجاه المملكة العربية السعودية وشعبها خصوصا، لإعجابهم بمواقفها القوية لنصرة الإسلام والمسلمين، ومحبة لها لوجود الحرمين الشريفين فيها ولأواصر أخرى حميمة، تحملها ذكريات جميلة لهم، أو أقارب وأصدقاء لهم.
هذه الجالية التي حضورها الفعال في المجتمع البريطاني يجبرك على احترامها لتفاعلها الحضاري مع المجتمع الذي تعيش فيه وفيه نشأ أبناؤها دون أن تتنازل عن قيمها وثوابتها الإسلامية.
تحمل الجذور نفسها التي تحملها الجالية البنغلاديشية في السعودية، والتي انساق البعض منا وبكل أسف للدعوات السلبية التي تعمم وبكل جهل في تقديرها للأمور وتوقد عنصرية بغيضة تجاه إخوة لنا في الإسلام ساهموا معنا في جزء من نهضتنا بتعبهم وجهدهم وعاشوا فيها معنا أخوة الإسلام.
فالبعض منا قد جاوز الإنصاف في مواقفه التي تبناها وعبر عنها في كتاباته ومداخلاته في الصحف المحلية أو في شبكة الإنترنت، دون أن يعي البعد الحقيقي لتلك الكتابات العنصرية واللامسؤولة وأثرها الخطير، والتي تسيء لسمعة الوطن ولوحدة الإسلام.
إنه لمن الظلم والإجحاف أن نلصق التهم بهم جزافا في كل الجرائم والتجاوزات التي حصلت من البعض منهم ونتنصل من مسؤوليتنا كأفراد وكمجتمع تجاه كثير من هذه الجرائم.قد يكون هنالك منهم من أسرف في الإجرام وانتهاك الأنظمة باغيا أو مضطرا لكن هنالك أيد وأسباب أخرى ساعدته وشجعته على ذلك.
أولها تجاوزات بعض المواطنين وتحايلهم على أنظمة الاستقدام ومتاجرتهم بالتأشيرات واستسهالهم للكسب غير المشروع على حساب الوطن وأمنه.
وثانيها قصور بعض الأنظمة لدينا وعدم قدرتها على منع مثل هذه التجاوزات والتحايلات وتسامحها مع المتجاوزين من مواطنين أو وافدين.وغيرها من الأسباب التي تلزمنا بتحمل شيء من المسؤولية.
فالأنظمة الصارمة والفعالة هي القادرة على كبح شرور الطامعين عندما توقظها نار الحاجة أو الجشع
تجاوز الآخرين لأنظمتنا واستغلالهم لثغراتنا هو خطؤنا قبل أن يكون خطؤهم.
موقف البعض منا تجاه تجاوزات وجرائم البعض من البنغلاديشين يشبه في مضمونه وان اختلف شكله، لموقف آخر عبر عنه أحد (المثقفين) المصريين في تصريح مضحك له نشر في موقع العربية الأسبوع الماضي عندما سئل عن رأيه في الحملة التي يشنها بعض المثقفين المصريين على دول الخليج بدعوى تحكّم أموالها بالساحة الثقافية والإعلامية العربية، عندما برر ذلك بقوله أن المثقف المصري يحترم المثقفين العرب من دول المغرب أو المشرق العربي وينظر لهم بنظرة مختلفة لتلك التي ينظر بها للمثقف الخليجي لأن الخليجي اعتاد شراء ثقافته بماله!
[-----="DEB887 D2691E A0522D"]ودلل على ذلك باعتماد الطلبة الخليجيين في مصر على شراء البحوث ورسالات التخصص لنيل الشهادات العليا، وكأنه يعيب نفسه قبل أن يعيب غيره، فالمنطق يقول إن المؤسسات التعليمية هي التي تفرض نظامها على طلبتها وليس العكس ولو كانت تلك المؤسسات من القوة والحرص على مكانتها وكفاءة طلبتها وخريجيها لما سمحت بحصول مثل هذه التجاوزات ولما سمحت ببيع جهد ابنائها وشهاداتها لمن يدفع أكثر. ولما انتهكت حقوق من يقصدها لطلب العلم والخبرة ببيعها له شهادة من دون علم!
لكن هذه هي حالنا كعرب نتقن التنصل السريع من مسؤولياتنا تجاه أخطائنا وإخفاقاتنا، ونتفنن وبعنصرية في رميها على الآخرين[/-----]