بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » أديب التساؤلات ،، عبد العزيز التويجري !

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 05-09-2008, 06:42 PM   #1
مؤدلج
عـضـو
 
صورة مؤدلج الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
البلد: الرياض
المشاركات: 147
أديب التساؤلات ،، عبد العزيز التويجري !

عُرف كرجل سياسي حكيم ، ورجل دولة عاصر نشئتها وارتبط ارتباطاً مباشراً بحكّامها ، بدأ مديراً لماليّة سدير وانتهت مسيرته الحافلة في بيت صناعة القرار في المملكة العربية السعوديّة ،



عمل التويجري في الحرس الوطني مدّة تزيد عن الثمانية والثلاثين حيث كانت له جهوده في تطوير وشمولية هذا القطاع .
كان للتويجري ، بالتوازي مع عمله في الحرس الوطني في سبيل الإصلاحات الداخلية ، جهوداً في السياسة الخارجيّة ، تظهر ذلك اللقاءات الطويلة التي أجراها مع كبار رجال السياسة في العالم ، والرسائل السياسيّة المتبادلة بينه وبين مراكز صناعة القرار في العالم ، وفي كتاب التويجري (رسائل خفت عليها الضياع ) مجموعة من هذه الرسائل .

لم أشأ أن أكتب عن التويجري السياسي فالحديث عن التويجري السياسي هو حديث غموض مركّب ، فالسياسة وشخصيّة التويجري تشتركان في الإغراق في الغموض ، يعبّر عن ذلك حسن العلوي بقوله " المنشور من أعماله والمشهور من أدواره ليس أكثر من الربع !" ،لكن الحديث عن شخصيته السياسية خير مدخل للحديث عن عبد العزيز التويجري أديب التساؤلات .

بدأ التويجري التأليف وعمره 67 عاماً ، فجاءت أعماله الأدبية تحمل نوعاً من الكتابة لم تشهده المكتبة العربيّة من قبل ، جمالاً في العبارة وتدفقّاً في العبارات والمعاني ، وصوراً بيانيّة عميقة المبنى و المعنى والمؤدّى ، ونفس متأملة تحمل قارئها على بساط التأمل وتجري به في الفضاء الكوني وفي الفضاء الذاتي " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " .

"نتاج إبداعي غزير متدفق بدأ عند هذا الأديب بعد سن الخامسة والستين، سكبه - إلا ما ندر - في قالب "الرسالة الأدبية" التي أؤكد هنا أنه قد أعطاها شخصية ناضجة جديدة، بالغة الجمال والفتوة والتألق.لم يكن هذا الانفجار الإبداعي الذي ظهر عند هذا الشيخ فجأة بعد سن الخامسة والستين مصدر الإدهاش الوحيد للمتلقي، لكن ذلك المتلقي - أيا كان - ما إن يبدأ في تلقي أولى عبارات هذا الأديب في أي من مؤلفاته، بل في أي نص يصدر عنه حتى يفاجأ بنمط خاص من الأداء الإبداعي الراقي الذي لا عهد له بمثله في الخطاب الأدبي العربي، سواء على مستوى الخامة أو الرؤية أو أسلوب المعالجة". (اهـ من عربيّات )

والتويجري – الطالب النجيب في مدرسة الكون والحياة والنفس - عاش حياته متواضعاً للعلم ، العلم النظري الذي يدعم أساسه ويرفع بنائه الإيمان والتأمل والتفكر في بديع صنع الله ، بفلسفة إيمانيّة رفيعة ،يقول في الخاطرات ( لا أسرح وراء الخيال فقصتنا نحن البشر مع هذا الغريم ليست قصيدة يوحيها الخيال ويوحيها جمال الطبيعة ، ولكنها المعركة العظمى التي منها جاء التحول إلى هنا وتلاحقت في أشكال مختلفة معركة الصراع بين الخير والشر ، بين غريم وغريمه ، ولعلي لا أقول شططاً ولا أتصوّر عبثاً إذا هي نهضت في عقلي ووجداني الصورة العظمى لهذا الكون الواسع وتجمعت في صورة واحدة وأدلت بشهادتها أنها حاشية أخذت مكانها في هذا الكون البديع لتأتي غداً طيّعة أمينة في شهادتها معتذرة عن عجزها عن حمل الأمانة مشفقة على هذا الإنسان الذي حملها وقبل بحملها ... لا أدري وهمومي مع التصورات والسير وراء السحب تتراكم غيومها على عقلي وذهني ، أفي إمكاني أن أزرع ولو جملة واحدة على هذه الأوراق .. ؟ لتكون لي شفيعاً يوم يأتي يوم قراءتها .. أرجو ذلك ..! وأرجو أن ينتصر الخير على الشر وأن يخنس غريم الإنسان والموسوس له بالفجيعة لو تحوّل إليه ..! )


وهو، بالإضافة إلى تواضعه للعلم النظري ،متواضع للعلم الاكتسابي الحضاري حيث تظهر عبارات الحزن عندما يشخص واقع المسلمين الحضاري ، فهو يتكلم عن الحضارة الغربية بنفسية المؤمن الذي يرى جانبيها المتباينين .

