بـَيـْن رَدَهـَاتِ الجـَامِعَـة !

في أجواء الجامعة المشحونة ..
نادرًا ما تجدُ دكتوراً رائعاً .. بمعنى كلمة " رائع " !
فأغلبُ الدكاترة وللأسف قد جعل علاقته مع الطلاب .. علاقة عداوة وحرب !
فحينما يُخطئ أحدهم !
يُبادرهُ بقوله .. لن تخطئ مرةً أخرى حينما أدرّسُكَ هذهِ المادة في الترم القادم !
بمعنى .. تراني برسبك !!
يا تـُرى .. ما هُو شعورُ هذا الطالب تجاه الدكتور حينما سمعَ هذه العبارة ؟
أحدهم، وفي بداية الترم، دخل على الطلاب ورفع كراسة التحضير المليئة بالأسماء ..
وقال بصوت عال .. بنظركم أيّها الطلاب هل كل هذه الأسماء ستنجح ؟!
بالطبع الجواب لا، ولكن لمَ تذكرهم بالرسوب والفشل ؟!
سؤالٌ يُحيرني .. لماذا يخلق هؤلاء الكره في قلوب طلابهم ؟
هل ثمّة عاقل يرغبُ في أن يكرهه الناس ؟!
أم يتلذذون بتذليل الطلاب وممارسة السطوة عليهم ؟!
ماذا لو قال الدكتور أتمنى أن تكونَ كل هذه الأسماء ناجحه !
وأتمنى أن يسعدَ الكل ويتفوّق .. ولكن أعينوني على أنفسكم قليلاً !
أيّ جَوّ من الحُب تجاه الدكتور سيكتنفُ قلوب الطلاب ؟
لازالت ذاكرتي المهترئة تحتفظ بصورةٍ لمُحيّا ذلك الدكتور المصري الخلوق عبد الستار
والذي كان طويل البنيه .. نحيل الجسم .. هادئ الملامح .. يَحفهُ شيء من الوقار !
حينما دخلَ علينا أوّل مرة، قال لكي يأخذ الطالب المعلومة بكل بساطة وسهولة ..
يجب أن يكون مُحباً لذلك المُعلم الذي سيعطيه هذه المعلومة ..
كانَ يقول لنا .. يجبُ أن نحبّ بعضنا !
وكانَ يُحاولُ جاهداً -دون تصنع- أن يفعلَ ذلك ..
فقد كان يُساعد الطلاب قدرَ الإمكان ..
ويُعاملهم بكل احترامٍ وتقدير ..
حينها كانَ الطلابُ يلهجونَ بالدعاء كل ما ذكروه ..
وليتَ شعري كم عدد أولئك الدكاترة الذين يُدعى عليهم كلما ذُكروا ؟!
لقد أولعت مؤخراً بالأندلس وبتاريخها ..
وشغفتُ كثيراً بالقراءة فيها، والبحث عن كل ما يتصلُ بها ..
والسبب يرجع إلى أن الدكتور الذي درسني في مادة الأدب الأندلسي ..
كانَ بارعاً في الشرح .. فناناً في الإلقاء ..
كانَ يُحضّرُ لدرسهِ جيداً ..
مما جَعلني أشتاقُ لمحاضراته كثيراً ..
ولا يُحزنني شيءٌ كما يحزنني حينما أرى أن هناك العديد من الطلاب " نائمون " !
أو يعبثون في جوالاتهم .. !
حينَ يحدثُ ذلك، أقرأ في محيا الدكتور التبرم والضجر .. فأحزن !
ففي أحد المرّات، كثرَ عدد النائمين .. وتعبَ من كثرة تنبيههم !
فضجر كثيراً .. وما كانَ منهُ إلا أن أخذَ شنطته وكتبهُ .. وخرج غاضباً !
وقد تبقى من وقت المحاضرة .. الشيء الكثير !
من الأمور الغريبة جداً التي لم أرها طوال الخمس سنين التي قضيتها في الجامعة !
تفاجأت بأن هذا الدكتور أخذ يتغنى أمامنا !
فقد كنا ندرسُ " الموشحات الأندلسيّة " وهي تلك الأبيات التي كانت تُغنى هناك ..
ولها طريقتها الخاصة، ففيها الكثير من الغموض وبعض الأمور الشائكة التي لا تُفهم إلا بالتطبيق !
ولكن كان باستطاعته أن يشرح الأمر نظرياً، وتنتهي المشكلة !
لكنه أبى إلا أن يشرحَ الموضوع تطبيقاً، ويتجاوز كل التقاليد ..
فما كان منهُ إلا أن أخذ يتغنى أمامنا .. !
أيّ حرصٍ على إيصال المعلومةِ كان يكتنفُ رُوحك يا رشود السُلمي ؟!
،
الــنــهــيــمـ ،
ظهر الخميس 24 جمادى الأولى 1429هـ .
__________________
[POEM="type=0 color=#000000 font="bold medium 'Simplified Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]لمتابعتي عبر التويتر أو الانستغرام: @ibradob[/POEM]
آخر من قام بالتعديل الــنــهــيــم; بتاريخ 29-05-2008 الساعة 02:22 PM.
|