بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » مفهوم تيسير الفتوى

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 14-01-2007, 01:08 AM   #1
د. صالح التويجري
إمام وخطيب جامع الروّاف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2004
البلد: السعودية
المشاركات: 261
مفهوم تيسير الفتوى

بسم الله الرحمن الرحيم
(مفهوم التيسر في الفتوى)د/صالح بن عبد العزيزالتويجري/ جامع الرواف / بريدة
خطبة جمعة 22/12/1427
ان الحمد لله
إن من أعظم سمات هذا تيسير الحصول على المعلومة . فالمكتبات تقذف كل يوم بعشرات المؤلفات وشبكات المعلومات مشحونة بالمعلومات . والفضائيات تتنافس في إيصال المعلومة للمشاهد . كل ذلك على مافيه من خير . أحدث نوعاً من البلبلة والحيرة والإضطراب عند المتلقي حيث تزاحمت عليه المعلومات دون أن يكون لدية القدرة على تمييز النافع من الضار حين تضاربت عنده الآراء والأقوال في الأمر الواحد بين متشدد ومتساهل وظهر مفتون في الفضائيات كل يدعي انه الاجدر بفهم الدين وادراك الشريعة وحقائق العلم ولمقاصده وظلت الفضائيات تستقطب من يقدم تنازلات اكثر وفي المقابل اهمل كثير من الناس سؤآل العلماء الربانيين وزهدوا بعلمهم واتهموهم بالجمود والتطرف والتشديد والتضييق وعدم ادراك الواقع والمصالح والجهل بالواقع وهرعوا الى فتاوى المتساهلين لموافقتها الاهواء والتحلل من الشريعة الغراء فحصل بذلك فوضى علمية وتلاعب باحكام الدين بل ولدت مشكلات اجتماعية حين فتحت حوارات بين الاقارب بل والزوجين وفي مجالس العامة تدار معارك كلامية لامرجعية لها ولا آلية ثم تنفض المجالس عن خصومات وعراك والمتفوق فيها صاحب النبرة القوية وليست الحجة العلمية
عباد الله ان الشريعة ليست الغازا صوفية ولا اسرارا كهنوتية ولا طلاسم شعوذة بل هي ميسرة مباشرة يخاطب بها العلم والعامي ولكنها مع ذلك ليست علما سهلا يتسلقه من شاء بل لها ضوابط وقواعد واصول //العلم با لادلة وبمقاصد الشريعة وبمواطن الاجماع والخلاف واللغة العربية والسيرة الحميدة والعقل المتزن اذليست فتوى التيسير اقصر سلم الى الوصول ولا استرضاء الحكام اوالشعوب بل الفتوى توقيع عن رب العالمين بل الله تعالى يفتي ( قل الله يفتيكم ) والانبياء والعلماء فمن هو الجريء على هذا المقام العظيم : والقاعدة الاساس في موضوع التيسير هي (المشقة تجلب التيسير)، عد علماء القواعد الفقهية هذه القاعدة من بين خمس قواعد جميع مسائل الفقه ترجع اليها. المشقة هنا بمعنى الصعوبة. و المقصودة هنا: هي «التي تنفك عنها التكليفات الشرعية، اما المشقة التي لا تنفك عنها التكليفات الشرعية: كمشقة الجهاد، وألم الحدود، ورجم الزناة، وقتل البغاة، والمفسدين، والجناة فلا اثر لها في جلب تيسير ولا تخفيف» ..
التيسير: يرادف التخفيف، فمن ثم اشار الفقهاء الى هذا المعنى عند ذكر اسباب التسير بقولهم (واعلم ان اسباب التخفيف في العبادات وغيرها سبعة وهي: السفر، المرض، الاكراه، النسيان، الجهل، العسر وعموم البلوى، النقص».)
