|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Feb 2003
البلد: alamod640@live.com
المشاركات: 3,413
|
الـشـيـخ عـبـدالله الـعـريـفـي رحمه الله .. سيرة عطرة وذكريات لا تنسى
[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم
كنت أرمق عيني ابنه عبدالرحمن وهو يقف بجانب جده إبراهيم في أثناء تعزية الناس لهم في مقبرة الموطأ والدموع تملؤها تذكرت دموعه رحمه الله عندما كان يقص علينا قصة الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك حيث لم يتمالك نفسه وتأثره بالقصة فبدأت دموعه تنهمر وهو يقص علينا القصة وما أروعها من قصة وموعظة خرجت من القلب على القلب ، تذكرت حينها تلك النفس المؤمنة الخاشعة ، كنت في موقف لم أستطع أتمالك نفسي فيه . لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ، هذه هي الأيام رحيل وارتحال ، لكن هناك رجال لهم منزلتهم وفضلهم ومكانتهم العظيمة عند الخلق ، فبفقدهم يبكي الرجال ولعل البكاء متنفس لما في النفس من حزن شديد على فقد الرجال العظماء . صباح الاثنين 18/5/1428هـ رحل إلى جوار ربه الشيخ الفاضل المربي أبي عبدالرحمن عبدالله بن إبراهيم العريفي ، وحضر تشييع جنازته خلق كثير من محبي الشيخ عبدالله ومن يعرفه فقد كانت جنازته مشهوده ، ولا غرابة في ذلك فالشيخ رحمه لله رحمة واسعة كان له فضل عظيم على كثير من الناس ممن حفظ القرآن وتتلمذ على يديه الكثير والكثير من طلبة حلق تحفيظ القرآن وكان إلى وفاته مدرساً في مجمع حلق جامع الراجحي . كان لي شرف التتلمذ على الشيخ عبدالله في حلقة تحفيظ القرآن لمدة سنتين كاملتين قبل أربعة سنوات تقريباً ، وكانت بحق سنوات لا تنسى تعلمت فيها الكثير والكثير من هذا الرجل العظيم وحصل معها ذكريات لا تنسى أبداً ولا زالت محفورة في ذاكرتي ، ضحى الشيخ بالكثير والكثير من أجلنا وما أكثر القصص في ذلك . سيرة الشيخ سيرة عطرة أسردها باختصار ، حفظ الشيخ عبدالله القرآن في سن مبكرة وكان ضمن الدفعات الأولى لحفظة كتاب الله في بريدة فيما أذكر أنه تخرج ضمن دفعة عام 1412هـ ، بدأ في التدريس في حلق القرآن وهو في المرحلة الثانوية واستمر حتى تخرجه من الجامعة تخرج على يديه في هذه الفترة الكثير من حفظة كتاب الله وهم الآن أئمة مساجد معروفين ، عين الشيخ عبدالله في حفر الباطن لمدة ثلاث سنوات ثم نقل إلى الرياض ومضى فيها سنتين ثم نقل بعدها إلى القصيم إلى قرية الفوارة وقصيبا حيث كان يتردد عليهما من بريدة ، وعندها رجع الشيخ عبدالله للتدريس في الحلق حيث كنت من طلابه طيلة سنتين كاملتين ثم بعدها انتقل إلى الرياض لدراسة الدبلوم في علم القراءات لمدة سنة ثم رجع إلى بريدة وعين في ثانوية زيد بن ثابت لتحفيظ القرآن الكريم ومدرساً لحلقة الطلاب الجامعيين في مجمع حلق الراجحي ، اشتهر الشيخ كثيراً بإجادته للقراءات وقدم دورات كثيرة في ذلك وعرض القرآن بعدة روايات ، وعرض عليه الكثير من الحفاظ . مآثر كثيرة لا يمكن حصرها عن الشيخ فلو تكلمت عن المآثر والفضائل فلا أظنني سأعطي ولا قليلا ً من المفترض أن يقال عنه رحمه الله فلا أدري هل أتكلم عن تضحياته أو عن بذله وعطائه أو عن سخائه أم أتكلم عن مربي عظيم أم عن ماذا عساي أن أقول ، مواقف كثيرة عشتها مع هذا الشيخ الفاضل ، كان الشيخ رحمه الله أثناء تدريسه في بلدة الفوارة والتي تبعد عن بريدة 160 كلم مع شدة التعب والإرهاق من هذا الترداد كان لا يتوانا في الحضور للمسجد قبلنا نحن الطلاب وفي بعض المرات كان لا يذهب إلى بيته فكان يأتي إلى مسجد الحلقة مباشرة فيقابلنا بابتسامته المعهودة وبحرصه الكبير على كل طالب وكان يحرص أن يسمع من كل طالب ، بالفعل طاقة يندر وجودها هذه الأيام ، وكان إذا خرج منا يذهب إلى جامع الراجحي لإكمال عرض القرآن على الشيخ سامح . لخمس سنوات متتالية كان الشيخ رحمه الله يشارك في التسميع في دورة الضبط التي تقام في بداية العطلة الصيفية هذا غير دورات التجويد التي كان يقدمها للطلاب في الدورة ، كنا تخجل من أنفسنا عندما كنا نتقاعس في الحضور لتلك الدورة لأنها في الصباح وشيخنا أبو عبدالرحمن تراه مقدام لمثل هذا الخير فكان يسمع للطلاب الذي يدرسون الحلقات . ولا أذكر أنه تخلف يوم واحد عن هذه الدورة . أما عند الدبلوم الذي درسه بمدينة الرياض في علم القراءات فقال لي شخصياً أنه