[اسعدي]

بسم الله الرحمن الرحيم

منذ أن قامت الدانمارك بنشر الرسوم المسيئة والدهشة تلازمني باستمرار والأسئلة تتخبطني ذات اليمين وذات الشمال !
لماذا قامت الدانمارك بذلك ! ولماذا توجه الناس إلى المختبئ في جبال الأفغان أسامة بن لادن ليأخذ بثأرهم ولم يطلبوها من حكامهم أصحاب الأموال والجيوش ؟!!
لماذا تأخرت القاعدة عن الرد حتى الآن ؟ ولماذا أعاد الدانماركيون الرسوم مرة أخرى بعد أن نسيها الناس وعادوا إلى أكل المنتجات الدانماركية بمباركة علمائهم ودعاتهم نجوم الفضائيات الجدد .
لماذا لم يخرج أسامة بن لادن عندما بدأت الحادثة ولم تأخر كل هذه الفترة الطويلة .
كل هذه الأسئلة كانت ترن في أذني ولم تهدأ إلا بعد الإجابة عليها ولكني أبقيت الأجوبة حبيسة الأدراج منتظرا نموذج الإجابة وها هو النموذج قد أتى ولم يبق إلا التصحيح على ضوء ما جاء فيه . وأبشركم أن النتيجة جاءت فوق المتوقع ويحق لي بعد ذلك الحصول على شهادة " خبير في شؤون القاعدة " ولكن قطعا لن أصل إلى مستوى الجهبذ " ضياء رشوان " لأنه جمع مع الخبرة دبلوما في الحقارة والخسة والدناءة ، وهذا الدبلوم لا يُسمح لأحد بالحصول عليه إلا إن كان على شاكلة مرشي بن حزام .
لن أتطرق لجميع هذه الأسئلة بل سأختصر قراءتي لشريط زعيم القاعدة لأننا في زمن السرعة والناس غير مستعدين للبقاء في قراءة موضوعٍ لأكثر من خمس دقائق على أكثر تقدير .
فما مدى خطورة هذا الشريط
الشريط يحمل في داخله تهديدا غير مسبوق من زعيم تنظيم القاعدة لأنه يهتم بالأفعال أكثر من الأقوال ولكنه هذه المرة قام بالإعذار والإنذار لأنه أعد لهؤلاء القوم مالا يتوقعه المحبون للقاعدة فكيف بغيرهم ممن وصل بهم الكبر والغطرسة مالم يبلغها فرعون في قومه ولأجل ذلك كان لابد من التهديد وتهيئة الناس لما سيرونه من أهوال تصطلي بها الدانمارك وأخواتها .
ويكفي لمعرفة حجم العملية أن نتعرف على قدر حب المسلمين وعلى رأسهم القاعدة لنبيهم .
فقد جاء في خطاب أسامة بن لادن قوله :
( وكل ذلك يعتبرتأكيدا منكم على استمرار الحرب واختبارا للمسلمين في دينهم ، هل الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليهم من أنفسهم وأموالهم؟ فالجواب ماترون لا ما تسمعون ولتثكلنا أمهاتنا إن لم ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
إذا فالعملية هي إجابة على هذا السؤال : هل الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليهم من أنفسهم وأموالهم ؟
وياويح من أراد اختبار القاعدة وأتباعها في مدى حبهم لنبيهم .
ولكن لا بد لنا من التنبيه على أن هدف العملية ليس الانتقام فقط بل الانتقام وتحقيق الإذعان من قِبَلِ المتولين كبر هذه الحملة فإما أن يذعنوا هم وأتباعهم من العملية الأولى أو فلينتظروا المزيد من العمليات .
وهذه هي ثقافة القوم كما فهمناها من أدبياتهم على مدار عقد من الزمن .
أما لماذا تأخر رد القاعدة إلى الآن فهذا راجع إلى صعوبة الإعداد لمثل هذه العمليات فمنفذي تفجير نيروبي ودار السلام في أفريقيا مكثوا في شقتهم تسعة أشهر وهم يجمعون المتفجرات ويهيئوها للتفجير !
هذا مع أن الحصول على المواد المتفجرة في ذالك الوقت أسهل بكثير من الآن فضلا عن الاختلاف الكبير بين القارتين في درجة الأمان وصعوبة التحرك لجنود القاعدة ، ولذا فمن الطبيعي جدا أن يتأخر الرد سنتين أو اكثر خاصة إذا كانت القاعدة تريد أن تكون العملية بحجم السبب الذي من أجلها تمت .
