عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2007
البلد: !!!
المشاركات: 2,024
|
مــن طــرائــف الــشــيــخ عـلـي الــطــنـطـاوي ( 4 ) . . .
جاء في كتاب الشيخ ( مقالات في كلمات ) في مجموعته الاولى تحت عنوان " أربعة ! "
" كنت راكبا أمس في سيارة أجرة يقودها شاب متين البناء , مشدود العضل , بادي النشاط , فاعترضه في الطريق الذي يمر من وراء السباهية , ويفضي الى باب الجابية ( كميون ) يجره ثلاثة بغال , والرابع يمشي على رجلين , وبيده سوط طويل , أطول منه شاربان معقوفان يصلان الى رموش عينيه , وأطول من الاثنين : لسان لا يهدأ لحظة ولا يسكن , ولا يتحرك الا بسب الدين والعرض , ولعن الآباء والأمهات , بصوت يعج عجيجا , ويضج ضجيجا , ويخرج من فمه هدارا خشنا , كأنه ( بردى ) في زيادته , وهو ينحدر عكرا , يحمل الوحل والطين و . . . الأقذار !
ووقفنا نتظر أن تمشي البغال ( الأربعة . . . ) وتجر الكميون , فلا الكميون تحرك , ولا اللسان سكن , ولا الطريق انفتح , ومرت ربع ساعة ونحن نرقب على مثل حر النار , والسائق ساكت فقلت له : كلمه !
فزمر ومد رأسه من شباك السيارة , وقال له بلهجة مهذبة :
, افتح لنا الطريق .
فانفتل وأقبل علينا , وصب هذا السيل القذر من فيه على السائق , ولعن السيارات ومن جاء بها , وهدده بأنه سيكسر رأسه , ويخمد أنفاسه , ويمزق لحمه , ويسحق عظمه , وأمثال هذه التهديدات ال( كيشوتية ) .
وهجم علينا هجوم أبي حية النميري يتبختر ويهز سوطه !
حتى إذا كاد يصل الى السيارة فتح السائق الباب , ونزل اليه , وقال له :
اذهب فجر الكميون , وافتح الطريق .
فلم يذهب ولكنه ازداد غرورا وبذاءه , ورفع يده ليضرب السائق , فلم يكن من السائق الا أن لكمه تحت ذقنه لكمة من يد رياضي مدرب ألقته على الأرض , وهم بأخرى , فانقلبت ضراوة الرجل ضعفا ومذلة , وراح يخضع ويخشع , ويسأل العفو , ويطلب الرحمه . . .
وقام صاغرا صامتا فجر ( رفقاءه ) الثلاثة وفتح الطريق . . .
وأنا أنشر هذه الصورة بلا تعليق " ص 38
وبردى هو نهر في الشام و( الكيشوتية ) لا أعرفها 
__________________
مَـنْ يـُعَـمّـَرْ يـَجِـدْ أَحِـبّـَاءَهُ فِـيْ الأَرْضِ أَوْفـَى مِمَّنْ عَـلَيْـهَا وَأَحْـنَـى ..!
|