[الدكتور متفائل]

قال الدكتور متفائل :روت أمي قدس الله روحها في أعلى عليين عن جدتي مزنة , عن خالها ابو البركات,قال حدثنا شيخ الشيوخ مسعد بن عبيد , قال:حدثنا روبعان بن عيشان الحربي ,قال :بينما كان رجل يطلب العلم عند الإمام تقي الدين أبو السمح ,لمح بصره فتى يافعا "أصيفر" عيناه غادتان من اللؤلؤ,فبهت به وترانا قلبه ,ففقدناه عن حضور الدرس فسأل الأمام تقي الدين عن حال الرجال وانصرافه عن الدرس فقيل لنا :إنه مريض :فذهبنا مجموعة من الطلاب معنا المحابر وبصحبتنا تقي الدين لنزوره في المارستان.فلما وصلنا طرقنا الباب ففتحت لنا عجوز بيضاء الشعر شمطاء الخدين خدش في جانبها الأيسر ظنناها الشيطان الرجيم .فقلنا السلام عليك ياأمة الله.فردت السلام فسألناها عن صاحبنا طالب العلم فقالت : أحسن الله عزائكم هاأنا أغسل يدي من تربة قبره المقدسة ثم أجهشت بالبكاء فقال لها تقي الدين :إصبري واحتسبي ياأمة الله ....

فلما سكن دمعها المدرار تنهدت قائلة:تعوذوابالله من العشق فوالله مابرحت أن للفتى ابني فلان قواما لليل صواما للنهار لاتنطفيء عيناه من البكاء من خشية الله وبينا هو على حاله مع قرطاسه وكتبه بدل الله حاله من حال فانقلب صيامه إلى فتور وقيامه إلى تفكير وطول سهاد ,وكتبه وقرطاسه إلى نظم الأشعار بعد أن كانت علم من تقى ورضى الرحمن. فأطرقت قائلة : لماحضرت ابني الوفاة تنهد وأنشد قائلا:
أيا أصيفر البين في قلبي عصيفر*تغني لحن الخلود كأنك الحور

أيا أصيفر مرّعلى قلبي وحدثني*مافعل العشق في حشرة الصدور
أيا أصيفر لوكنت ربي لما كنت لك سوى عبدا*أفاق يعبدك ليلا في كحل السرور.

فقلت له يافلان اتقي الله ؟
فقال :هو كذلك عبدا للأصيفر.........

ثم فاضت روحه إلى باريها ومات عاشقا والعياذبالله...


انصرف الجميع وعيونهم تنهال من الدمع على الشؤون فلما انتصفوا في الطريق التفت تقي الدين وقال لطلابه :

كل الحوادث مبدؤها من النظر & ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت بقلب صاحبها & فتك السهام بلا قوس ولا وتر