والتويجري , وإن عاش في قصر بناه النفط ، إلا أنه قد ركب الجمل وورد الغدير وسكن الخيمة ، ويحمل حنيناً طويلاً إلى الصحراء وإلى ليلها ونجومها وخزاماها وشيحها ، يقول لحفيده (هذه مدافن آبائك وأجدادك ، هذه منازل عبلة وفارسها وتلك منازل حاتم الطائي ، وهذه أصداء أغاني أمير الصعاليك عروة بن الورد ، هنا الدخول وحومل ، وهناك في القفر البعيد خطا جمل من قال لها : سيري وأرخي زمامه ! ، هنا جرير ، وهنا قيس ، عالم لا تضني الرحلة إليه لأنه عالم الصحراء ، عالم الوضوح وعالم مكارم الأخلاق وعالم الفروسية والحب ..)

والتويجري في فلسفة التأمل يعتمد على السؤال في محاولة فك رموز الغموض ، فهو يعقب السؤال بالسؤال تلو السؤال ولا يمل من التساؤلات ، هو في كثير من الأحيان لا يبحث عن إجابة ، إنما يسأل نفسه مستغرباً أو مقرراً أو منكراً أو متعللاً يسلي نفسه بها .

إن شخصية التويجري تنطوي على إعجاب كبير بالقائد المؤسس الملك عبد العزيز فهو لا يمل الحديث عنه في كل مكان وفي كل مناسبة ، وفي كتابه " لسراة الليل هتف الصباح" تحدث عن بطله بإسهاب وبوثائق أكثرها كان له سبق نشرها بأسلوب حمع فيه بين التاريخ والأدب والفلسفة ، والحق يقال أن التويجري في كتابه هذا وفي جزئه الثاني " عند الصباح يحمد القوم السرى " ساهم في سدّ الفراغ الذي تعانيه المكتبة العربية من الكتب التاريخية الرصينة التي تجلّي تلك الفترة القريبة ، والجميل أنها جاءت بقلم شيخ نجدي له من المؤهلات لوصف تاريخ أرضه أكثر من غيره ، حيث أن كثير من الكتابات عن تلك الفترة كانت بأقلام إخوة عرب لهم من القدرة والمكانة الأدبية وأدوات الدراسات البحثيّة ومعاصرة الأحداث ، لكنهم على كل حال ليسوا بدواً ، ولم يعيشوا حياة البداوة ولم يشبّوا تحت الشمس النجدية ولم يردوا الغدير ولم ينتقلوا بالجمال ، فكان كتاب الشيخ النجدي مكمّلاً هذا الجانب متميّزاً في الجوانب الأخرى ، وهو بحق مرجع تاريخي بغناء مادّته التاريخية وبإضافات مؤلفه الأدبية والتحليلية والفلسفيّة - وإن ذكر أنه مجرّد حامل بريد - .



وقد نال الكتاب ما يستحقه من نظر فقد قدم له الأستاذ محمد حسنين هيكل وهيكل كما يقول عنه الدكتور عبد الله العثيمين هو " أعظم كاتب صحفي منذ خمسينيات القرن العشرين الميلادي، اطلاعاً، وقدرة تعبير، وحسن عرض، وعمق تحليل," وهو بالإضافة إلى ذلك ليس على وفاق تام مع السياسة السعوديّة ،أيضاً نشرت الكتاب دار الأستاذ رياض الريّس الذي عرف في كتاباته بتحامله على السعوديّة ، والتويجري في ذلك أراد أن يوسع دائرة القرّاء ، وأن يشهد بحيادية الكتاب وعظمة المُؤَّلف عنه البعيد قبل القريب ، وقد نال الكتاب من الدراسات الموضوعيّة والقراءات التأمليّة كان من بينها هذه الدراسة للكاتب الدكتور عبد الله العثيمين

