العرق يكسوه كما ثوبه , وريقه قد غزاه الجفاف من أقطاره , فلم يسبق له أن وقف في محكمة من قبل , فكانه أصبح من جملة الذين تدور أعينهم من الموت المحقق !
كاتب الضبط يرمقه , والجندي يدفعه كلما أراد الرجوع , وصرير القلم بسنه المرن على القرطاس يسطر نهايته المؤلمة , فصولها بيد كاتب الضبط المتربص به الدوائر !
لم يلبث كثيرًا حتى خرّ مغشيًّا عليه , فكان أن تبسم كاتب الضبط قائلاً في نفسه تهكمًا : ما رأيت متهمًا بهذا الضعف من قبل , فسحقًا للمتهمين ولم لم تثبت إدانتهم ! !
كأس من الماء أعاد له قواه العقلية , سكبه عليه ذلك الجندي بإيعاز من ذلك الكاتب , فجثا على ركبتيه كأن النطع تحته والسياف يلوّح بالصمصام المرهف !
سجنوه إلى حين , فويل للمتهمين وما كانوا يفعلون وما لم يفعلوا , فساعة المحكمة تساوق عمره بأجمعه وأكتعه ! !