بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » السينما.. ثقافة المُمانعة لا سياسة المناعة

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 23-06-2009, 10:07 AM   #1
فارس تميم
عـضـو
 
صورة فارس تميم الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
البلد: بريدة
المشاركات: 50
السينما.. ثقافة المُمانعة لا سياسة المناعة

تأبى الهدايةُ أن تُصــافح أمّـة *** ترضى الهوان وتـألفُ الإذلال

ركبوا مـتـون العاصفات وشأننا *** أن نــركب الأوهام والأموال

كم والله يؤلمنا ، ويُقضّ مضاجعنا ؛ هذا العداء البغيض على الفضيلة ، والمحاولات الجادّة لنشر أعلام الرذيلة ، والتي يتكالب على القيام بها ، وحمل ألويتها ثُلّةٌ خبيثةٌ ممّن يدّعون الانتساب إلى قيمنا ومبائنا .. وهي - بكلّ حقّ - براءٌ منهم ..

لن أقِفَ في الأسطر التالية مع خطر السّينما ، وما أثارته في أقطار بلداننا العربيّة والإسلاميّة من بلايا وفتن دينيّة واجتماعية واقتصادية وأخلاقيّة وغيرها ، فهي من المعلوم بالضرورة لدى كلِّ عاقلٍ مستبصر ، تجرّد من هواه ، وانقاد للحقّ الذي يُمليه عليه ضميرُه ، ويستوجبه دينُه لله ربّ العالمين - سُبحانه وتعالى - .. وقد كُتِب فيها الكثير ، فلا نُسطّر مكروراً ، ولا نُذيعُ مشهوراً ، ولكن قبل البدء ؛ استبيحكم عذراً - أيّها الأكارم - إن وجدتم قسوةً في العبارة ، أو مُبالغةً في الإشارة ، فما ثمَّ إلا قلبٌ غيورٌ على حال أمّته ، مشفقٌ عليها ، ورحم الله الشيخ علي الطنطاوي حيث قال : ( إن وجدتم في الكلمة صراحةً فلا تلوموا الطبيب ؛ فإنّه يصِفُ المرض ليُعيّن الدواء ). [ بغداد ذكريات ومشاهد 63 ]

ولي هُنا وقفاتٌ وتأمّلاتٌ ؛ أُجملها في النّقاط التالية :

أولاً : إنّ ممّا ينبغي أن يُدرك يا كرام : إنّ ما نعيشُه من دعاوىً صارخةً بإحياء السينما وتعميمها في سائر مناطق المملكة ، ليست مخالفةً لشرع الله فحسب ، ولا هي ضربٌ لأنظمة البلد عرض الحائط ( الذي يُقرّ الكتاب والسنّة دستوراً للبلاد ) وقد صدرت بذلك التعاميم التي تمنع منها وترفضها - كما لا يخفى على شريف علمكم - ..!! إنّنا - يا سادة - أمام مشروعٍ تغريبيٍّ يستهدف دين البلد ، وعقيدة أهلها ، وإيمانهم الراسخ بالله - تعالى - ، وتحكيمهم لشرعه الكريم ، ودينه القويم ، ونهجه الحكيم ..

اللّافت للنظر هذه الكرّة ؛ أنّه جاء برعاية أبناء البلد ، ومُباركةٍ نكدة مِن بعض مَن أنعم الله عليهم فلم يشكروا نعمة الله ، ولم يقوموا بواجبها حقّ القيام .. فليتقِ الله تعالى أولئك القوم ، وليخشوا مكر الله ، وليحذروا من سخطه وعظيم عقابه ، فإنّهُ تعالى يُمهل ولا يهمل ؛ وقد جرت سنّته وحكمته البالغة أنّه لا يُعاجِل بالعقوبة ، فلا يأخُذ إلا على حين غرّة ، وإذا أخذ الظالم لم يُفلته .. وليتّقوا دعاء الصالحين ؛ فإنّ لله تعالى عباداً قد أطالوا نصب أقدامهم بين يدي الحقّ تعالى ، لا تُردّ دعواتهم ، ولا تُخيّب طلباتهم ، يغضب الربّ لغضبهم ، ويرضى لرضاهم .. فحذارِ حذارِ ..

