[زهير العمري]

( هذا المقال نشر في جريدة الوطن في 8/11/2007م , ورغبة مني في إثراء الموضوع مع المهتمين بشأن التعليم العالي في المملكة عاودت طرح مقالي هذا عبر منبر بريدة سيتي المنبر الأميز ـ من وجهة نظري ـ في المنتديات الإليكترونية ) .

إن الحديث عن السلم المالي لأعضاء هيئة التدريس لهو حديث محزن، فالسلم المالي ضعيف جداً لا يرقى لمن هم يمثلون أعلى المراتب العلمية في الدولة، فلقد طرح الكاتب "عبدالله دحلان" في عدد "الوطن" 2494 تساؤلاً مهماً: "متى سيعلن عن الكادر الوظيفي الجديد لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية؟"، وفي هذا المقال عقد مقارنة بين ما يتقاضاه الأكاديمي السعودي وما يتقاضاه أعضاء هيئة التدريس في دول الجوار وبالتحديد في دول الخليج، ولقد عقب على هذا المقال الدكتور "حمود أبو ظهيرة" في عدد "الوطن" 2587، وعقد مقارنة ثانية بين السلم المالي لأعضاء هيئة التدريس في السعودية، وبين السلم المالي لبعض شرائح المجتمع السعودي المختلفة، وإني لأشكر الكاتب على اختياره لهذا الموضوع الذي يهم التعليم العالي كثيرا، إذ أصبحنا نلحظ تسرب أعضاء هيئة التدريس من جامعاتنا الحكومية إلى جامعاتِ خليجية أو إلى القطاع الخاص، وأشكر الدكتور على تفاعله وصراحته وإثرائه للموضوع على الرغم من بُعد الفترة الزمنية بين المقالين.
وإني في هذا المقال سأطرح محوراً ثالثاً غير المحورين السابقين، ألا وهو يتمثل في مقارنة السلم المالي للأكاديمي المتعاقد، والسلم المالي للأكاديمي السعودي في جامعاتنا.
إن الأكاديمي المتعاقد لدينا عندما نستعرض سلمه المالي بالإضافة إلى البدلات، والمكافآت، والحوافز، نجد أن مجموع ما يتقاضاه يفوق الأكاديمي السعودي ؛ فالأكاديمي المتعاقد يتقاضى الأستاذ المساعد مثلاً ما يتجاوز السبعة آلاف وخمسمئة ريال، ولكن هناك بدل أثاث يبدأ من ثمانية عشر ألفاً، ويصل إلى خمسة وعشرين ألفاً، وكذلك يحصل على بدل سكن سنوي يصل إلى خمسة وعشرين ألفاً، ويحصل على بدل تذاكر كل سنة له ولعائلته، وكذلك يحصل على مكافأة نهاية الخدمة تقدر بنصف شهر عن كل سنة إذا كان قد أمضى خمس سنوات فأقل، أما إذا كان تجاوز الخمس سنوات فإنه يتقاضى شهراً عن كل سنة.
أما الأستاذ المساعد السعودي فإنه يتقاضى أول راتب (11000)، وهو محروم من البدلات السابقة الذكر التي يحظى بها الأكاديمي المتعاقد.
ولو أردنا أن نحسم هذه المقارنة لحسمناها لصالح الأكاديمي المتعاقد؛ وذلك لأن أغلب الأكاديميين المتعاقدين من دول أقل منّا من ناحية فارق العملة ومتطلبات الحياة التي ينتمي إليها المتعاقدون، ولوجدنا أن ما يتقاضونه في جامعاتنا يساوي ما يتقاضاه الوزراء في بلادهم، ولذلك كان من الأولى أن تكون عملية الإحلال "السعودي بدل من المتعاقد" أكثر وأوسع؛ لأنه يوفر على الدولة الكثير من المصاريف والأمور الإدارية الكثيرة من موظفين ومال وجهد... إلخ، ولقد نشرت صحيفة الرياض في عددها 114116، مقالاً للدكتور " جمعان عبدالكريم" أبان فيه بالأرقام أن الأكاديمي السعودي هو الأقل دخلاً في العالم، بل ذكر أن المعلم في المرحلة الابتدائية ما يتقاضاه يفوق الأستاذ المساعد في جامعاتنا، والفرق بينهما أن معلم الابتدائي توقف عند مرحلة البكالوريوس وتفرغ للخدمة في مجال التعليم العام، أما الأستاذ المساعد فقد ضحى بأغلى سنين عمره، واغترب خارج حدود وطنه من ست إلى سبع سنوات ينهل صباح مساء من المعارف ليفاجأ بعد عودته بأن ما يتقاضاه لا يشجعه على الإنتاجية أو حتى البحث والاطلاع.
وأخيراً أجد ما أعلنته وزارة الصحة ونشرته الصحف المحلية من إقرار رفع رواتب الأطباء السعوديين العام المقبل؛ لإيقاف ظاهرة تسرب الأطباء إلى القطاع الخاص ما هي إلا بادرة آمل أن تحذو حذوها تلك اللجان التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ لدراسة الكادر المالي لأعضاء هيئة التدريس، ولكن المؤلم أن هذه اللجان لم تصدر أي توجيه حيال هذا الموضوع، ولم تخرج لنا بأي قرار منذ ذلك الوقت.. ومازال السلم المالي لأعضاء هيئة التدريس على قائمة الانتظار.
زهير حسن العَمري