[النفس المتحررة]

.

..


...



حينَ كانت النساءُ يتلفعن بالجلباب , ويتزينَ بالحياء, ولايضربن بأرجلهن في الأسواق ليعلم مايخفين من زينتهن , وحينَ كُنّ ذاتِ دينٍ وعفافٍ وأدبٍ , وحينَ كانَت المرأةُ تُسلِم الأمرَ لزوجها وأبيها فيما يخصُ شئون الرجالِ والبيتِ والمعيشةِ , وحين كنَ وكنَ كانت الأمور تسير بببساطة وعفويّة حيث لم تطرق المدنيّة والحضارة أطنابها في مرابعنا , ولم تتغيّر المفاهيم بل والقيم , وكانت الأجواء صافية والعيش كفاف , فلانرى أو نسمع سوى بكاء الخاشعين في الأسحار , وأنات التائبين في الظُلم , ودعوات أصحاب الحاجات في الليل البهيم ...

لكن بعد أن حطت المدنية أقدامها ,وتطاير الناس للبحث عن المادية على حساب الدين والعفاف , وتغيّر ماتغيّر , انقلبت المفاهيم والأحوال وتلبدت السماء بالغيوم , وصار الرجال أشباه رجال , وتولت النساء زمام القيادة , فزاحمن الرجال في كل مجالٍ , وتنافسن على الخلاعة وخلع الحياء والمباهاة بكل دخيل ووافد لايفيد في الدنيا والآخرة , فأصبح سعار الموضة يقتلنا ويفرغ جيوبنا , فماعاد للإنسان قيمته بل هو آلة تطحنة المكينة المدنية ليدر الدراهم والدنانير ..

وأصبحت مظاهر الفسق والمجون تحشرنا , نوم بالنهار وضياع بالليل , لاترى في الليل إلا السائقين والبائعين والنساء يطفن بينهما , فحين يسير الراكب من بيته إلى سوقه يرى في طريقه مايجعل العابد ينسى مصلاه , وغالت النساء في التكاليف وتشططن فشطط الله عليهن , بهرجة بالأعراس ملابس باهظت الثمن , ديكورات زفاف , كوشات بالآلآف , وغناءٌ ورقصٌ يحاكين فيه الشرقيّ والغربيّ بمايتلقفنه من الفضاء السام فصار للرقص موضته كما للباس موضته ولزينة موضتها وحتى للضحكة والكلام بل والمشية موضتها , حفلات بالآلآف تُحرق فيها الأموال حرقاً , فألوف تدفع للمباهاة بالحلويات والفطائر , ومثلها لمن يغير ديكور القصر حتى يقال : حفلة فيها من الديكور لم يسبق مثله , وألوف لأصحاب العصائر , وألوف هنا وهناك , حتى وصل الحال إلى أن يوضع قيمة خاصة بالحفلة بمئات الألوف وأما مهر الزواج فهو خارج الحِسبة ...

كل يوم يخرج لهن تقليعة!!

فمن تقليعة هدية المولد البسيطة التي كانت رمزية إلى أن أصبحت ترهق كاهل الناس فكم مولد قريب لهن سيولد في السنة وشرط كل هدية أن لاتكون كسابقتها بل أغلى وأعلى والموضة لاترحم , إلى تقليعة زيارة المولد وأمه والتي كانت عفوية حتى وصلن إلى أن جعلن من موضتها أن يرمم البيت كله ويزخرف بل ويحضر من الطعام أندره وحتى وصلن إلى بطاقات خاصة لزيارة أم المولود , إلى حفلات النجاح التي بدأت تقام في فنادق وقصور , وهات ياموضة , والطريق طويلُ !!؟

ماذا عسانا نقول ونذكر , وكل واحدٍ يرى بأم عينه ماوصلت إليه الحال , البعض صار يشكي من الحال ولايملك سوى الحوقلة ,والبعض أُجبر قصراً على محاكاة الآخرين فهما خياران لاثالث لهما فإما أن يرفض ويتمنع فيوصف بالمتخلف وينظر له على أنه خارج الزمن , أو يسير ويساير الناس مقهوراً مجبوراً ليخرج من المشكلة ولئلاتطاله ألسنة حداد شداد من هنا وهناك .

من يوقف العربة التي تسير إلى هاوية سحيقة , المجتمع يتمظهر بالرخاء وفي الخفاء يشكو مُرّ الفقر والدين والأقساط , تزادد الحياة صعوبة ويزادد الناس مباهاة وبهرجة لاتنفع غنياً وتضر فقيراً ...

أين أولوا الرأي والمشورة !!؟

هل ذهبوا مع من ذهبوا وصاروا بلاعقول بل أدخلتهم المدنية في مكينتها فطحنتهم فصاروا يشتكون مما يشتكي الناس , أم سكتوا مرغمين لأنه لاحياة لمن تنادي فقد صمت آذان الرجال لأن النساء تولين القيادة ؟؟

أوقفوا النساء !!

عبارة لابد أن يصرخ بها كل من يشتكي أو يرى التهور والسعار الاجتماعي الضارب في البلدان , أوقفوا النساء وليعود الرجل لقوامته وليتدبر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لايفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة ) ولايأخذوه بحرفيته فقط بل يتأملوه جيداً ...

ولايكون الحديث عن النساء وقيادة السيارة , فالمرأة التي بدأت تقود الرجال والمجتمع للهاوية ستقود السيارة لامحالة !!..