ثانياً : إنّ ما نراه ونعيشُه من هذه الظروف العصيبة التي تعصف بنا وبمن حولنا من الأمم ، لهي نذيرُ بلاءٍ ؛ يجب أن يحمله العقلاء ومن سواهم على محملِهِ .. فلقد كُنّا نقول في سالف الأزمان: هاهي البلدان من حولنا تتلقّفها الزلازل ، وتدمّرها البراكين ، ويُهلك الله - تعالى - بعض من فيها بما يشاء من جنوده ، وهانحن الآن وبعد مدّة لا تتجاوز الأشهر القليلة من بدء هذه السينما الخبيثة ، نُفجأُ بتلك الزلازل التي أصابت بعض المناطق في بلادنا المُباركة ، ولكنّها - بفضل الله ومنّته - لم تُسفر عن وفيّات أو أحداثٍ تُذكر ، ولقد نما إلى أسماعنا ما لم نعهده من غازاتٍ لا يعرفها أبناء قُطرنا في الجزيرة ، لا نحسب إلا أنّها من جنود الله تعالى .. ثم ابتُلينا - بعد ذلك - خلال الأيّام القليلة الماضية باقتحام " مرض انفلونزا الخنازير " لبلادنا ، والتي كُنّا نظنّ أنّنا منها في مأمن ، ولكن قدرة الله تعالى فوق كلّ اقتدار ، وإرادته فوق عزم البشر ، ومشيئتُه نافذة لا تردّها برامج وقائية ، ولا مشاريع علاجيّة ، إلا أن يشاء ربّي - تعالى - ، قد وسع ربي كل شيءٍ رحمةً وعلماً ..

وليُعلم - يا أكارم - : أنّ هذا ليس إلا نزراً يسيراً لا يُذكر من قوّته تعالى واقتداره ، وابتلائه لعباده ، وعقوبتهم على ما كسبته أيديهم ، واقترفته جوارحهم ؛ قال - جلّ ذكره - في محكم آي الكتاب : { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ * وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ } [ الشورى : 30 – 31 ] .

ثالثاً : وهي همسةٌ في آذان أولئك الذين لا نشكّ في صدقهم ، ونصيحتهم للأمّة ، وتاريخهم الحافل بنُصرة قضاياها ؛ فلقد تنادى بعض أهل العلم والفضل ، بمُصطلحٍ قد ألبسوه لبوس الخير ، فلبّسوا به على النّاس ، ولربَما كان ذلك بحسن ظنِّ منهم ، ورغبةَ في الإصلاح ، حيث دعا بعضهم إلى " ثقافة المناعة ، لا سياسة المنع " ، يسهّلون بذلك قضيّة دخول السينما ، والتعامل معها باعتدال - زعموا - !!

فأقول : مهلاً يا كرام ما هكذا تُوردُ الإبل ، ولا هكذا تُبنى مشاريع الإصلاح في الأُمّة ...!! فنحنُ لا ندعو إلى إهمال المناعة ، وتحصين العقول ، وزيادة ترسانة الوعي لدى الفرد ، ولكنّنا نُمانع أن يمتدّ هذا المصطلح ، لينضوي تحت لوائه ما لا يقبله شرعُنا الحنيف ، فلئن قُصِد بها ؛ فتح باب الحريّة لمستوردات الخارج الثقافيّة والفكريّة والأخلاقيّة ، ثمّ ندّعي أنّنا قد حصّنّا ثغورنا المُجتمعيّة ؛ فهذا لا يقبله عاقلٌ ناصحٌ للأمّة ، صادقٌ في دعوى إصلاحه ، إلا إن غطى الجهل بالواقع على نظره ..!!