ففي أوج انتشار منهج التيسير في الإفتاء ، عمَد بعض الميسِّرين إلى تكلّف إيجاد مرجعيّة شرعيّة ، و تأصيل منهجيّة فقهيّة فجّةٍ ، تعمَد إلى ما في نصوص الوحيين ، و كلام السابقين ، من أدلّة على أنّ الدين يُسرٌ لا مشقّةَ فيه ، و تتذرّع بها لتبرير منهجها في إختيار أيسر المذاهب ، و الإفراط في التيسير في الفتاوى المعاصرة ، إلى حدٍّ يبلغ حافّة الإفراط ، و يخشى على من وَقَعَ فيه أن يصير إلى هاوية الانحلال من التكاليف أو بعضها ، أو القول على الله بغير علم ، بتقديمه ما يستحسنه بين يدي الله و رسوله .
استدل دعاةُ التيسير بعموم النصوص الدالّة على أنّ التيسير و رَفع المشقّة مقصد من مقاصَد التشريع الإسلامي ، كقوله تعالى :
 يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ
و مثل ذلك استدلالهم بقوله تعالى :  وَ مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ  [ الحج : 78 ] ، متغافلين عن صدر الآية ذاتها ، و هو قوله تعالى :  وَ جَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ  مع أنّه لا مشقّة تفوق مشقّة الجهاد و التكليف به ، فبقي أن يُحمل رَفع الحرج على ما رُفِعَ بنصّ الشارع الحكيم سبحانه ، لا بآراء المُيَسّرين .
و من هذا القبيل ما رواه الشيخان ، عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضى الله عنها ، قَالَتْ : ( مَا خُيِّرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا ،‏ مَا لَمْ يَأْثَمْ ،‏ فَإِذَا كَانَ الإِثْمُ كَانَ أَبْعَدَهُمَا مِنْهُ
فجميع ما تقدّم من نصوص الوحيَين ، و كثيرٌ غيره ممّا يقرّر قيام الشريعة الغرّاء على اليُسر و نفي الضرر ، و رفع الحَرَج ، فهِمَه الميسّرون على غير وجهه ، و حمّلوه ما لا يحتمل ، متكلفين بجَعل التيسير في الفتوى منهاجاً رَشَداً ، وثمة تعليق على فهمهم
أوّلاً : ثمّة فرقٌ لغويٌ بين اليُسر و التيسير ، فاليُسر صفةٌ لازمةٌ للشريعة الإسلاميّة ، و مقصدٌ من مقاصدها التشريعيّة جاء به الكتاب و السنّة ، و أنزله النبيّ صلى الله عليه وسلم و السلفُ الصالحُ منزلَتَه ، أمّا التيسير فهو من فِعل البشر
و الثانيةُ : أنّ التخيير المذكور في الحديث يُحمل على أمور الدنيا لا الدِّين ، و هذا ما فهمه أهل العِلم قَبلَنا ، و قدّ أمِرنا بالردّ إليهم ، و منهم الحافظ ابن حجر ، حيث قال رحمه الله في الفتح : ( قولُه بين أمرين : أي من أمور الدنيا. لأن أمور الدين لا إثم فيها ... و وقوع التخيير بين ما فيه إثم و ما لا إثم فيه من قِبَل المخلوقين واضح ، و أمَّا من قبل الله ففيه إشكال ؛ لأن التخيير إنما يكون بين جائِزَين ) [ فتح الباري : 6 / 713 ] .
ومن المعلوم أنّ الأصل في التكليف ، أنّه قائمٌ على المشقّة المقدور عليها . ولذا سميت التكاليف الشرعية لنوع كلفة اومشقة
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله : ( التشديد تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب ، و لا مستحب ، بمنزلة الواجب و المستحب في العبادات ، و تارةً باتخاذ ما ليس بمُحرَّم ، و لا مكروه ، بمنزلة المحرم و المكروه في الطيبات ، و عُلِّل ذلك بأن الذين شددوا على أنفسهم من النصارى ، شَدَّد الله عليهم لذلك ، حتى آل الأمر إلى ما هم عليه من الرهبانية المبتدعة ، و في هذا تنبيه على كراهة النبي صلى الله عليه وسلم لِمِثْل ما عليه النصارى من الرهبانية المبتدعة ، و إن كان كثير من عُبَّادِنا قد وقعوا في بعض ذلك ، متأولين معذورين ، أو غير متأولين و لا معذورين ) [ اقتضاء الصراط : 1/103 ] .
