[فتى المدينة]

علمتني الحياة أن العيون شواهد .. والأحاسيس كثيرا ما تتبادل ويأتي ذلك عبر الصوت والصورة وجها لوجه ناهيك عن نبرات الصوت والتعبير المكشوف.. إنني أحترمك .. ويجب ألا تقبل خضوعي لك فشتان بين الاحترام والخضوع .. ومن يدرك الفرق فلا خوف عليه من أن يساير المجتمع فردا وجماعة بالطريقة التي يُرضي بها نفسه ويُرضي الآخرين .. لا تعط كل ما يُطلب ولكن احترمني لأنك تحترم نفسك لدى كل الآخرين .. هذا هو عزائي فيما لا تستطيع تقديمه لي بسبب الظروف أو لأسباب تعرفها أنت وتقدرها .
إنها المصيبة أن تطلب مني الخضوع .. والكارثة في اعتقادي أن يكون احترامي لك من قبيل الخضوع .. وأن أتعامل معك من هذا المنطلق الغريب والذي يكمل النقص في ذاتك .. وتُفاجَِأ بآخر يفضحك أمام الخاضعين لك .
هل تعرف سبب الفشل الإداري الذي يعيشه الكثير .. إنه النقص داخل الذات أن يرغب الفرد أن يكون القائد ويعرف كل شيء من منطلق أنه المدير .. أو المسئول .. أو الخبير .. فيأمر وينهى لاعتقاده أنه المدير .. ويفرح في كلمة الصمت أو نعم لما يطلبه ويصير .. ويجهل ضحكات الكثير .. كم من موظف وضع النكتة على طالبي الخضوع لذاتهم .. فذاك يضرب على المكتب صارخا مستصرخا في تكملة النقص أمام الآخرين .. ويتصدر الصحافة في أن يكتبوا عنه .. فقد بات الذليل في وريقات الصحافة مقابل أن ينشروا عنه الكلمات والأكاذيب .. وطار بها عند أهله .. وطلب نشرها في كل مكان .. وكره واستكره وخاصم وباغض من كشفوا حاله وأن التي جاءت به الصحافة كانت بسبب القرابة والصداقة والوساطة ولكنه حتى يومه نائما دون أ ن يفيق .
إن من يحترمك دون الخضوع سوف يكون دفاعك العادل في حضورك وغيابك ولا يرضى عليك إلا الحق .. ولكن من يخضع لك فإنه الخصم الخفي العنيد الذي يرضيك بمجلسك ويناقضك ويخاصمك في مجلس الآخرين .
لا تفهمني كما تريد .. ولا ترض بكل ما أطلب منك .. ولتكن صاحب المنطق في أن تتقبل الواقعي وتفرق بين ما فهمته وما تريد .. وتصحو من غفلتك التي تحارب بها أصحاب المنطق في مجلس تعتقد أنك أنت به المدير !! إن الخضوع يجعلك تقوم بدور الممثل الأهبل تارة .. وأخرى بدور المخرج الذي ينشر أسمه بالخط العريض ليبقى على الشاشة حتى يعرفه الجميع .. ويرضى ويسخط بحسب الظروف الخاصة به في الرضاء على الخاضعين ومحاربة الآخرين .. أنه المكشوف في لحظات غالط بها نفسه .. وتبقى حياته بين القلق والخوف من الواقعيين .. وتصحو نفسه كل صباح كامرأة تقف أمام المرآة للتزين وتقابل الآخرين بوجه غير الوجه .. وتبكي في داخلها ويستمر التمثيل .. ما أغرب أن نجيد الإخراج فلا نرضى بالواقع والحقيقة مع الآخرين .. وإذا قوبلنا بها كان صاحبها من الأعداء .
ويزيد غضبي على قطتي التي داعبتها فأوجعتها .. فردت لي العداء .. فغضبت وعاقبتها لأنها رفضت العفو من ذاك العداء الذي يخصني ولا يخص الآخرين .. إنني أطلب منك الاحترام فقط لأنني إنسان شئت أم أبيت .. فكن محترما مع ذاتك ولا تقبل أو تطلب خضوع الآخرين .. وكيف تطلبه وهو عداء ينقل الوباء !! وكم من الذين يجلسون في مسئولياتهم يعرفوا أنهم غير عارفين بما يعملون غير طلب الوجاهة في أعمال يومية وجهالة غير راضية ولا رضية .. فهل توافقني على أن نحترم بعضنا .. ولا يقبل أحدنا خضوع الآخر .. إنه الاحترام المقبول أما الخضوع فإنه مرفوض .. مرفوض .. ومرفوض .