http://www.suhuf.net.sa/2000jazhd/feb/7/ar.htm

http://www.suhuf.net.sa/2000jaz/feb/28/ar2.htm

وهذه المحبة التي أولاها عبد العزيز لعبد العزيز ليست نتيجة صداقة أو علاقة شخصيّة ، فعبد العزيز لم ير عبد العزيز سوى مرّات قليلة إحداها كما ذكرها أحد الكتّاب "يوم استقدمه الملك عبد العزيز الى الرياض، بعد وشاية وصلت اليه عن موظفه في المجمعة على المالية عبد العزيز التويجري، وكيف أنه دخل عليه في مجلسه في قصر المربع بالرياض، وكيف نظر اليه الملك نظرة تقريع، وطلب منه الجلوس بلهجة جافة، الشيء الذي أثر في نفس الفتى، لكنه وبعد قليل رأى رجلا من كبار أقارب الملك يقترب، فيوجه اليه الملك الحديث طالبا منه الجلوس بلهجة مماثلة أيضا، فطابت نفس الفتى ووصلته رسالة الملك بدون تعقيد، ولم يشعر بالفرق، ثم تحدث معه الملك مشددا على أهمية الحقوق، حقوق الناس، وكيف أنه لا يتهاون أبدا مع موظفيه في الأمانة وإيصال حقوق الناس اليهم، فلما شرح له الفتى جلية الأمر، وكشف حقيقة الوشاية، واتضح صبح الحقيقة، ابتسم له الملك ابتسامة، شعرت والشيخ يحدثنا، أنه للتو كان جالسا مع الملك عبد العزيز، وللتو ابستم له تلك الابتسامة الرضية في وجهه" اهـ
فرحمهما الله وأدخلهما الجنة برحمة منه وفضل .

وأشير هنا إلى أنه كانت هناك عوامل كوّنت هذه الشخصيّة السياسية الأدبيّة المتسائلة المتأملّة ، فالتويجري نشأ يتيماً حيث توفي والده وعمره ست سنوات ، وهذا اليتم أحدث شرخاً عميقاً في شخصيّته حيث أنه وقتها لم يستطع أن يفهم معنى الموت ،يتحدث الشيخ عبدالعزيز مستذكراً تلك الأيام بقوله: (جاء الخبر إلى والدتي فلبست السواد وحاولتْ أن تتماسك وتتجلّد وتستقبل الفاجعة بصبر كي لا ينزعج أطفالها، إلا أن الفجيعة ليست سهلة ولاحظنا حالة الحزن واتشاحها بالسواد، فبدأنا نسأل ونبكي كلّما رأيناها تبكي وبعد يومين قالت: لقد ذهب والدكم إلى ربه!) وأضاف: (كنتُ يومها لا أعرف شيئاً عن فكرة الحياة والموت، فارتبكتُ وصرتُ أصرخ، ومع هذه الحالة بدأت أخاف من الموت، فصرتُ لا أنام إلا وعصاي بيدي لا تفارقني لأدافع عن نفسي إذا جاء إليّ الموت!!)
يتحدّث عن هذه المرحلة فيقول: (اليتم الموجع أثّر في حياتي وعجزت عن احتماله أو تفهمه آنذاك ).

كما كان مائلاً إلى العزلة والهروب عن أهله ويتذكر الشيخ عبدالعزيز أنه هرب ذات يوم ومعه قليل من التمر والماء ولاذ بغارٍ مجاور للقرية وبقي فيه ليلة موحشة لم يساعده على تجاوزها إلا غلبة النوم عليه، وكان أكثر ما أخافه ما كان يسمعه من الكبار من أحاديث وقصص عن الجن، فعلقت في نفسه مخاوف لم يحتملها قلب الطفل، الذي أجهش بالبكاء وشعر بالندم وخرج من الغار، لكن خوفه من الطريق كان أكثر! فبات ليته تلك في الغار، وفي الصباح التقى براعي أغنام تناثرت أغنامه حول الغار، فخرج إليه الطفل يخبره بحاله ويسأله عن الجن والذئاب؟ فرد الراعي بأنه لا يوجد جن ولا ذئاب وأخذ بيده وعاد به إلى أمه وسلمه إياها، وكان أهل القرية قد بذلوا جهداً لمعرفة مصيره، لكنهم لم يفكروا بالغار!

