بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » [ مـيـد ] فـي تـالـي الـلـيـل !

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 24-10-2009, 06:51 AM   #1
الــنــهــيــم
عـضـو
 
صورة الــنــهــيــم الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2003
البلد: بين دفات الكتب !
المشاركات: 11,880
[ مـيـد ] فـي تـالـي الـلـيـل !




من أقبح الأشياء التي مرّت عليّ إبان عزوبيتي ، هي حينما أستيقظ في منتصف الليل أو بعد المنتصف بقليل ، فلا أدري ماذا أفعل بنفسي ، مشاعرٌ غريبة تختلجُ روحي ، فأشعر أني غريبٌ في الكون ، شاذٌ بين الناس ، أكابدُ الليل المظلم لوحدي ، بينما الناس جميعاً يغطون في نوم عميق وسبات طويل ، ولكني أنا وأنا فقط مستيقظ ومفتح العينين .

ما يزيدُ الأمر سوءً هو أني أستيقظ وأنا أتضوّر جوعاً ، وجميع المطاعم والتموينات قد أسدلت ستائرها وغادرت ، ولم يتبقى إلا الظلام يجثو بثقلهِ على شبابيكها ، وهنا يقبض الموقف على أنفاسي ، ويُحكم الأمر على روحي ، فكل شيءٍ أصبرُ عليهِ إلا معاندة الجوع ، ورفض طلباته ! ولذا كثيراً ما أقول له سَم طال عمرك ، وأخرجُ إلى [ ميد ] بتثاقل ، وبعد ترددٍ طويل ، ميد ذلك الذي يُشفقُ على الساهرين أمثالي ، فيشرعُ أبوابه لهم ، ويجهز لهم ساندوتشاتٍ جميلة مغلفةٍ بتغليف جميل ، ثم يقوم بتسخينها لك بالمايكرويف ، لتصطحبَ معك مشروباً يكملُ الوجبة بهاءها ، بيدَ أن شيئاً من الغم لا يزالُ يجثم فوق قلبي ، فلا أزالُ أشعرُ أني وحيدٌ هنا وغريب ، والكل نائمٌ هانئ البال ، مطمئن الخاطر .

بالطبع ؛ أوافق في بعض الأحيان بشراً مثلي قد أتوا إلى ميد ، غير أن أشكالهم تكون غريبة ومريبة ، فهم في الغالب يتمتعون ببراطمٍ سوداء قبيحة للغاية جرّاء إدمانهم للسجائر ، كما يمتلكون عيونٌ حمراء مخيفة ، وشعر متكدشٍ مضطرب ، وقد جرّهم على وجوههم عشق الدخان والهيامُ بهِ ، فهم بحاجة ماسةٍ إلى لثم سيجارة تطفئ صداع رؤسهم ، وتزيل غم قلوبهم – زعموا - .

حينما أنزلُ إلى [ ميد ] أشعرُ أني قد ارتكب جريمة ، ذلكَ أنهُ من المحلات التي اتفق المطاوعة على مقاطعته وهجرانه ، وذلك لمجاهرته في بيع الدخان وألبومات الأغاني ، بيدَ أن مضطرٌ إليهِ ، فلا ثلاجة بيتنا ولا مطبخ منزلنا يحوي على شيء يساهم في إطفاء سعير الجوع ، فيتهادى إلى ذاكرتي أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد توفي ودرعهُ مرهونة عند يهودي ، فأقول يا ألله ، أوا يتعاملُ الرسول مع كفرة وأيّ كفرة هُم ؟ يهود ! ، بينما أنا هنا أؤنب ضميري ، وألومُ قلبي على التعامل مع من نحسبهُ مسلماً إن شاء الله ، ولا نزكي على الله أحدا ، فيهونُ الأمرُ ، ويجلو اللومُ ، فأشتري بخفية ، وألوذُ هربا ، بينما يديّ متشبثة بالطعام كما لو أن أحداً يريدُ أن يسرقهُ مني !

- تمت كتابة هذه التدوينة في تمام الساعة [ 2.25 ] بعد منتصف الليل ، حينما استيقظت لوحدي ، تمرُ فوق رأسي ذكريات العزوبية وشقاؤها ، بينما الجوع يقوم بعزف سيمفونيّة المعهودة دون كلل أو ملل .

- أرجو ألا أكون قد أثقلت عليكم بهذه المقالة ، كما أني أتمنى أن تدونوا معي موافقكم “في تالي الليل” لأشعرَ على الأقل أن هناكَ من البشر من عانى مثلي يوماً من الأيّام .
__________________
[POEM="type=0 color=#000000 font="bold medium 'Simplified Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]لمتابعتي عبر التويتر أو الانستغرام: @ibradob[/POEM]
الــنــهــيــم غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 06:51 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)