[قاهر الروس]

مَنْ سَيَدْفَعُ ثَمَن ذَلِكَ يَا مُسْلمين ؟!

***

إِنَّ المَأْزَقَ الذيْ يَحِلُّ بِإخْوَانِنَا الليبيونَ – حَفِظَهُم الله – أَصْبَحَ جَرْحاً كُلٌّ يُرَاقِصُ عَليْهِ مَصَالِحُهُ ، فِيْ ظِلِّ تَعَنْتُتِ رَئيسِ البِلادِ في إِحْكَامِ القَبْضَةِ وَ تَصْعيدِ حِدَّةَ المُواجَهَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَعْبهِ ، وَهُو مَا أَفْقَدَ الغَرْبَ تَوازُنه الإقْتِصَاديُّ وَ البَحْثُ عَنْ بَديلٍ يُغَطِّيْ أَثَرَ ذَلِكَ ، سِوَى أَنَّ الأُمْرَ بَاتَ طَويلاً دُونَ أَيّ مَظَاهِرَ إْنِتهَاءٍ لِهَذهـِ الأزْمَةْ .

الغَرْبُ أَطْبَقَ عَلى فَمِّهِ بدَايةَ القَتْلِ والتَّنكيلِ في حَقِّ شَعْبٍ أَعْزَلٍ مِنْ قِبَلِ حَاكِمِهِ ، سِوَى أَنَّهُ رَأَى نَفْسَهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلى مُوَاجَهَة الوَاقِع بِذَلِكَ الصَّمْتِ فِيْ ظَلِّ نَزيفِ الكَّم الإقْتِصَادِيْ لَهُمْ ، وَ سَيَكُوُن عَاراً عَليْهِ إِنْ تَكَلَّمَ مُتَأخِّراً يَسْتْنِجُدُ بِأَيِّ شَيءٍ يُنْعِشُ اقْتِصَادَهـُ حَتَّى رَفعَ صَوْتَهُ عَلى اسْتِحيَاءٍ كَيْ لا يَفْقِدُ شَرْعيَّةَ عِلاقَتِهِ بِالحُكومَةِ اللِّيبيَّة التيْ وَجَدَتْ بِتْرُولَهَا سِلاحَاً تُوَاجِهُ بِهِ كِبْرياءُ الغَرْبِ وَ عَظَمَتِهِ الهَيْمنيَّةْ ، وَحينمَا دَفَعَ الليبيُّونَ الأحْرَارَ دِمَاءَهُم رَخِيصَةً في صَوْنِ كَرَامِتِهِمْ ، وَ وَاجَهُوا أَعْيِرَةً نَاريَّةٍ وَقَصفٍ جَويٍّ بِأَجْسَادٍ طَاهِرةٍ وَوُجوهـٍ بَريئَةٍ وَانْتَصَرَتْ سَحْباً للبِسَاطِ مِنْ تَحْتِ حُكومَتِهَا في السَّيْطِرَةِ على بُترولِهَا وَ نَوَاةُ اقْتِصَادِهَا تَنَفَّسَ الغَرْبُ الصُّعَدَاء لِيَرْفَعَ صَوْتَهُ أَمَامَ المَلأ أَنَّ خِيَارَاته عَسْكريّةٍ وَاقْتِصَاديَّةٍ غَيْرَ أَنَّ الخِيَارَ الأَوَّل لا يُسْتَبْعُد أَبدًا تَحْتَ ذَريعَةِ قَتْلِ الأبْريَاءِ مِنْ الشَّعْبِ ، وَكَأنَّ الشَّعْبَ لَمْ يُقْتَلْ سِوَى اليَوْم ، لَكِنَّ الغَرْبَ حِينمَا وَجَد مَصَالِحَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَصيرِ الثُّوارِ نَزَلَ إلى مَيْدَانِ الإعْلاِمِ يَنْفُضُ عَنْهُ غُبَارَ الصَّمْتِ وَ اللَّحَظَاتِ العَصيبَةْ ، كَيْ يَظْهَرُ وَكَأنَّهُ الحَامِيْ للشُّعوبِ مِنْ حُكَّامِهَا ، وَهُو الذيْ قَتَلَ شُعوبًا بِأكْمَلِهَا في العِرَاقِ وَأفْغَانِسَتانِ وَفَلسْطينَ ، فَما الذيْ يَجْعَلُهُ يَحْمِلُ هَمَّ الشَّعْبِ في لِيبيَا .