أيُّها السادة الأكارم : إنّ المنهج الشرعي المؤصّل يُقرّر قاعدةً عريضة ، لابد أن تكون واقعاً مُعاشاً في دُنيا البشر ، وحقيقةً ملموسةً يتداولها الناس ؛ إن الله تعالى قد أرسل رسله ، وأنزل كتبه ، وسنّ شرائعه في الأرض ، وأقام سوق الجنّة والنّار لإقامة حقيقة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، ورأس المعروف التوحيد ، ورأس المنكر الشرك ، ويليهما ما دونهما مما هو معلوم .. وبهِ يتبيّن أنّ المنهج الشرعي هو - إن صحّ التعبير الحادث - : " ثقافة الممانعة " ؛ فالممانعة هي السبيل الشرعي لمواجهة مدّ الطُّغيان ، وهي الجادّة المسلوكة من قِبل أنبياء الله - تعالى - ورسله مع أقوامهم ، وهي الطّريق الذي سار عليه أتباعهم ، ومن اقتفى نهجهم ، بل لقد كان مُجانبة هذا السبيل سبباً في حصول الكوارث والمصائب ، قال ربُّنا تعالى : { فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } [ هود 116 – 117 ] ؛ فعِ هذا الأمر جيّداً أيُّها المبارك ، واستحضرهُ لمُقارعة الحُجّة بالحجّة .

إذا اتّضح الصّواب فلا تدعه *** فإنّك كلّما ذقتَ الصوابا

وجدتَ لهُ على اللّهوات برداً *** كبرد الماءِ حين صفا وطابا

وليس بحاكمٍ من لا يُبالي *** أأخطأ في الحكومة أم أصابا !!

رابعاً : نشُدّ على أيدي أولئك الغيورين ، والشبَبَة المحتسبين ، وطلبة العلم الصادقين ، والعلماء الراسخين ؛ وكلّ من وقف ضدّ هذا البلاء الخطير ، والشرّ المُستطير .. فهذا هو والله فريضة الزمان ، وواجب الوقت ، حيث هُم بأفعالهم المباركة الرشيدة ، يرفعون عن الأمّة فرضيّة الكفاية ، ويكفّون عنها ؛ بأس الله تعالى ، ومعاجلته بالعقوبة لمن جاهر بمعصيته ، وليتذكّروا قول الباري - جلّ في عُلاه - في تنزيلِهِ : { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } [ الأعراف : 165 ]. فليهنأوا برحمة الله تعالى ، وليبشروا بعظيم فضله ، وعموم منّته عليهم ، ولا يلتفتوا لدعاوى فساد الزمان ، وهلاك النّاس ، واقتحام المعاصي والمنكرات لحياة البشر ..

إذا ربطنا بربّ الكونِ أنفسنا *** فما الذي في حياةِ النّاس نخشاهُ ؟!!

فعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : «لا تَزالُ طائفة من أُمّتي على الحق ظاهرين إِلى يوم القيامة» [ أخرجه مسلم ]. وأحسب أنّ الأمّارين بالمعروف والنهّائين عن المُنكر هم دعاة الحقّ ، وأصحابه ودعاتُه ، نصرهم الله تعالى ، وأظهر أمرهم ، وأعلى شأنهم ، وسدّد رأيهم وأمرهم ؛ ولله درُّ الإمام ابن القيّم - نوّر الله مضجعه - حيث قال في [زاد المعاد 3/5 ]: « جهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار، وهو جهاد خواص الأمة، وورثة الرسل، والقائمون به أفراد في العالم، والمشاركون فيه والمعاونون عليه وإن كانوا هم الأقلين عددًا ؛ فهم الأعظمون عند الله قدرا » .

وختاماً .. نسأل الله تعالى أن يهيئ لهذه الأمّة أمراً رشَداً يُعزُّ فيه أهل الطاعة ، ويُهدى فيه أهل المعصية ، ويُؤمر فيه بالعمروف ، ويُنهى فيه عن المُنكر ..

المصدر: موقع مجلة العصر
السينما.. ثقافة المُمانعة لا سياسة المناعة / محمد البقمي
فارس تميم غير متصل  


 

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 01:57 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)