بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » البِِضَاعَةُ فِي حُكْمِ صَلاةِ الجَمَاعَةِ

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 29-05-2007, 03:23 AM   #1
الـصـمـصـام
عبدالله
 
تاريخ التسجيل: Jun 2004
البلد: .
المشاركات: 9,705
البِِضَاعَةُ فِي حُكْمِ صَلاةِ الجَمَاعَةِ

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة /

حينما أنزل الله تعالى كتابة ، و أجرى جوامع الكلم على لسان رسول - صلى الله عليه و سلم - و وقال عنه : {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} جعل هذين المصدرين هما المرجع في تطبيق الأحكام و استنباطها ، و جعل لأهل العلم مزيةً عن غيرهم من خلال الاستنباط و الإفتاء لما اكتسبوهـ من علوم تؤهلهم لذلك ، و لست بصدد الحديث عن هذا كله ..

و كثر في هذا الوقت القول على الله تعالى بغير علم ، و التقليد من دون برهان و بينة ، و و جُعل الخلاف ذريعة لارتكاب الحرام أو التخاذل عن الأوامر ، و العصمة ليست إلا فيما قاله الله و قاله رسوله - صلى الله عليه و سلم - و العلماء ليسوا إلا وسيلة فمتى تبين لنا أنهم خالفوا الحق ، و عرفنا الحق عند أحد دون أحدٍ منهم ، فإننا نستجيب لمن وافق الحق ..

و اسمحوا لي أيها الأحبة في عرض مسألة حكم ( صلاة الجماعة ) عرضاً مبسطاً من غير إسهاب مفرط ولا اختصار مُخل ، أسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع و الخشية الرادعة عن الحرام ..




(( صلاة الجماعة ))


الأقوال في هذه المسألة و أدلتهم :

القول الأول :
أن الجماعة شرطٌ لصحة الصلاة ، فمن صلى منفرداً من غير عذرٍ فصلاته باطلة ، و إلى هذا القول ذهب : داود الظاهري و ابن القيم و رواية عند الإمام أحمد و اختارها ابن عقيل و نقلها البعلي عن شيخ الإسلام .
و أدلتهم :
- أن ما كان واجباً في العبادة كان شرطاً فيها ، و قد ذكر هذه القاعدة ابن حزم في المُحلى ، و ابن تيمية في الفتاوى ، و ذكره ابن قاسم في حاشيته على الروض ج2ص259
-قوله تعالى : {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} فالأمر بالركوع مع الراكعين بعد الأمر بإقامة الصلاة يدل على شرطية الجماعة ، و أن من لم يركع مع الراكعين لم يأتِ بما أمر الله به .
- قوله تعالى : {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ ...} فالأمر بفعل الجماعة حال الخوف و الحرب يدل على أن الجماعة شرطٌ فيها ، ولو كانت الصلاة تصح بدون جماعة لعذرهم في هذه الحال ، و كون الصلاة على غير الصفة المعتادة حفاظاً على الجماعة ، دليل على أن الجماعة شرط لصحة الصلاة .
- ما رواه ابن عباس مرفوعاً ( من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له إلا من عذرٍ ) رواه ابن ماجة و الدارقطني و الحاكم ، و صححه الحاكم على شرط الشيخين ، و كذلك الذهبي صححه في التلخيص .
و قالوا بأن نفي الصلاة هنا نفيٌ لصحتها ، ( فلا صلاة له ) أي : أن صلاته باطلة .

القول الثاني :
أن الجماعة واجبةٌ وجوباً عينياً و ليس شرطاً ، فمن صلى منفرداً من غير عذرٍ فصلاته صحيحة و فيها فضل ، لكنه يأثم بترك الجماعة ، و ممن قال بهذا القول : عطاء ، و الأوزاعي ، و أبو ثور ، و الشافعي و الإمام أحمد ، و به قال أكثر الحنفية و كبار متأخري الشافعية ، كابن المنذر ، و ابن خزيمة ، و ابن حبان .
و نقل ابن هبيرة الإجماع ، و في هذا نظر .
و استدلوا :
- بقوله تعالى : {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} فالأمر بالركوع مع الراكعين زائد على الأمر بإقامة الصلاة ، و الأمر يقتضي الوجوب ، فتكون الجماعة واجبة . و استدلالهم هنا أوفق من استدلال أصحاب القول الأول .
- قوله تعالى : {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ ...} ووجه الدلالة هنا على الوجوب من وجهين :
أ/ أن الله تعالى أمر بإقامة الجماعة في حال الخوف و الحرب ، فلو لم تكن واجبة لما أمر الله تعالى بها في هذه الحالة الحرجة .
ب/أمر بإقامة الصلاة على خلاف الطريقة المعتادة ، و ما ذاك إلا لتحقيق الجماعة .
- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء) صحيح البخاري ج1/ص231
ووجه الدلالة هنا : أن الجماعة لو كانت سنّةً لما هدد على تركها بتحريق الأنفس و الأموال ، ولو كانت فرض كفايةٍ لكانت قائمة بالنبي - صلى الله عليه و سلم - و من معه ، فلم يبق إلا الوجوب العيني .
- ما أخرجه مسلمٌ و غيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل -رسول الله صلى الله عليه وسلم - أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال : (هل تسمع النداء بالصلاة) فقال: نعم قال: ( فأجب ) و في رواية عند أبي داود : قال : (لا أجد لك رخصة) .
قال الصنعاني : الحديث دليل على أنه لا يعذر من سمع النداء .
- ما أخرجه الحاكم و غيره من أهل السنن : عن بن أم مكتوم أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إني رجل ضرير البصر شاسع الدار وليس لي قائد يلائمني فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي قال: ( هل تسمع النداء ) قال: نعم قال : (لا أجد لك رخصة) .
ووجه الدلالة من هذين الحديثين : أنه عليه الصلاة و السلام لم يعذر الأعمى ن و أيضاً أن الصحابي سأل الترخص ، و الترخص كما هو معلوم لا يكون إلا من شيء واجبٍ في الذمة ، و هذا يدل على استقرار الوجوب في نفوس الصحابة .
- و استدل من قال بالوجوب أيضاً بمشروعية الجمع حال المطر ، فقد أسقط الشارع اعتبار الوقت - وهو شرط - من أجل تحقيق الجماعة ، و هذا دليلٌ قويٌ على وجوبها .
وقال الشافعي : لا أرخص لمن قدر على الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر حكاه أبن المنذر .
وقال داود : الصلاة في الجماعة فرض على كل أحد في خاصته كالجمعة وأحتج بقوله عليه السلام
(لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) خرجه أبو داود