إِنَّ خِيَارَ الغَربِ فِيْ المُوَاجَهَة العَسْكَريَّةِ يَخْتزِلُ في حَقيقَةِ فَحْوَاهـُ فِيْ صِيَانَةِ حُقولِ النِّفْطِ لا فيْ صِيَانَةِ الشُّعوبِ ، لأَنَّ الغَرْبَ كَالطِّفْلِ الذيْ لَمْ يُفْطَمْ بَعْد لَوْ قُطِعَ عَنْهُ ثَدْيَ أُمِّهِ مَصيرُهُـ المَوْتُ .

إِنْ كَانَتِ الدُّولُ الإسْلاميَّةُ – لا القَوميَّةُ العَربيَّة – تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ الخِيَارُ الغَربيُّ لَيْسَ مُسْتَعبْداً مِنْ الخُطَطِ الصَّليبيَّة ، وَ هُو الذيْ جَعلَ الغَرْبَ باخْتِلافِ أَطْيَافِهِ وَ مَبَادِئِه وَ لَهَجَاتِهِ وَأهْدَافِهِ يَتِّحدُ مِنْ أَجْلِ مَصْلَحةٍ وَاحِدَةٍ دُنْيَويَّة ، فَلِمَاذا لَمْ يَتِّحدِ المُسْلِمُونَ مِنْ أَجْلِ هَويَّةٍ وَاحِدَةٍ دِينيَّةٍ وَدُنيويَّة ؟!

إِنَّ الخِيَارَ المَطْرُوحَ عَلى طَاوِلةِ الغَرْبِ هُوَ لإحْدِاثِ عِراقٍ آخَرَ فيْ أَفْريقيَا ، بَعْدَ مَا ذَاقَ الليبيُّونَ سِنينَ الاسْتِعمَارِ الإيطاليْ رَاَحَ ضحيَّتُهُ أَحْرَارَ بَلدٍ مُسْلمٍ لَمْ يَسْمَعُ لِجَرَاحِهِمْ أَيُّ بَلدٍ مُسْلِمٍ كَأنَّ آيات الله سبحانه وتعالى و حَديثِ النَّبي صَلى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ غَابَتْ فيْ ذَلِكَ الزَّمَنْ .

السُّؤَالْ .. لا سَمَحَ اللهُ – لَوْ دَكَّ الغَرْبُ خِيَارَهُـ العَسْكريُّ تِجَاهـَ دَوْلَةَ لِيبيا المُسْلِمَةْ ، هَلْ سَنَرى نَشْوَةَ بَعْضَ الدُّعَاةِ تِجَاهـَ الثَّوْرَةِ بِحَمَاسِهَا لِمُوَاجَهَةِ الغَرْبِ واحْتِلالِهِمْ ؟!

***

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَ عَلى المُسْلمينَ دِيَارَهُم وَأمْنَهُم وَاسْتِقرارَهُم ، وَ أَنْ لا يَجْعَلَ لِعَدُوٍّ مَدْخَلاً عَليْهِمْ
اللَّهُم آمِنَّا في أَوْطَانِنَا وَ أَصْلِحْ لَنَا وُلاةَ أُمورِنَا وَوَفِّقُهم لِما فِيهِ صَلاحُ العِبَادِ والبِلاد

أَخيرَاً .. إِنْ صَوَابٍ فَمِنْ اللهِ وَإنْ خَطأ فَمِنْ نَفْسي وَالشَّيْطَانِ
دُمْتُم بِحِفْظِ الرَّحْمَنِ وَرِعَايَتِهِ
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