|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2005
المشاركات: 665
|
عودة الكاتب / أحمد الربعي شفاه الله
.
. بعد غياب دام 6 أشهر عاد القلم المتمرد الكاتب الكبير أحمد الربعي إلى الكتابة مرةً أخرى، وذلك بفضل من الله وحده. __________________________ ![]() عودة القلم المتمرد ستة اشهر توقف فيها القلم عن الكتابة! ستة اشهر من المرض والغربة كنت اشعر فيها برغبة جامحة للامساك من جديد بالقلم! شهية الكتابة مفتوحة كالفضاء وكقلوب الاحبة! لكني كلما امسكت بالقلم بين الصحوة والغفوة يخرج المعلم الحكيم ليصرخ في وجهي ايها الهائم المغترب لا تجزع! وتذكر... أنه «كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة»... والحقيقة ان تجربة الستة أشهر الماضية مع غرفة العمليات والممرضات والشاش والادوية والمشارط والمواعيد الطويلة كفراق العشاق قد أكدت رؤية المعلم فقد اتسعت رؤيتي للانسان وللحياة وللالم ولقراءة كتاب الكون المفتوح، لقد اتسعت الرؤية فضاقت العبارة. أمسك بالقلم فيتمرد كالحصان الجامح وهو الذي كنت اعتقد انني قادر على ان امتطي صهوته برشاقة وخفة، اصبحت الكلمات القليلة النادرة كالعملة النادرة تكفي وتزيد! وأحيانا يصبح الصمت او ما يشبه الصمت يكفي ويزيد! لقد ازددت قناعة خلال الاشهر الماضية بأن الحياة رحلة جميلة اذا فهمنا المعادلة البسيطة وهي أن الألم هو الوجه الآخر للسعادة، وأن المرض هو الوجه الآخر للصحة. وأن الحزن والانتظار الطويل والتعامل مع المجهول هو جزء من ضريبة الحياة التي نريد أن نعيشها بسعادة وطمأنينة. إن من الجنون ان نفقد بوصلة القناعة، وأن نستسلم للألم والمرض والمجهول. وان من الغباء أن نعتقد بامكانية أن نفصل حياتنا على مقاييسنا الخاصة. لقد تألمت فتأملت فازددت قناعة منذ اللحظة التي بدأ فيها المخدر يتسلل الى الجسد لدخول غرفة العمليات بأن هذه العلاقة السحرية بين الجسد والروح لا بد ان نستوعبها ونفهمها، فإذا نجحنا في تقوية ارواحنا في لحظات الحزن والمرض والانكسار، أصبحت اجسادنا اكثر قدرة على الاحتمال واقوى بكثير مما نعتقد! ان الانسان هو الذي يقرر بفهم هذه المعادلة بين الروح والجسد، بين إرادة التحدي وبين مشارط الاطباء وغرف العمليات ودفن الاحبة في المقابر، وبين إرادة السيطرة على الذات والتمسك بروح التفاؤل والابتسامة مكامن القوة الهائلة في داخله! في أجواء اختلط فيها مرض الجسد بمرض الغربة كانت الاتصالات تنهال من كل جانب، الرسائل والفاكسات والزهور التي تملأ الغرفة، كان الشعور بأن الانسان ليس وحيدا وأن قلوب الاحبة وحتى اولئك الذين لا يعرفهم ودعواتهم تحيط به من كل جانب يدفع الانسان الى الشعور بالقوة وبالقدرة على المواجهة. لقد شعرت في لحظات كثيرة ان هؤلاء يشاركونني بعض الألم، لقد تخيلت بعضهم وقد دخل معي الى غرفة العمليات. وفي لحظة نادرة جاءني ذلك المتمرد سمعت خطى فرس ابي الطيب المتنبي كان يردد وكنت اردد معه: وفي الأحباب مختص بوجد وآخر يدعّي معه اشتراكا اذا اشتبكت دموع مع خدود تبين من بكى ممن تباكى إنها علاقة لا يعرف كنهها الا الضالع بعلم المحبة. والعارف لعلاقة الاشتباك والاشتباه بين الخدود والدموع. وكنت احمد الله ان كل من اتصل وسأل وصلى وتألم كان في قائمة الباكين لا المتباكين. إنها القاعدة، قاعدة المحبة والانسانية التي لا تؤثر فيها الاستثناءات. لقد أكدت تجربة الاشهر الماضية صحة كل ما كنت اقوله لطلبتي طيلة السنوات الطويلة حين كنت أحرضهم على الحياة، احرضهم ان يتحدوا الألم وأن يعيشوا الامل. أحاول ان اشرح لهم بلغة بسيطة ان الخير هو القاعدة وان الشر هو الاستثناء. ان التفاؤل والتمسك بحبل الامل هما القاعدة وان التشاؤم والتبرم والجزع والحزن هو الاستثناء! لا احد يستطيع ان يعالجك حتى لو ذهبت الى اعظم الاطباء اذا كنت ضعيفا مستسلما. لا احد يستطيع ان ينقذك من الحزن حين تدفن اعز احبابك سوى روحك المشبعة بالقناعة وبفهم المعادلة الدقيقة بين الروح والجسد! كثيرون يقتلون انفسهم بأنفسهم ينتحرون ببطء حين يستسلمون للحزن وللألم. كثيرون سجناء واسرى لارواحهم المضطربة، يرفعون راية الاستسلام امام أول هزة او مشكلة او كارثة حتى لو كانت صغيرة! لا أحد يستطيع ان يجعلك قويا سوى ان تنظر في مرآة نفسك وتتحدى ترددك وضعفك. وتنفخ الروح في كل ما هو انساني فيك! تقوية الارواح هي القوة الحقيقية لشفاء الاجساد من الالم والحزن. نعود للقلم ـ بنصف لياقة ـ كما يقول الرياضيون، لكنها العودة ـ البديل للتأمل والتألم دون المشاركة. محاولة متابعة ما يؤلم وما أكثر ما يؤلم في حياتنا التي اذا تفرجت عليها حزنت، وإذا شاركت في أحداثها ازددت حزنا! . . م ن ق و ل |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|