[كويتي]

«جان كلود» و.. «عليوي»!!


.. قبل حوالي خمس سنوات، وصلتني مكالمة هاتفية قال صاحبها انه يمثل «القناة الفرنسية التلفزيونية رقم 2» والتي ترغب باجراء لقاء معي في منزلي! وافقت، واعطيتهم العنوان.. فجاءوا! كانوا خمسة اشخاص: مصورين وفنيين ومخرجا بالاضافة الى مترجم من الفرنسية الى العربية وبالعكس -«وبالنظر لكون ثقافتي ليست فرنسية بل... سوفياتية»- ولما دخلوا الى قاعة الجلوس في البيت، وتأكدوا من موقع جلوسي مع المحاور، طلبوا مني ان أدلهم على أماكن نقاط الكهرباء لتوصيل أجهزتهم ثم.. لم افعل شيئا بعدها سوى الجلوس ومراقبة هؤلاء «النصارى الفرنسيين وخصلات ذيول الاحصنة تتدلى من شعور رؤوسهم.. ولمدة عشر دقائق فقط لا غير! تحركوا كما يتحرك النحل وهو ينقل غذاءه، لم أسمع احدهم يصرخ في الثاني أو حتى يكلمه، كان كل واحد منهم يعرف جيدا ماذا يفعل، قاموا بتمديد اكثر من ثلاثين مترا من الاسلاك الكهربائية على السجاد ثم غطوها بالادوات اللاصقة حتى لا يتعثر بها احد، وفي الدقيقة الحادية عشرة كانت صالة المنزل قد تحولت الى استوديو تلفزيوني حقيقي من الاضواء والكاميرات والاسلاك، ثم جلست على مقعدي وجلس المحاور الى يساري، وفوجئت بأن واحدا منهم قد استلقى على ظهره قرب قدمي وقدمي المحاور حاملا ميكرفونات صغيرة -وحتى لا يظهر خلال التصوير- ولا نضطر لوضع المايكروفونات التي نعرفها في ياقة الدشداشة مع سماعة الاذن!! وبعيدا عنا بأقل من متر، جلس المترجم الذي لا تظهر صورته وهوينقل سؤال المحاور بالفرنسية لي الى العربية، ثم ينقل اجابتي بالعربية الى الفرنسية، والمصيبة ان ذلك كله كان على الهواء مباشرة وببث.. حي! استغرق الحوار حوالي ثلاثة ارباع الساعة -ان لم تخني الذاكرة- وكان سياسيا واجتماعيا حول هموم وشجون الكويت وصحافتها.. وأحزابها!! بعد ذلك، أجريت معي العشرات من اللقاءات التلفزيونية والاذاعية اما في مكتبي في جريدة «الوطن» أو في المنزل أو داخل استوديوهات خاصة، وكنت دائما ارى واسمع الآتي من الطاقم الفني الذي حضر لتصوير او تسجيل لقاء مدته عشر دقائق فلا ينتهون من عملهم الا بعد اربع.. ساعات! ماذا يقولون؟.. «بوخالد، وين البطارية مالت الكاميرا»؟! فيرد «بوخالد»... «أوه.. نسيتها في دبة السيارة، ليش ما قلتلي قبل ما نطلع من الاستوديو»؟!.. «عليوي، وين اللمبات 25 أمبير»؟ فيرد شخص آخر يدل شكله على ان اسمه «عليوي» قائلا..«أنا حطيتهم لك على الكشن الوراني في السيارة.. ما شفتهم»؟! ثم.. اسمع واحدا منهم يتمتم بصوت خافت وهو مشغول بتفكيك عقدة «الوايرات» التي تشابكت مع بعضها.. «الشرهة مو عليكم، الشرهة على السختجي اللي يطلع معاكم.. مرة ثانية»!.. وتمر الساعات المهدورة بلا انتاجية لأنها بلا قيمة اصلا عند جماعة من امة «لا إله إلا الله»!


عن جريده الوطن - علامه تعجب - فؤاد الهاشم