ونظرا لحاجة العملية إلى كثير من السرية لا سيما والإعداد لها يتطلب وقتا طويلا كان من الحكمة عدم إظهار النوايا للخصوم وهذا هو ما جعل زعيم القاعدة أو نائبه يتحاشون إرسال تهديدات مباشرة مع بداية الازمة أما وقد تمت الاستعدادات فلا يوجد ما يمنع من الإفصاح عنها والتهيئة لها .
لغز خطير ..!
هل انتهاء القاعدة من الاستعداد للعملية تزامن صدفة مع إعادة نشر الرسوم المسيئة !!
أو أن هذا التزامن يرجح أن الخطاب إنما جاء ردا على إعادة الرسوم ولا علاقة له البتة بقرب عملية مزلزلة داخل أوربا ، الإجابة على هذا اللغز قد تجعلني أكشف سرا لم يتطرق إليه أحد .
فمن خلال عملي في أحد الإدارات المتخصصة بمتابعة الأنشطة الإعلامية للقاعدة * كثيرا ما تتم دعوتنا لحضور المؤتمرات والندوات مع المسؤولين العسكريين للتباحث في ما يستجد من أمور في إطار مكافحة الإرهاب وكان أكثر محور يثير الفضول والاستغراب هو كيف صمدت القاعدة في مواجهة العالم أجمع كل هذه المدة !!
فالحرب والحصار وتجفيف المنابع والإعلام الموجه وغيرها من وسائل كلها لم تنجح في تحجيم دورها ولا بالقضاء عليها ، والأدهى من ذلك كله هو تفوق القاعدة في التقنيات التي انتجها الغرب وفاخر بها العالم ! فالشبكة المعلوماتية تشهد معركة لا تقل ضراوة عن المعركة على الأرض بين القاعدة وخصومها أنتهت بالنهاية بانتصار ساحق لهؤلاء الصعاليك كما يسميهم لويس عطية الله !
وأكبر دليل على هذا الانتصار هو استمرار مركز الفجر للإعلام بنشر المواد الإرهابية على الشبكة المعلوماتية وبأحجام ضخمة جدا دون تمكن المخابرات الدولية من منعها أو الإطاحة بناشرها !
وكانت أقسى إجابة يسمعها المسؤولون هي عندما يتحدث أحد الباحثين عن احتمال وجود ما يسمى بـ "الإلهام" ويعنون بذلك أن هناك قوة خارقة تدعم القاعدة وأقرب توصيف لهذا المصطلح هو ما يطلق عليه المسلمون بـ " التأييد الرباني " وهذه الفكرة تستشري بين المتخصصين في مكافحة الإرهاب وأكثر من يتعرض لها هم المسؤولون عن تعقب أسامة بن لادن من جماعة مايكل شوير سابقا .
كنت أتحدث مع أحد المتأثرين بفكر القاعدة ممن تعرفت عليه من خلال منتدى الفلوجة عبر الماسنجر بعد إعادة الرسوم المسيئة وقلت له : ألا تعتقد أن إعادة الرسوم من جديد هو إلهام أو تأييد رباني للقاعدة كما تسمونه ؟
فقال : لم أفهم ، هلا وضحت أكثر .
فقلت : ألا تعتقد أن القاعدة كانت تعد للانتقام من الدانمارك وبعد أن أنهت تجهيزاتها لم يعد الوقت مهيئا للضرب نظرا لهدوء العاصفة ! ، ولكن إعادة الرسوم من جديد هيأ الأجواء لتفبل فكرة التفجير داخل الدانمارك وقطع كل خيط يمكن للشانئين التمسك به للنيل من القاعدة .
فوافقني بقوة ثم قال : هل تعلم أن هناك آية من كتاب الله من المناسب ذكرها في هذا المقام .
قلت : وما هي .
قال : يقول الله تعالى : (واذا أردنا أن نهلك قريه أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا )
قلت : إذاّ ستدمر أوربا تدميرا .
قال : بإذن الله .
وفي ختام المقال يجدر بي التعريج على أمر ذي بال وهو تفنن القاعدة في اختيار توقيت كلمات قادتها وتوقيت عملياتها !! وهذا الأمر يحتاج لمقالة كاملة ولكني سأتطرق لتوقيت هذه الكلمة فقط .
هذه الكلمة قام مركز الفجر بنشرها ليلة الخميس 12 / 3 / 1429 هـ بعد الساعة الثانية عشرة ليلا !!
وهذا يوافق مولد النبي الأعظم ! ، والمعروف عن السلفية الجهادية معارضتها للاحتفال بالموالد!! فكيف يمكن تفسير ذلك ؟!
من وجهة نظري أن القاعدة تريد أن توصل رسالة للمتعلقين بالموالد مفادها :
" إن صدق المحبة لا يكون بالرقص وضرب الطبول وإنما يكون ببذل الدماء والأنفس والأموال "




د . جون بطرس
D. John Boutros
21 / 3 / 2008