أمّا الموقف الأبرز والمنعطف المهم في حياة الشيخ الثقافية والعلميّة ، كان خارج بلدته المجمعة وفي أحد أوديتها إذ بينما هو يسير في الوادي تناهى إلى سمعه صوت رجل مسنٍ حكيم يُردد قول المتنبي:

كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً ***وحسبُ المنايا أن يكن أمانيا

هذا البيت أوقف الشاب، الذي أدار حواراً طويلاً مع الشيخ الحكيم، فعرّفه بالمتنبي وبأبي العلاء المعري، اللّذين يسمع بهما الشاب لأول مرة في حياته، فسأله عنهما فأجابه الشيخ بما أسرّه وبما وجهه إلى عالمٍ آخر أوسع من عالم القرية آنذاك، ومنذُ ذلك الحين لايزال حواره قائماً مع المتنبي والمعري، حيثُ ظل لهما تلميذاً حتى وفاته يتعلم منهم ويتخلف معهم ويحاورهم ويجادلهم، وقد وثّق حواراته معهم ومناجاته لهم بكتابيه الشهيرين: (في أثر المتنبي بين اليمامة والدهناء) و(أبا العلاء: ضجر الركب من عناء الطريق)

عن ذلك الشيخ المُسن الحكيم ، يقول التويجري: (لا استبعد أن الشيخ في اختياره لذلك المكان المعزول في وادٍ صغير مجاور لمقبرة قديمة، أراد أن يخلق لنفسه عالماً خاصاً يؤنسه في غربته الروحية والفكرية، استنتج ذلك من أول صوت سمعته منه، ونظرتي تلاقت مع نظرته وهو ينشد بصوت رفيع: كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً). مع حوار ومناقشة ذلك الشيخ الحكيم في أحد أودية المجمعة، انطلق عبدالعزيز التويجري إلى آفاق واسعة في الثقافة، فأخذ يُعلّم نفسه بنفسه، ويقرأ كثيراً، حتى اشتد أمره وأصبح أحد متعلمي بلدته ومثقفيها دون أن يدخل مدرسة أو معهداً، فقد تخرج في جامعة الحياة وكلية التاريخ، التي الهمته وعلمته الكثير.

منعطف آخر مهم وأزمة ثقافيّة فكريّة نصبت حبالها في طريق الشاب عبد العزيز وهو خارج من بيته في المجمعة إلى المسجد، لأداء صلاة الفجر، حينما صادفه رجل فسأله: أين أنت ذاهب؟ فرد الشاب قائلاً: إلى المسجد، فقال الرجل: خذ هذا الكتيب ليساعدك على معرفة المسجد أكثر!!
أخذ الشاب الكُتيبَ ووضعه في جيبه، وبعد صلاة الفجر أخذ يقرأ فيه، وكلّما قرأ أكثر شعر بشيء مبهم يغشى مشاعره وأحاسيسه ويثير عنده صوراً تشكلها في خياله ألفاظ ما سمعها من معلم الكُتّاب ولا من إمام مسجده. وقد أثارت عنده شيئاً من المراهقة الذهنية وأوجدت بعض الارتباك لأن ما في الكتيب -كما يقول التويجري- مثير لتساؤلات كثيرة ومجيب عن بعضٍ منها بأجوبة أقل ما أقول عنها اليوم: إنها آتية من فكر بخس لا أملك وعياً كافياً لخطورته آنذاك.

يصف التويجري أثر تلك الحادثة على نفسيته، فيقول: (وقعتُ فريسة للصراع الذاتي والنفسي فيما بين من اصطادني في الظلام وأنا ذاهب إلى مسجدي وبين ما علمتني إياه الأمهات والجدات الطيبات، لقد حاول هذا المتلصص أن يطفئ لدي نور الإيمان، كان كلُ ما في الكتاب خليط صاغته فلسفة مداعبة لكل غريزة، منازلة لها) .

طالت آلام التويجري وعجزت دموعه أن تطفئ الحريق في نفسه، فقام بعدة رحلات إلى دولة عربية وإلى خارجها، وقادته تلك الرحلات إلى طبيب نفساني التقاه في القاهرة عام 1375هـ، فبعد أن حكى الشاب كلّ ما في نفسه والطبيبُ يكتب ويكتب، التفتَ عليه وقال له: (ما قيمة الحياة يا ابني من غير الدين والإيمان بالله؟ لكن تنقصنا المعرفة به ونحن نتخبط بعقولنا القاصرة في طريقنا إليه، نسير ونتعثر، وهذه العثرات هي عبادة لله، لأننا نمشي إليه بتساؤلات عنه وعن عظمته في آياته الكبرى).