لم تنقصه طيلة دراسته إلا درجات قليلة جداً وكان يتمنى لو حصل عليها كاملة . الشيخ أبو عبدالرحمن رحمه عنده أسرة وأولاد ومع ذلك يضحي ويحرص على متابعة الحلقة عن كثب فالرحلات لا تنقطع أبداً مع كثرة مشاغله وارتباطاته حيث كان همه الأول والأخير هؤلاء الطلاب ، كان يربينا بأفعاله قبل أقواله كان نعم القدوة والمربي رحمه الله . بفضل الله تعالى ثم بفضل الإخلاص والنية الصادقة فقد كان أغلب أئمة المساجد بحي الفايزية وخارجها وأغلب مدرسي الحلق هم من طلبة الشيخ أبو عبدالرحمن والجميع يفخر بهذا الشيء ، فعلاً سيجد هذا العمل عند ربه ولا يضيع ربك أجر من أحسن عملاً . أما عند بذله وسخائه فحدث ولا حرج ، فمكافأة تدريس الحلقة كان يصرفها كاملة على أنشطة الحلقة وبرامجها هذا غير الذي كان يدفعه من ماله الخاص . أما عن طرافته وخفة ظله فالكلام يطول في ذلك ، فلا يمكن أن تمل مجالسته والسماع إلى حديثه وإلى طرافته فلقد كسب قلوب الجميع بما يملكه من لين جانب وطرافة وخصوصاً أثناء لعب كرة القدم . لا زلت أتذكر تلك السفرة الخاصة الذي رافقته بها مع مجموعة من الشباب إلى مكة المكرمة لأداء العمرة في العشر الأواخر من رمضان ، فمع شدة التعب والإرهاق والازدحام وفي حر الظهيرة تجده رحمه الله لا يقول تعبت أو أريد أن أرتاح مع أنه صائم لذلك اليوم وأغلب الشباب كان مفطراً ، كنت أتعجب كثيراً من حرصه على شدة تحمله طلباً للأجر والثواب من الله . موقف آخر لا أنساه أبداً .. ففي شهر رمضان كان نجلس العصر في أحد المساجد لقراءة القرآن وأنا كنت أخرج في منتصف العصر وفي أحد الأيام عندما خرجت وكانت سيارتي بجانب سيارته ومن حيث لا أشعر صدمت سيارته من الخلف ، فذهبت إليه داخل المسجد وقلت له أريدك قليلاً ولما خرجنا من المسجد قلت له إني صدمت سيارتك من الخلف فقال " هاذي ما تستاهل إنك تخرجني من المسجد والحديد إذا خرب يتصلح " . كان للشيخ رحمه الله أسلوب خاص جداً في القصص وخصوصاً قصة يوسف عليه السلام فمن سمعتها منه لا يمل منها حتى لو أعادها عدة مرات وخصوصاً في إستخراج الفوائد من القصة . في أحد الرحلات مع شيخنا رحمه الله في احد الاستراحات مع أحد حلق المرحلة الثانوية وفي وقت البرنامج المعد في المغرب تغير الجو من هادئ على موجة غبار ورياح شديدة جداً فتوقف البرنامج وبدا الخوف واضحاً على الجميع أما أبوعبدالرحمن فقد ذهب إلى أحد زوايا الغرفة وبدا وجهه متغيراً بعض الشيء وبدأ يذكر الله وبلا انقطاع حتى هدأت الرياح . رحمه الله رحمة واسعة . كان الشيخ أبو عبدالرحمن ينتهج منهج الصراحة خصوصاً في الأمور الهامة وكنت صراحته مقبولة في جميع الأحوال خصوصاً إذا كان يريد مصلحة الآخر . ولا زلت أذكر تلك الكلمات التي أعطاني إياها لكي أكتبها في مجلة الحلقة وهي عبارة عن الأهداف التي يجب أن يضعها طالب الحلقة نصب عينيه وهي خمسة أهداف : 1/ التعبد لله بعبادة هي من أعظم العبادات وهي الجلوس في حلق الذكر وحفظ كتاب الله . 2/ حفظ كتاب الله الذي فيه شرف الدنيا والآخرة . 3/ تعلمه وتعليمه تجويداً وأحكاماً وحكماً إلاهية لا غنى للإنسان عنها . 4/ التربي على ما فيه من عبادات قلبية وبدنية وأخلاق فاضلة . 5/ العيش بين صحبة صالحة تسعى لنيل رضى الله سبحانه وتعالى وتشجعك على ذلك . الشيخ أبو عبدالرحمن رحمه الله اختصر الطرق لطلاب الحلق فهذه هي الأهداف وما أعظمها من أهداف . المواقف مع شيخنا رحمه الله كثيرة جداً ولا أريد الإطالة في المقالة وإلا فللشيخ حق كبير علينا ومهما ذكرنا مآثره وحسناته فلن نبلغ قدره الكبير ومنزلته الرفيعة عند كثير من الناس . اسألوا طلابه في جامع ابن تيمية بالفايزية سواء قبل التدريس أم بعد عودته إلى بريدة . اسألوا طلابه في مجمع حلق جامع الراجحي . اسألوا طلابه في ثانوية زيد بن ثابت ( ابن عثيمين حالياً ) فماذا عساهم أن يقولوا عن أبي عبدالرحمن رحمه الله وعن مواقفهم معه وعن مآثره العظيمة . اللهم اغفر له وارحمه .. اللهم ارفع منزلته في عليين .. اللهم اسكنه الفردوس الأعلى من الجنة .. اللهم اجمعنا به في الجنة مع محمد وصحبه .. ( كلنا سيرحل .. ولكن من سيرحل و رصيد حسناته لا ينقطع إلى قيام الساعة )[/CENTER] آخر من قام بالتعديل العمود; بتاريخ 05-06-2007 الساعة 03:48 AM. |
![]() |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|