و قال ابن القيّم رحمه الله : ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشديد في الدين ، و ذلك بالزيادة على المشروع ، و أخبر أن تشديد العبد على نفسه هو السبب لتشديد الله عليه ؛ إما بالقدر ، و إمَّا بالشَرْع ؛ فالتشديد بالشرع كما يشدد على نفسه بالنذر الثقيل ، فيلزمه الوفاء به ، و بالقدر كفعل أهل الوسواس ، فإنهم شدَّدوا على أنفسهم ، فشُدِّدَ عليهم القدر ، حتى استحكم ذلك ، و صار صفةً لازمة لهم ) [ إغاثة اللهفان : 1/132
قول الشاطبي : ( المفتي البالغ ذروة الدرجة هو الذي يحمل الناس على المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور ، فلا يذهب بهم مذهب الشدة ، و لا يميل إلى طرف الانحلال ، و الدليل على صحة هذا أنَّه الصراط المستقيم ، الذي جاءت به الشريعة ، فإنه قد مر أن مقصد الشارع من المكلف ، الحملُ على التوسط من غير إفراطٍ و لا تفريطٍ ، فإذا خرج عن ذلك في المستفتين خرج عن قصد الشارع ، و لذلك كان ما خرج عن المذهب الوسط مذموما عند العلماء الراسخين ) [ الموافقات : 4 / 285 ] .بارك الله لي ولكم .......
الخطبة الثانية .. الحمد لله وحده ....
ويمكن توجيه الاقوال الواردة في شان التيسير ** بما يُروى عن سفيان رَحمه الله قوله (لا يؤخذ منه الترخيص بإسقاط الواجب ، أو تحليل المحرّم ، و لكنّه موجّه إلى ما ينبغي أن يفتيَ به العالم من وَقع في حرَج متيقّن ليعينه على القيام بما وَجَبَ عليه ، لا ليُسقِطه عنه ، و ذلك كثيراً ما يَقَع في باب الكفّارات ، و أداء النذور و نحوها .
قال النووي : ( و أما من صحَّ قصدُه , فاحتَسَبَ في طلب حيلةٍ لا شُبهةَ فيها , لتخليصٍ من ورطة يمينٍ و نحوها , فذلك حسن جميل ، و عليه يُحمل ما جاء عن بعض السلف من نحو هذا , كقول سفيان : إنَّما العلم عندنا الرخصة من ثقة , فأما التشديد فيُحسنه كل أحد ) [ آداب الفتوى للنووي ، ص : 37 ] .
و ننبّه هنا إلى أنّ ما رويَ عن السلف الصالح ، في الحث على التمسّك بالعزائم ، و التحذير من الترخّص المجرّد عن الدليل ، أضعاف ما روي عنهم في التيسير و الترخيص ، و العدل أن يُجمَع بين أقوالهم ، لا أن يُسقَط بعضها ، أو يُضرَبَ بعضُها ببَعضٍ .
قال صاحب الآداب الشرعيّة : ( و نقل المروزي عن أحمد أنه قيل له : لمن نسأل بعدك ؟ فقال: لعبد الوهاب يعني الوراق ، فقيل إنه ضيق العلم فقال : رجل صالح مثله يوفق لإصابة الحق .... و قال الأوزاعي كنا نمزح و نضحك ، فلما صرنا يقتدى بنا خشيت أن لا يسعنا التبسم ... و روى ابن بطة عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى : إن الفقه ليس بسعة الهذر و كثرة الرواية إنما الفقه خشية الله ... و قال الأوزاعي : بلغني أنه يقال : ويل للمتفقهين لغير العبادة , والمستحلين المحرمات بالشبهات ... و قال الشافعي رضي الله عنه : زينة العلم الورع و الحلم ، و قال أيضا لا يجْمُل العلم ، و لا يحسن إلا بثلاث خلال : تقوى الله , و إصابة السنة , و الخشية ) .