ارتاح قلب الشاب واطمئن، وسأل طبيبه قائلاً: ما الذي تقوله عن هذا الإعياء والسقوط؟ أهو خوف من أن لا أصل؟! فقال له الطبيب: (أشدُ على يدك وعلى روحك وإرادتك وأدفع بك في اتجاه التأمل وعبادة الله وحده بنبض جوارحك) يتحدث التويجري عن تلك التجربة وذاك الطبيب فيقول: (قدم لي نصائح كل ما فيها يحاول به أن يدنيني من الله، جلّ وعلا، ويبعدني عن شياطين نفسي وأبالستها، واستمرت الجلسات عدة أشهر، وبعدها ودعت هذا الإنسان الطيب وأحسستُ أن إرادتي ولله الحمد صارت أقوى من مخيفاتها من الأشباح) اهـ ( وهذه القصة وقصة الشيخ الحكيم وقصة الغار موجودة في الذكريات وقد نقلتها من مقالة للأستاذ محمد السيف)

وبما أن الحديث هنا عن فكر التويجري فأنقل هنا هذه السطور من كتاب ( عبد العزيز التويجري ، الروح الجامعة ) حيث قال مؤلفه حسن العلوي :- ( وبسؤال على طريقة الإعلانات التجاريّة لمن يعثر على صفحة من رسائل الشيخ المنشورة في ستة كتب موزعة على 1348 صفحة خلواً من دعوة التويجري مكاتبه من تذكيره برسالة الإسلام أن يدلنا عليها وله الأجر وعلينا المكافأة ! ) ص223
وأتوقف قليلاً عند عنوان الكتاب الذي نقلت منه ( الروح الجامعة ) حيث أن شخصيّة التويجري شخصيّة جامعة تجمع لا تفرّق وتقرب لا تباعد فهو مع تواصله مع الشيخ عبد الرحمن السعدي ومحبته له ، ومع الشيخ الجاسر ومع الدكتور عبد الله العثيمين وغيرهم ، يحاور ويناقش ويبيّن فكره للمتربعين في أقصى اليسار سواء العلماني أو الإشتراكي أو الثوري ويدعوهم بأسلوبه للعودة إلى الإسلام كما في رسالته للأديب العلماني يوسف إدريس قائلاً في رسالته له : ( إنني بدوي لم أدخل مدرسة ، فلا تطالبني بما يطالب به الفقيه والكاتب والمفكّر ، لكنّي وبعد أن أتحت لي فرصة الحوار معك على جادّة الحق آمل من الله أن يوفقك في آخر العمر إلى التحوّل المطلق نحو حرث أرضك الذاتيّة وتنظيفها من كل نبتة طفيلية عليها وغرس أشجار الهداية الإنسانيّة )

وقد انتقل الشيخ عبد العزيز التويجري إلى رحمة الله يوم الأحد الخامس والعشرين من جمادى الأولى من عام ألف وأربع مئة وثمان وعشرين عن عمر يناهز الخامسة والتسعين قضاها بين السياسة والأدب والتاريخ والفكر ، يقول أحد الكتّاب متحدّثاً عنه لمّا أهداه كتابه لسراة الليل هتف الصباح ، أنه أخذ يكتب الإهداء الذي امتد إلى صفحتين على طرّة الكتاب ، تدفق فيها قلمه بعبارات النصائح الأبوية ، يقول الكاتب : " ثم تفاجأت به يبكي.. ثم قال: والله يا بني إنني مشتاق إلى لقاء الله، وإنني لا أخاف من شيء فعلته، وإنني أفخر بأبنائي، لكنني حاولت طيلة حياتي أن أخدم وطني، فأنا عشق وطني، وأتمنى أن لا أكون ظلمت أحدا..."

ختاماً : هذا هو الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري وقد كتبت هذه الأسطر بعدما قرأت للشيخ وقرأت عنه ، وقد ركزّت فيما كتبت على الملامح الواضحة للجوانب الأدبية والفكريّة في فكر التويجري ، وقد تركت الحديث عن الجوانب الشخصيّة أو القراءة التفصيلية في كتبه ، وهذه الأسطر أقدمّها للإخوة جميعاً وأخص منهم المهتمّين بالأدب والفكر والتاريخ والسياسة ، راجياً أن تكون فيها إضافة لكاتبها وقارئها .

أخوكم / مؤدلج
__________________
يا سالب القلب منـي عندما رمقـا*** لم يبق حبـك لي صبـرا ولا رمقـا
لا تسأل اليوم عما كابدت كبـدي**** ليت الفراق وليت الحـب ما خلقـا

عبد العزيز التويجري
الروح الجامعة !
http://www.buraydahcity.net/vb/showthread.php?t=125189
مؤدلج غير متصل  


 

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 09:05 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)