|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
إطلالة المتنبي في مشهدنا المعاصر ..
لم يغب طيف أبي الطيب المتنبي عن حقبة من التاريخ منذ أن بزغ نجمه , وأشرقت شمسه , فقد كان صاحب القدح المعلى من دراسات العلماء , وشروح الأدباء , واختيارات البُلغاء , وتأديبات الحكماء . أحمد بن الحسين الجعفي الكندي المعروف بأبي الطيب المتنبي المولود سنة303 هـ كان ومازال حاضرا في المشهد الثقافي والأدبي والسياسي في هذه الأمة , ومنذ وفاته رحمه الله عام 354 هـ والصدحُ في شعره لا يغيب ولا يتحَوَّل . فأقيمت حول ديوانه الشروح الكثيرة , والاعتراضات الوفيرة , وتسابق العلماء لإيضاح ما غمض من شعره , ويكفي أن تعلم أن فطاحلة كابن جني والواحدي والمعري وابن الشجري وابن هشام كانوا ممن تعرّض لشعره إما شرحا وإما استدلالا وإما اعتراضاً . وحين تنظر في واقعنا المعاصر ستجد أن استجلابَ شِعْرِ أبي الطيب حاضرٌ بقوة لا مثيل لها , ففي كل وادٍ بنو سعد , وفي كل موقفٍ أبو الطيب , وفي كلِّ مناسبةٍ بيت من غُرَرِه . يكفي أن تعرف أن رجلاً بقامة المليك المفدى خادم الحرمين الشريفين يعود من سفره معافى سالما – بحمد الله – فلا يجد الأدباءُ والشعراءُ والحكماءُ والوزراءُ ما يستعينون به على هذا الموقف إلا بيت أبي الطيب : المجدُ عُوفِيَ إذْ عُوفِيتَ والكَرَمُ ,,, وزَالَ عَنْكَ إِلى أَعْدائِكَ الألَمُ وما أَخُصُّكَ فِي بُرْءٍ بِتَهْنِئَةٍ ,,, إِذَا سَلِمْتَ فَكُلُّ النَّاسِ قَدْ سَلِمُوا فهل عقمت العقول عن إنجاب مثل هذين البيتين في جمالهما وروعتهما ؟ أم أنّ عظمة المتنبي أخرست أفواه الشعراء فلم يستطيعوا مجاراته ومسايرته ؟ ولم يقف الحد عن هذا , بل إن أبا الطيب يستمر مع الصغير والكبير , والعامي والأديب حين يرددون معه دفاعا عن أنفسهم أمام من يذمهم : وإذا أَتَتْكَ مَذَمَّتِي مِنْ نَاقِصٍ ,,, فهيَ الشَّهادَةُ لِي بَأنِّي كَامِلُ وتجد صاحب الهمة العالية يردد قوله : على قدر أهل العزم ... وحين يتعيّدُ الناسُ يوم الأضحى لا يكاد يغفُل الكثيرون في معايدتهم عن قول أبي الطيب : هَنِيئاً لَكَ العِيدُ الذِي أنْتَ عِيدُه ,,, وعيدٌ لِمَنْ سَمّى وضَحّى وعَيّدا هذه قطراتٌ من بحر , وغيض من فيض , وقطعة من نهار , حول ما نراه من حضور أبي الطيب رحمه الله في مشهدنا المعاصر , وكأن الشعر خُتِمَ به وهو المتوفى قبل أكثر من عشرة قرون . رحم الله أبا الطيب المتنبي رحمة واسعة , فقد كان يشاهد نفسه الآن حين كان يردد : أنامُ ملء جُفونِي عن شوارِدها ,,, ويسْهَرُ الخلق جَرَّاها ويخْتَصِمُ علي الحامد . 24 / 3 / 1432 هـ
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|