فما أحرى العاملين للإسلام ؛ دعاةً و فقهاء و مُفتين أن يقفوا على الحقّ ، و يقولوا به ، و يردّوا عِلمَ ما اختُلِفَ فيه إلى عالمه .
لتكون السبيل محجّةً بيضاء ؛ كتاباً و سنةً ، مع سلامةٍ في الصدر و المنهج .وعلى العامة ان يحسنوا الاختيار لدينهم وان لا يفتنوا الشباب الناشئ فيوجهوا له الاسئلة ويحملوهم على الصعب والذلول فان مزالق الشهوات تكون في العباد في الفساقكل بحسب ما يمكن الشيطان منه
وقال المفتي وفقه الله (، إن التيسير لا يكون بنقض الواجبات وهدم أركان الحج.)
وأضاف أن الحج لا يجوز أن يكون ألعوبة "كل من يفتي على هواه دون الرجوع إلى أقوال علماء الأمة" مبينا أن أعمال الحج مقترنة بالإخلاص وموافقة شرع الله وسنة نبيه مع الاستشهاد بالدليل من الكتاب والسنة أو الإجماع.
وفي ذات السياق أوضح وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ أن التوعية في الحج عمل متكرر من حيث التطوير والتنويع لكنه متجدد وشمولي، وأن الدعوة لابد أن تكون وفق السنة حتى لا تتحول مناسك الحج إلى صفات محدثة متنوعة.
وطالب الدعاة بالتيسير ورفع الحرج على الحجاج فيما لم يظهر فيه دليل، والحرص على براءة الذمة في اصدار الفتوى، وأن يعي الدعاة الكلمة التي يقولونها،
مؤكدين على أن التيسير والتخفيف المشروعين منضبطان بنصوص الشريعة وأحكامها ومقاصدها، ولا يجوز التوسع فيهما بما يؤدي إلى تحريف أحكام الشريعة وتبديلها وتعطيلها، فالتيسير لا يعني الانحلال من أحكام الدين أو إتباع الهوى والتشهي، إلى جانب التأكيد على أن التيسير في الشريعة بعامة، وفي العبادات بخاصة هو الأخذ بالرخصة عند الحاجة إليها، وأداء الواجبات الشرعية بأسهل الطرق المشروعة، وليس معناه التفريط أو التساهل في أداء التكاليف الشرعية.
وأكدوا على ضرورة وضع معيار علمي دقيق ومنضبط لتجلية معنى التشدد وحدوده، حتى نأمن من الوقوع في منزلق تهوين اتباع السنة.
و على ضرورة اتباع منهج الفتوى الجماعية والاجتهاد الجماعي في المجامع والندوات والمؤتمرات الفقهية وبخاصة في الأمور العامة والقضايا الخطيرة المتعلقة بمصير الأمة ومستقبلها، مع الإشارة إلى أن التعصب المذهبي سبب رئيس من أسباب الوقوع في الشدة والمشقة وترك الرخصة والتيسير. ولان تقع في معصية تعرف انك فيها مذنب وتخشى العقوبة وتحدثك نفسك بالنزوع والتوبة خير لك من ان تحتال على الشريعة وتخرج نفسك من اللائمة وتستمر في الذنوب فلا تتوب
هذا وصلوا
__________________
1) الملاحظات.
2) اقتراح موضوع خطبة مع دعمه بوثائق أو مراجع.

الرجاء التواصل عبر البريد الإلكتروني:
saleh31@gmail.com

حفظكم الله ...
د. صالح التويجري غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 06:41 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)