[الـصـمـصـام]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحديث عن هذا الموضع و الكتابة عنه من أصعب الأمور التي تواجه أصحاب الفكر ، نظراً لحساسية الموضوع ، و انشغال الناس بالحديث عنه ، و إشباعه من قبل بعض النُخب الذين بسط الله لهم في العلم و الفهم و الدراية .. و إنني حينما أتحدث عن هذا الموضوع الذي تحدث عنه الكل ، و سمع عنه الكل ، كان لا بد أن آتي بالجديد الواضح الذي يكمل ما ألقاهـ الآخرون ، في المقالات و الخطب وسائل الإعلام بشكل عام .

و هنا أجد أن من المناسب الابتعاد عن الحشو الممل ، و الاعتماد على الترتيب و تجزئة المحاور و التحدث عن كل نقطة على حدة ، بشكل من الإيجاز الذي يفوق الاختصار المخل ، و يقل عن الإسهابِ الممل .

أولا : بدأت السينما في العام العربي قبل عقودٍ من الزمان ابتداء من مصر ثم انتقلت إلى الشام ثم إلى دول الخليج ، و كانت و لا زالت تسير في وجهة تخالف الشرع و تنافي الآداب العامة ، و تسعى بشكل بطيء إلى إماتة الحياء لدى جمهوره و مرتاديه ، حتى سجلت تصاريح لمسؤولين في الإعلام المصري ينتقدون التجاوزات التي تمت ، و هذه هي الحقيقة التي كانت ولا زالت حتى هذه اللحظة ، و لم يعرف لها دور مشرفٌ يرتقي بالأمة و يبني الحضارة ، فعروض السينما ما بين مغامرات الحب المفتعلة ( المستحيلة ) و عروض التهريج الساخرة ، ناهيك عن المخالفات الشرعية التي تعج بمثل هذه العروض ، و التجمعات الفاسدة التي تتوافد على هذه الأفلام .

ثانيًا : طار التغريبون في بلادنا بأول عرض أقيم ، و صرح أحدهم أننا في مرحلة (مفصلية) كما يعبر ، و ما هذا إلا إيمانًا منهم بهذا الدور الذي يلعبه السينما في خلق بيئة متوائمة مع المخططات التغريبية ، فالمسألة ليست مسألة عرض فقط و ينتهي الأمر ، و لكنها إشاعة للمنكر و اجتماع عليه ، و من هذه النقطة يكون الخطر أشد من التلفاز ( أقول من هذه النقطة ) حيث الاجتماع على المنكر و السكوت عنه و المشاركة فيه و دعمه الحضور و الهتاف بالتشجيع ، و من هنا عُلم أن هؤلاء الذين يعرفون بمواقفهم الدائمة مع مشاريع التغريب و المناوئة لكل ما هو إسلامي ، لن يفرحوا بما يضرهم ، و لكنهم يفرحون بالانحلال و التفلت المطلق من كل قيد .

ثالثًا : السينما وسيلة من الوسائل و الوسائل لها أحكام الغايات ، و تدور في فلك غايتها حكمًا ، و لكنها بوضعها الحالي و عند النظر و الـتأمل في محتواها تكون محرمة لا لذاتها ، و لكن لما احتفت بها أمور كثيرة محرمة ، و لهذا أفتى العلماء بتحريمها و هذا من فقههم ، و لكن لو تمت أسلمتها و تهذيبها و تنقيتها من الشوائب فهذا ينقلها إلى الحكم الآخر ، كما هو الحال في القنوات الفضائية تماماً حيث كانت تبث الحرام ( ولا يزال كثير منها ) فأفتى جمع من العلماء بتحريمها ، و هذا ليس تناقضًا ، بل هو عين الفقه و إدراك مقاصد الشريعة ، و من الخطأ أن نفرح و نستبشر بالسينما في وضعها الحالي .

رابعًا : الجهة القائمة على دور السينما في في بلادنا ( المملكة العربية السعودية ) هي وزارة الإعلام ، و لا يخفى ما تعيشه هذه الوزارة حاليًا من ضرب بأحكام الشرع و الأسس التي قامت عليها البلاد و نصت عليها في ساستها الإعلامية ، كل هذه يضرب بها الإعلام عرض الحائط في الأعم الأغلب ، و لذا فإن وقوف العلماء و الدعاة و المحتسبين و المسؤولين ضد تبني هذه الوزارة للسينما إلا بعد أن تفيء إلى أمر الله و ترجع رجوعاً كاملاً إلى ما نُص في سياسة الإعلام ، و لا نريد أن تكرر مشاهد الاختراق للأسس التي نعايشها في التلفاز و الصحافة مع كل أسف ، حيث أصبحت لا تمثل هذا الوطن حقيقة ، بل تعطي للمتابع من خارجه انطباعاً مغايراً للحقيقة .

