[سفيرالمحبه]

من ينظر الى واقع مجتمعنا السعودي قبل عقد من الزمن أو يزيد قليلاً ، يجد ه من أكثر المجتمعات انغلاقاً
ولكن في الفترة الأخيرة حصل الانفتاح الذي بوجوده وجد الرأي الآخر ، وأزعم أن ذلك يعود لعاملين :
أ- سلوك الدولة منهجاً آخر ( أكثر حكمة ) حيث تم احتواء المنتقد أو المعارض وقبوله مع توجيه بسيط يعتبر في مقام الضرورة ليتسنى له التعبير عمايريد
ب- وجود وسائل التلقي والمعرفة المختلفة ، سواء أكانت الفضائيات التي جعلتك تجوب العالم من شرقه الى غربه في دقائق ، أم شبكة المعلومات التي استطاعت أن تخلق لصوتك مكاناً كما أوجدت لغيرك مكاناً لتسمعه

فلا القمع الذي أنتج أعداء سيفيد ، ولا التعتيم السابق سيحقق نفعاً

في المقابل الفرد السعودي أصبح مع تلك المتغيرات في وضع مختلف عن السابق حينما كان ينتابه الذهول حال قرائته لكتاب يخالف أفكاره فبامكانه اليوم أن يناقش ملحداً في اقصى الأرض أو متطرفاً على الطرف الآخر من هذه المعموره أو أي مخالف أياً كان
وليس من الغريب علينااليوم أن نجد من يخالفنا في مسلماتنا أو ثوابتنا الغير قابلة للنقاش لا بل ويحاور عن قناعة ، ومن هنا تتأكد أهمية معرفة أبجديات الحوار والنقاش البناء ، والتعامل مع هذا الانفتاح بشكل أكثر وعياً

فقد يكون أقبح شيء جناه المجتمع السعودي من الانغلاق في الفترة السابقة هوالنفرة من المخالف وعدائه منذ الوهلة الأولى ، وهذا ماجعلنا نرى الشخص يحول الحوارالى جدل والنقاش الى مهاترات
وأحياناً يصل الأمر بالبعض أن يجعلك تهرب من الحوار حفاظاً على ودية العلاقة بينكما ، كون نقاشك له سيحدث ترسبات سيئة داخل قلب صديقك العزيز ، أو أحياناً للحفاظ على كرامتك !
وهنا يتبادرالى ذهني مشهد رأيته اذ بان زيارتي للبنان في الصيف قبل الماضي ، حيث ذهبت مع صديق لي من سورياالشقيقة وهو كاتب سابق بجريدة الجزيرة ، وكان أهم شيء في جدول تلك الزيارة أن نزور الجنوب حيث تحرر قبل فترة وجيزة من أيدي الصهاينة، فقمنا بزيارة أحدالرافضة التي تجمعنا به نوع صداقة كي يرافقنا الى الجنوب ، دخلنا في بيته واذا به يعرفني على د. نبيل فياض وهو علماني يفتخر بعلمانيته ، وآخر مسيحي ماروني ، اضافة الى زوجة مضيفنا وهي رافضية أيضاً
وأنا وصديقي نشرف باعتناق مذهب أهل السنة والجماعة ، لك أن تتخيل التركيبة الغريبة للجلسه ، ولك أن تتصورماسيصل اليه الحوار من ندية واثارة ، تصور رغم حرارة الحوار الا أني لم أسمع كلمة تخرجه الى مدار الجدل ، أوعبارة تحوله الى مسار التجريح
نعم ادرك أن لبنان تركيبة متعددة الطوائف والنحل ، وان وضعها مختلف عن مجتمعنا الذي يسلك تقريباً منهجاً واحد ، الا أن هذا لايمنع من الاعتراف بقصورنا في الحوار
فالعلماني في مجتمعنا كثيراً ماينادي بالحوار وضرورته ، وحال ماتقرأ طرحه أو تشاهد حواره تشتم أن الطرح قد تحول الى تصفية حسابات ، أو الى محاولة نيل من أشخاص أوفئة معينة
وعلى النقيض الآخر هناك بعض المتسمين بالسلفية ، يحاولون رفض الفكر الآخر اما لكونه ( كافراً ) ولا سمع لكافر أو لأنه يعارض آيات وأحاديث ومن يعارض نصوصنا أعلنا له العداء ، أو لغير ذلك من الأسباب التي تجعلهم يخرجون عن منهج الدعوة الى منهج الاتهام وعن منهج التبليغ الى منهج الرفض للآخر
ونتاج ذلك واضح اما على وسائل الاعلام المختلفة أومن خلال المنتديات التي ترى فيها تراشقاً لايرقى ولا حتى الى مستوى الكلام اللائق ، لهذا يجب علينا جميعاً التمسك بأدب الحوار ، وسلوك المنهج الرباني ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) لنحقق سوية الأمل المنشود في رقي مجتمعنا وفكرنا ، ولتكون الحقيقة لا الشتيمة هدفنا
تبقى الاشارة الأخيرة أن كلامي هذا لاينفي وجود كتاب ومحاورين يدفعونك الى فرط الاعجاب ، حتى وان كان اختلافك معهم جوهرياً أو ان شئت كلياً 0

وهذه تبقى رؤية شخصية قاصرة بقصور بني البشر
وقد تكون اضافاتكم وتعليقاتكم أساساً لاتمام الفكره

تحياتي