القول الثالث :
أن الجماعة فرضُ كفاية إذا فعلها من يكفي سقط الإثم عن الباقين ،قال بهذا القول : بعض الحنفية ،و المالكية . و استدلوا بأدلة القائلين بالوجوب العيني مع أدلة القائلين بأنها سنة مؤكدة . و قالوا : أن الثانية صارفة للأولى من الوجوب العيني إلى الوجوب الكفائي ، فنصوص الوعيد و الشدة للفرضية و المخففة تصرفها للكفائية .

القول الرابع :
أن الجماعة سنةٌ مؤكدة ، و ممن قال بهذا القول أبو حنيفة و مالك ، و بعض الشافعية .
و استدلوا :
- ما جاء عند البخاري عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) ووجه الدلالة أن هذا الحديث أثبت لصلاة الفذ فضلاً و هذا فرعٌ عن صحتها .
- ما جاء في الصحيحين عن جابر و أبي موسى الأشعري أن النبي - صلى الله عليه و سلم - قال نهى آكل الثوم و البصل عن قربان المسجد . قالوا : فلو كانت الجماعة واجبة لنهي عن أكل الثوم و البصل ، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
- ما جاء في الصحيحين عن أبي موسى قال: قال رسول الله: - صلى الله عليه وسلم - (إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام) وفي رواية أبي كريب: ( حتى يصليها مع الإمام في جماعة )
فلو كانت الصلاة واجبة لنهى عن النوم قبل صلاة الجماعة ، ثم أنه أثبت الأجر لصلاة الفذ ، و هذا فرعٌ عن صحتها و إجزائها .


القول الخامس : أن الصلاة واجبة في مسجده - صلى الله عليه و سلم - .




المناقشة :
أما القول الخامس لأن الخصوصية لا دليل عليها ..
و الأول الذي يقول بشرطية صلاة الجماعة أيضاً ضعيف لوجود أحاديث كثيرة في صحة الصلاة للفذ الغير معذور و لأن الشارع قد نص على أن فيها أجراً و فضلاً .

و أما ما ذكره أصحاب القول بسنية الصلاة من أدلة فإنه يرد عليها ما يلي :
فحديث ابن عمر في الصحيحين و ما يماثله من أحاديث ، كحديث أبي موسى في الصحيحين ( و الذي ينتظر الصلاة مع الإمام ... ) و حديث ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى في الآخرة ) و أمثالها فغاية ما فيها الصحة لصلاة الفذ غير المعذور ، و أن فيها فضلاً و أجراً ، و هذا لا نخالف فيه أصحاب هذا القول ، لكننا نؤثم تارك الجماعة من دونما عذرٍ ، و أحاديث المفاضلة لا يصح أن تكون صارفةً عن الوجوب .
و أما ما جاء من أحاديث النهي عن أكل الثوم و البصل و حديث ( إذا وضع الطعام ) فإنما جاء هذا لتحقيق الخشوع و الطمأنينة في الصلاة ، و قطع ما يؤثر على ذلك من تأذي من رائحة أو تعلق بطعام .
و مناقشتنا لأصحاب القول بالندب مناقشةٌ لأدلة القائلين بالفرض الكفائي ، إذ أن الأدلةَ مشتركة .



و في النهاية أيها الأحباب ، حاولت جاهداً أن أختصر اختصاراً أرجوا ألا يكون مخلاً ، و من خلال ما سبق ، يتبين وجوب صلاة الجماعة لصراحة الأدلة في ذلك و فرضيتها العينية على كل مسلم ظاهرة ، و أن تاركها يأثم و بهذا نعمل بجميع الأدلة و لله الحمد و المنة ، و الذي تركته من أدلة القائلين بالوجوب كثير ، لكن اكتفيت بما يناسب المقام و العهد الذي أخذته بالاختصار ، معتمداً على مراجع متنوعة ، و مستعيناً ببعض التعليقات التي علقتها عند بعض المشايخ ، أسأل الله تعالى بمنه و كرمه أن يرزقني و إياكم الإخلاص في القول و العمل ، و السداد و التوفيق ..


أخوكم /
الصمصامـ ،،،،
__________________




ياربي ..افتح على قلبي ..
و طمئنه بالإيمان و الثبات و السلوة بقربك ..
[عبدالله]

من مواضيعي :
آية الحجاب من سورة الأحزاب ( أحكام و إشراقات )
::: كيف نقاوم التشويه ضد الإسلام و ضد بلادنا:::(مداخلتي في ساعة حوار مكتوبة و مشاهدة)


آخر من قام بالتعديل الـصـمـصـام; بتاريخ 31-05-2007 الساعة 12:30 PM.
الـصـمـصـام غير متصل  


 

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 11:28 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)