خامسًا : إن على قادة الفكر من الحريصين على الدين و البلد أن يبادروا في تهيئة الأجواء المناسبة لأسلمة السينما و المبادرة فيه قبل أن يسبق هؤلاء في عرض مجونهم و استخفافهم و بث ما ينافي الدين و يعارض المروءة ، بل علينا أن نبادر في الدخول إلى هذا المجال بقوة و بذل الكثير و الكثير من أجل جلب أكبر عدد من المتابعين ، و بعدها تعرض الأفلام النافعة و المفيدة التي ترتقي بدين الإنسان و بأخلاقه و بعلمه التجريبي ، و لا نكون متقاعسين نلعن الظلام دون أن نوقد فيه الشموع ، فنحن كإسلاميين لنا الصوت الأكثر في البلد ، و لكنه مع أكثريته إلا أنه الأضعف مع كل أسف ، و للإعلام دور في صناعة القوى الفكرية الأخرى التي علت أصواتها بسبب جرأتها و عدم تخوفها .. الأموال ين أيدينا ، و تأييد الناس مضمونٌ تحقيقة لأن الناس يريدون أن يشاهدوا ما تطمئن فيه نفوسهم و ترتاح فيه ضمائرهم دون إغضاب لله تعالى و لا مخالفة لأوامره ، هذا هو الحال الغالب في بلادنا و لله الحمد ، و أما الأصوات الأخرى فهي شاذة و لا ينبغي أن تتغلب علينا ، و كذلك بأيدنا الكوادر المؤهلة تأهيلاً قويًا ينافس و يتفوق من المتخصصين الفنين و من الكتاب و الإعلاميين الذين باجتماعهم يتحقق النجاح الباهر في هذا المجال . لماذا نصنع كثيراً من الكتاب و الممثلين و المصورين ثم بعد نموهم و تقدمهم في الموهبة يصعدون إلى الساحة دون أن يجدوا إعلامًا محافظاً يتبناهم ثم هم بعد ذلكم ينقلبون على أعقابهم و يذهبون للعمل مع من لا يضمن في دينه ولا أمانته ..! أو يكون الصادقون المخلصون أصحاب المبادئ مجبرين على الخروج في أماكن تقف ضد أفكارهم ، و بالتالي يبدأ مسلل من التنازلات و التراجعات كما حصل من غير واحد ..


سادسًا : إنني أنصح المحتسبين وهم على قدر من الوعي أن يكون أهل حكمة و دهاء في التعامل مع ما يخرق السفينة و يؤدي بها إلى الغرق ، و أن يعلموا أن هناك الكثير من لئام البشر ممن يحاولون الاصطياد في الماء العكر ، و يعملون لخلق فرص للاستفزاز و جر الطيبين إلى مواقف محرجة تتيع للمتطاولين بسط أيديهم و ألسنتهم و أقلامهم بالسوء ، و هذا ما يجب لاتنبه إلية و الحذر منه ، فالإعلام مليء بالشائعات و الأقاويل الكاذبة التي ساهمت في تشويه سمعة النزهاء ، و تقليل شأن الشرفاء في عيون الناس ، و يجب أن يتواصلوا مع علمائهم حين وقوع ما يضايقهم و يكدر صفوهم ، و أن يطالبو علماءهم برفع البرقيات أو زيارة أولي الرئاسة ، كما هو منهج الراحلين الذين نفع الله بهم البلاد و العباد ، و كانوا بعد الله أمنة للمجتمع ، كالشيخ الإمام ابن باز و ابن عثيمين رحمهما الله ، و لا تزال البلاد و لله الحمد مليئة بمثل هؤلاء الذين يأتون البيوت من أبوابها ، و يحتلون مكانة كبيرة في قلوب المسؤولين و أولى الوجاهة ..


أخيراً .. في الجمعة الماضية صليت مع الشيخ عصام بن صالح العويد خطيب جامع الحديثي الواقع بالرياض مخرج 10 ، و كانت خطبته رائعة كافية في هذا الموضوع ، و كنت أبحث عنها لأقدمها لجزالتها و قوتها و وسطيتها ، ، و قد بدأ الخطبة ببداية خيالية رائعة ..و أنا أنصح سماعها :

[MEDIA]http://www.buraydahcity.org/smsam-nor/up/sienma.mp3[/MEDIA]
خطبة الشيخ الدكتور عصام بن صالح العويد



لحفظ الخطبة
http://www.buraydahcity.org/smsam-nor/up/sienma.mp3


بقلم / عبدالله