كنت قد تحدثت الأسبوع الماضي عن ديناميكية الخطاب الديني ما أثار كثيراً من التساؤلات لدى بعض القراء تجاه الخطاب الديني ذاته من حيث قدرته على التطور من خلال النقد الموجه إليه من داخل المنظومة الدينية أو خارجها.
والحقيقة أنني مازلت على قناعة على أن الخطاب الديني لدينا أكثر الخطابات الموجودة ديناميكية وقدرة على التفاعل والتطور، برغم السيل الكبير من النقد الكبير الموجه له
ولعل البعد الديني في السعودية وقدرته على التأثير العام على مجاري الحياة بسبب المكانة العالية للدين في نفوس الناس تجعل المسؤولية عليه اكبر من غيره، وهي الحقيقة التي يتعالى عليها الكثير من الكتاب، ما يعني أن أي تغيير فكري أو اجتماعي عندنا يجب أن يكون منطلقه دينيا وارتكازه شرعيا وهو ما يعكس هويتنا.
كما أنني أعتقد أنه برغم التطور الحاصل في الخطاب الديني إلا أن المطلوب منه اكبر من ذلك ومتى ما شعرنا أننا بلغنا الكمال وعدم الحاجة إلى النقد فإن ذلك مؤشر سلبي يجب عدم الركون إليه، والحديث عن نقد الخطاب الديني مثير للحساسية لدى الكثيرين اليوم، بسبب عدم وضوح ماهية التجديد لدى الكثير من المتحفظين على هذا المصطلح، فهناك عدة تيارات تكاد تكون متباينة في فهمها للتجديد، فثمة مدرسة تدعو إلى إعادة التفكير في قدسية النص الديني كبوابة للتجديد، وهناك من يرى إخضاع النص إلى السياق التاريخي للخروج برؤية متوازنة لفهمه، وهي مدارس غالبها خارج النطاق المحلي في تكوينها الفلسفي والفكري.
أما القطاع الأكبر فهو المنادي بتجديد لغة الخطاب ومراعاة متغيرات الواقع الاجتماعية والعالمية مع الإبقاء على قدسية النص وسياقه وفاعليته وتفعيل مقاصد الشريعة لتأخذ حيزاً أكبر في سياق الفتوى والدراسات والبحوث الشرعية والسبب في ذلك أنه مع كل فترة تاريخية يتم إقحام أعراف اجتماعية وقبلية ومفاهيم سياسية إلى الدين ذاته وهو ما يجمد حركة التجديد والاجتهاد الفقهي فيه.
ومن خلال استقراء لنماذج تاريخية أضافت وجددت في الخطاب الديني من خلال الرؤى العقائدية التي طرأت على الدين، كشيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن عبد الوهاب أو الفقهية من خلال تحريرها من المذهبية والجمود نجد أن مفهوم التجديد ليس محدثا وإنما هو مرتكز على نص شرعي يدل في فاعلية هذا الدين واستمرار يته وفاعليته الحضارية، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها".
فلفظة التجديد وردت في الحديث وليس هناك ما يدعو إلى التشكيك في نوايا من يعيدون وينادون بالتجديد اليوم.
http://www.alwatan.com.sa/daily/2006...writers08.html